الرئيس المشاط: عندما تتوافر الرغبة والإرادة لدى تحالف العدوان بالمستوى المتوفر لدينا فإن عملية السلام لن تكون صعبة أبداً
يمانيون//
شدد فخامة الأخ المشير الركن مهدي المشاط رئيس المجلس السياسي الأعلى، على أن السلام هو الخيار الأمثل للجميع وأن استمرار الحرب لم يعد حتى في مصلحة دول العدوان ذاتها.
وقال الرئيس المشاط في حوار مع صحيفة “الثورة”، إن العالم بات يدرك أن دول العدوان تورطت وغرقت في مستنقع اليمن وبالتالي كان عليها أن تعيد قراءة الأحداث على مدى السنوات الخمس ومسار المواجهة لتعي أنه يستحيل عليها تحقيق أهدافها، لأن الشعب اليمني قدّم التضحيات الكبيرة، وأثبت أنه قادر على المضي نحو تحقيق الاستقلال وصون سيادة وطنه”.
وأوضح أن الطبيعي أن تدرك دول العدوان ذلك وتنخرط بجدية في طريق السلام.. مضيفاً “بالتعاون المشترك سنتمكن جميعنا من تحقيق السلام”.
وأكد الرئيس المشاط أن الطرف الوطني قدم العديد من المبادرات التي تؤكد رغبة كل اليمنيين الشرفاء في السلام.. معرباً عن الأمل في أن يغتنم العقلاء في الجانب الآخر هذه المبادرات والرغبة في طي صفحة الحرب، وفتح صفحة جديدة تبدأ بالوقف الكلي والنهائي للحرب بكل أشكالها الأمنية والسياسية والعسكرية والاقتصادية، ومعالجة كل آثارها واستئناف علاقات طبيعية تقوم على أساس حسن الجوار، والاحترام المتبادل والمصالح المشتركة وعدم التدخل.
ولفت إلى أن المبادرة التي أعلن عنها عشية 21سبتمبر ما تزال قائمة طالما لم يعلن انتهاءها، مبيناً أن المبادرة كانت واضحة من حيث انها احتفظت بحق الجيش واللجان الشعبية في الرد على أي انتهاكات للعدوان واستمرار الغارات.
وأشار إلى أن الطرف الوطني قدم خلال مراحل العدوان العديد من المبادرات في سبيل تحقيق السلام، كما قدم الكثير من التنازلات خلال المفاوضات التي رعتها الأمم المتحدة بهدف تحقيق السلام العادل والشامل، وبالمستوى المشرف الذي ينشده ويستحقه أبناء الشعب اليمني.. مشدداً على أنه لا يمكن تقديم التنازلات التي تمس سيادة واستقلال البلد على الإطلاق لأن ذلك سيكون تفريطاً وليس تنازلاً إيجابياً.
وأوضح الرئيس المشاط أن مبادرة السلام المعلنة في 21سبتمبر كانت تعبيراً آخر عن رغبة الطرف الوطني في السلام على الرغم من أنه في وضع الدفاع عن النفس ضد عدوان غاشم، مؤكداً أنها ليست تنازلاً لأنها لم تكن دون مقابل، إذ كانت مشروطة بوقف الغارات على نحو شامل، ونصت على الاحتفاظ بحق الرد إزاء أي انتهاكات من قبل العدوان.
وبيّن أن المبادرة أتاحت للجيش واللجان الشعبية ممارسة الحق الطبيعي في الرد طالما أن العدوان ينتهكها، وحجم الرد يتناسب مع حجم الانتهاكات، وقال “مثلما تسمعون عن غارات جوية لتحالف العدوان، فأنتم تسمعون في المقابل أيضاً بعمليات صاروخية وجوية من قبلنا”.
اللقاءات مع السعوديين
وتطرق الرئيس المشاط إلى التسريبات الإعلامية، عن لقاءات مع مسؤولين سعوديين.. مشيراً إلى أن لدى الطرف الوطني تواصلات كثيرة ومستمرة مع دول العدوان والعديد من الجهات الدولية، تكثف في حين وتنكمش في حين آخر، فالتواصل مستمر مع الكثير من الجهات الدولية.
وتابع “هناك بعض التواصلات مع السعوديين وتبادل للرؤى بدأت بعد إعلاننا المبادرة، وهي تواصلات تتسم بالقوة والضعف، وبالمدِّ والجزر، حسب طبيعة الأحداث والتطورات”.
ومضى قائلاً: “نحن لا نغلق أي باب قد يفضي إلى السلام مع تمسكنا بضرورة وقف العدوان ورفع الحصار واستجابتنا دائماً هي للمساعدة على تحقيق ذلك، ومتى ما كانت هناك أي نتائج إيجابية لتلك التواصلات فإن ذلك سيكون ملموساً على الواقع”.
روسيا والصين
وذكر الرئيس المشاط أن هناك تواصلاً مع روسيا والصين، حيث طُلب من الروس وغيرهم القيام بدور، ليس من أجل الحل السياسي في اليمن فقط، بل في إطار الحفاظ على المواثيق والمعاهدات الدولية، لكي لا تبقى رخيصة تدوسها أموال ودولارات النفط الخليجي والعصا الأمريكية.
وأشار إلى أن التفريط أو التساهل في تجاوز القوانين والمعاهدات قد يجعل أي دولة مستهدفة لأن هذا العدوان جاء مختلفاً تماماً ولا يملك أي مسوغ قانوني ولا يستند إلى أية معاهدات أو قوانين دولية.. وقال” صمت الروسي أو غيره سيجعل هذه الأطراف الطامعة أو المستكبرة تتجاوز في ملفات أخرى حتى يصل الضرر إلى روسيا، ولذلك فإننا مع أن يقوم الجانب الروسي بدوره من موقع مسؤوليته”.
وبخصوص الوثيقة الشاملة للحل السياسي التي قدمها الطرف الوطني للمبعوث الأممي لليمن مارتن غريفيث، ذكر الرئيس المشاط أنها ركزت على كل ملفات الحرب، وأن الحديث القائم هو بين حل شامل، وبين وقف إطلاق نار مؤقت، وهذا الذي تتقدم به دول العدوان.
وأردف “نحن مقتنعون أن الأفكار التي تقدمنا بها في إطار حصر وحشد ملفات الحرب لأن الحرب ليست عسكرية فقط ولكنها ملفات متعددة منها الاقتصادي والسياسي، ووقف إطلاق النار ليس إلا جزءاً من وقف الحرب بشكل كامل”.
وأشار إلى أنه لا يوجد تناقض بين وثيقة الحل الشامل، ومبادرة 21 سبتمبر، لا عملياً ولا نظرياً، فمبادرة الحادي والعشرين من سبتمبر لها جانب آخر، وهذه الوثيقة تعتبر الحل الشامل وإنهاء الحرب سواءً مع السعودي أو مع دول العدوان بشكل عام أو مع مرتزقتهم في الداخل.
واستطرد الرئيس المشاط قائلاً: “في ما يتعلق بالتنازلات، فهي تتعلق بموضوع قناعتنا، هذه الملفات ملفات الحرب وإذا تم النقاش بجدية وواقعية حولها وممكن تتوقف الحرب على شعبنا، أعتقد أن الفكرة لا تخضع لموضوع تشدد أو تنازل”.
وتابع “لو ناقشنا موضوع التنازلات في إطار رؤية أو وثيقة، أو في إطار حصر مفاهيم ملفات حرب، والتنازلات تكون لأمور تفصيلية أو تنفيذية، أما القضايا الإستراتيجية فربما أن الأطراف الأخرى مقتنعة من حيث المبدأ بأن ما تقدمنا به والملفات التي حشدناها في وثيقة الحل الشامل منطقية ولكن فيها تكتيكاً معيناً وبالتالي فالتنازلات لا يمكن أن تكون في إطار مبادئ أو استراتيجيات، وإنما في أمور تفصيلية تنفيذية”.
كما أكد الرئيس المشاط أن دول العدوان وعلى رأسها أمريكا هي من يعيق الوصول إلى مفاوضات تفضي إلى الحل السياسي الشامل الذي كان متاحاً منذ مفاوضات موفمبيك.. مبيناً أن كافة الأطراف كانت على وشك الوصول إلى حل سياسي شامل ومرضٍ للجميع إلا أن العدوان أعاق الوصول لهذا الحل باعتراف المبعوث الأممي حينها جمال بن عمر.
وعبّر الرئيس المشاط، عن اعتقاده بأن الطرف الآخر لم يصل بعد إلى قناعة راسخة وواضحة بالدخول إلى مرحلة وقف الحرب وحل سياسي شامل، ولا يزال هناك الكثير من المراوغة والمماطلة والغموض وعدم الوضوح لدى تحالف العدوان.. وقال: “أتوقع عندما تتوافر الرغبة والإرادة لديهم بالمستوى المتوفر لدينا فإن عملية السلام ستكون ممكنة ولن تكون صعبة أبداً”.
موقف الأمم المتحدة
وبشأن الموقف الأممي من الحل الشامل، أوضح الرئيس المشاط، أنه كان خلال فترة المبعوث إسماعيل ولد الشيخ متواطئاً مع العدوان بشكل واضح، ولكن منذ تعيين المبعوث الجديد غريفيث نحن نحسن الظن فيه ونلاحظ فيه الإصرار على الوصول إلى حل شامل.
واستدرك قائلاً “لكنه (غريفيث) عندما يرى رفض دول العدوان وعلى رأسها أمريكا وبريطانيا لفكرة الحل الشامل، ينخفض الهدف لديه إلى مشاورات جزئية وهذا بسبب تأثير دول العدوان وأمريكا على قرار الأمم المتحدة كما يعرف الجميع”.
وشدد على أنه في حال رفضت دول العدوان دعوات السلام وأصرت على الاستمرار في عدوانها، فلن يكون أمام الشعب اليمني إلا مواصلة التحرك الفعال للدفاع ومواجهة العدوان.
تحييد الاقتصاد
وفيما يتعلق بتحييد الاقتصاد ودور الأمم المتحدة أوضح الرئيس المشاط أن الجانب الوطني دعا مراراً وتكراراً منذ بداية العدوان إلى تحييد الاقتصاد الوطني، لكن دول العدوان وعلى رأسها الولايات المتحدة الأمريكية عمدت إلى استخدام الاقتصاد كأداة حرب محاولة منها لإركاع الشعب اليمني من خلال تجويعه وحصاره وخنقه.
واعتبر أن موقف الأمم المتحدة تجاه الحرب الاقتصادية وتدمير الاقتصاد الوطني سلبياً جداً، حيث كانت الغطاء لكل الخطوات التي قامت بها دول العدوان ابتداءً من نقل البنك المركزي إلى عدن، وطباعة العملة بأرقام مهولة ونهب ثروات الشعب النفطية والغازية وغيرها.. مؤكداً أن مؤامراتهم ستبوء بالفشل أمام يقظة أبناء الشعب اليمني وتحركه المسؤول.
برامج التعافي الاقتصادي
وقال الرئيس المشاط، “لقد دشّنا بداية عامنا الجاري البرامج الوطنية التنفيذية للتعافي الاقتصادي والتي تهدف للانتقال بالعمل الاقتصادي إلى طور متقدم من خلال بناء جسور التعاون بين مؤسسات الدولة مع الهيئات الشعبية والرسمية وتوفير المناخ الذي يساعد على قيام بيئة جديدة في الفعل والأداء الاقتصادي”.
وأضاف “مثلما استطاع شعبنا أن يصل إلى صناعة الصواريخ الباليستية بعيدة المدى والطائرات المسيّرة فهو قادر على ابتكار بدائل اقتصادية تساعد في الحد من آثار الحرب الاقتصادية الكبيرة”.
ونبّه الرئيس المشاط إلى أن الحصار ومع كونه عملاً إجرامياً وجريمة حرب ضد الإنسانية إلا أنه عبر التاريخ كان حافزاً للكثير من البلدان للاعتماد على نفسها.. وقال “لذلك نحن ككل تلك البلدان نواصل العمل ليل ونهار لتحويل هذا التحدي الكبير إلى فرصة ستكون لها آثارها الإيجابية بإذن الله”.
الإصلاح السياسي والمصالحة الوطنية
وأكد رئيس المجلس السياسي الأعلى أن الرؤية الوطنية لبناء الدولة اليمنية الحديثة التي تم تدشين العمل بها تعد جزءاً من الإصلاح السياسي.
وأوضح أن المصالحة الوطنية في حال تحققت ستختصر الطريق الشاق وتقرب اليمنيين من السلام المنشود، لافتاً إلى تأكيد الطرف الوطني الدائم على السلام سواء عبر التفاوض أو عبر المصالحات المحلية والوطنية، حيث تم تشكيل فريق المصالحة الوطنية كجهة مختصة للقيام بهذا الغرض، وبدأ التواصل مع الشخصيات القيادية المنضوية تحت مظلة العدوان.. مؤكداً أن هناك آثاراً إيجابية لهذا العمل.
وقال الرئيس المشاط إن قرار العفو العام حقق الكثير من النجاحات وأثبتت الأيام صوابيته، فقد أسهم في عودة الآلاف من المغرر بهم والمخدوعين إلى حضن الوطن وإلقاء السلاح والعدول عن موقفهم المؤيد للعدوان، مشيراً إلى أن هناك جهة متخصصة في وزارة الدفاع تتولى تطبيق القرار بالتعاون والتنسيق مع المشايخ والأعيان.
وفيما يتعلق بملف القضية الجنوبية، والوحدة والجمهورية، أوضح أنه كان لمنظومة الحكم التي تولت إدارة اليمن في الفترة الماضية العديد من الإشكاليات الكبيرة كقضية صعدة، والقضية الجنوبية واللتين كانتا ضمن القضايا التسع التي ناقشها مؤتمر الحوار الوطني.
وأضاف “أعلنا استعدادنا للوقوف مع إخوتنا في الجنوب بكل إمكاناتنا لحل مشكلتهم ومعاناتهم ومظلوميتهم، لكن المتآمرين عليهم وعلينا كثر، وقد نصحناهم بأن لا يثقوا بالخارج، لأنه سيتعاطى مع هذه المشكلة تعاطياً تآمرياً، ويستغل هذه المشكلة وغيرها في البلد استغلالاً قذراً لتحقيق مطامعه”.
وتابع “اليوم وبعد خمس سنوات من العدوان الأمريكي السعودي على شعبنا أصبح الكثير من المحافظات الجنوبية تحت الاحتلال الأجنبي المباشر، ونرى أنها مسؤولية على كافة أبناء الشعب اليمني التحرك لنيل الاستقلال وامتلاك القرار، باعتبارهما شرط النهوض الأساسي بالبلد وبمصالح الشعب، ومن ثم نبدأ جميعاً مع إخوتنا الجنوبيين بمناقشة كل مشاكلنا الداخلية وصولاً إلى إيجاد الحلول والمعالجات المناسبة”.
وأشار الرئيس المشاط إلى أن ما يشهده الواقع اليوم بشأن الوحدة هو نتاج لتغييب الصانع الحقيقي لها وهو الشعب، وتنصيب وتحكيم الأشخاص والأحزاب بدلاً عن الشعب، ولعل الوحدة كمنجز تشير إلى حالة من حالات الانحياز للشعب والإصغاء لإرادته.
وقال “اليوم عندما نتحدث عن الوحدة يجب أن نستحضر في أذهاننا أن موضوع وحدة الشعب اليمني هي أكبر من كل السياسيين والأحزاب السياسية، لأن صانعها هو الشعب، وهو وحده الحاكم فيها، وندرك أيضاً أن كل الإساءات والانحرافات التي فتكت بكل منجزات الشعب إنما هي نتاج لتحكيم الخارج والارتهان إليه”.
واستطرد “أما الجمهورية فنؤكد أنه لا وجود لها إلا هنا في صنعاء في المناطق الحرة وما يقوله المرتزقة حول الجمهورية والنظام الجمهوري يضعهم أمام حالة انكشاف كبيرة، لأن الناس يدركون بأن المرتزقة يتحركون كأدوات تحت قيادة غير يمنية، وغير جمهورية، ولذلك هم فقط يفضحون أنفسهم بحديثهم عن الجمهورية وليس أكثر”.