نصّ المحاضرة الرمضانية الأولى للسيد عبدالملك بدرالدين الحوثي 1441هـ
المحاضرة الرمضانية الأولى للسيد عبدالملك بدرالدين الحوثي 1441هـ 24-04-2020
أُعُـوْذُ بِاللهِ مِنْ الشَّيْطَان الرَّجِيْمِ
بِـسْـــمِ اللهِ الرَّحْـمَـنِ الرَّحِـيْـمِ
الحمدُ لله رَبِّ العالمين، وأَشهَـدُ أن لا إلهَ إلَّا اللهُ الملكُ الحقُّ المُبين، وأشهَدُ أنَّ سيدَنا مُحَمَّــداً عبدُهُ ورَسُــوْلُه خاتمُ النبيين.
اللّهم صَلِّ على مُحَمَّــدٍ وعلى آلِ مُحَمَّــد، وبارِكْ على مُحَمَّــدٍ وعلى آلِ مُحَمَّــد، كما صَلَّيْتَ وبارَكْتَ على إبراهيمَ وعلى آلِ إبراهيمَ إنك حميدٌ مجيدٌ، وارضَ اللهم برضاك عن أصحابه الأخيار المنتجبين، وعن سائر عبادك الصالحين.
أيُّها الإخوة والأخوات
السَّـلَامُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُهُ؛؛؛
وتقبل الله منا ومنكم الصيام والقيام وصالح الأعمال…
اللهم اهدنا وتقبل منا إنك أنت السميع العليم، وتب علينا إنك أنت التواب الرحيم…
يقول الله -سبحانه وتعالى- في كتابه الكريم: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَنْتُمُ الْفُقَرَاءُ إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ}[فاطر: الآية15]، الله -سبحانه وتعالى- هو ملك السماوات والأرض، وهو الذي خلق هذا العالم، وهو ربنا وملكنا وإلهنا، ونحن عبيده وفي أرضه وتحت سلطانه وقهره، وهو المدبِّر لشؤون السماوات والأرض، يخلق ويرزق، يحيي ويميت، يعز ويذل، وهو الذي رسم في هذه الحياة سننها، وهيَّأ فيها أسبابها، وقرر فيها في هذه الحياة لهذه الأسباب النتائج التي ستنتج عنها، وحينما خلقنا -سبحانه وتعالى- في هذه الحياة هيَّأ لنا ظروف الحياة الملائمة، التي تكفل لنا أن نعيش حياةً طيبة، ولم ينفصل عن واقع عباده، هو الحي القيوم، القائم بشكلٍ مستمر على تدبير أمور عباده، وهو -جلَّ شأنه- المحيط بهم علماً، لا يخفى عليه شيءٌ في الأرض ولا في السماء، ومن واقع ملكه وتدبيره ورحمته وحكمته، فهو -جلَّ شأنه- لم ينفصل عن واقع عباده في أي شأنٍ من شؤون حياتهم، رقيبٌ عليهم، وعليمٌ بكل تفاصيل شؤونهم، ولذلك طبيعة علاقتنا مع الله -سبحانه وتعالى- لا تنحصر ولا تقتصر في اتجاه أنه وحده -جلَّ شأنه- الخالق، وأنه وحده الرازق، وأنَّ علاقتنا به في حاجتنا إليه تنحصر وتقتصر على الإحتياجات المادية وما يشابهها.
{أَنْتُمُ الْفُقَرَاءُ إِلَى اللَّهِ}، نحن كبشر بحاجةٍ إلى الله -سبحانه وتعالى- في كل شيء، قد يتبادر إلى أذهان الكثير من الناس عندما يسمعون مثل هذه الآية المباركة: {أَنْتُمُ الْفُقَرَاءُ إِلَى اللَّهِ}، الجانب المادي، حاجتنا من الله -سبحانه وتعالى- إلى الرزق، حاجتنا منه أيضاً إلى العافية، حاجتنا منه إلى ما يمنُّ به علينا من متطلبات هذه الحياة المادية ونحوها، لكننا بحاجة مع كل ذلك إلى الله -سبحانه وتعالى- في جانبٍ مهمٍ جدًّا يتصل بحياتنا، نحن بحاجة إلى هداية الله -سبحانه وتعالى- وهذه الحاجة هي من أهم الإحتياجات الضرورية لنا في هذه الحياة، بحيث أنَّا إذا لم نرتبط بالله -سبحانه وتعالى- وإذا لم نعد إلى الله -سبحانه وتعالى- في هذا الجانب؛ نتأثر سلباً في بقية الجوانب، ولا نرتاح ببقية المجالات والجوانب.
الإنسان لا يمكن أن يستغني عن الله -سبحانه وتعالى- في جانب هدايته؛ لأن الإنسان في هذه الحياة في ظروف حياته، وفيما هيَّأ الله له، وما هيَّأه عليه، هو في ميدان مسؤولية، الله مكننا من العمل في الاتجاهين: في الخير وفي الشر، فيما هو لصالحنا، وفيما هو ضرٌ علينا، فيما فيه الخير لنا، وفيما عواقبه علينا سيئة وخطيرة جدًّا، ولذلك إذا انطلقنا في واقع هذه الحياة وفي مسيرة هذه الحياة بدون هدايةٍ من الله -سبحانه وتعالى- يمكن أن تكون أعمالنا في هذه الحياة، وتصرفاتنا في هذه الحياة، وأعمالنا وسلوكياتنا في هذه الحياة بالشكل الذي ينتج عنها العواقب الخطيرة علينا، والسيئة علينا، يمكن أن نضيع في هذه الحياة فيما نعمله، وفيما يترتب على ما نعمله من نتائج، هذا في الدنيا، وإضافةً إلى ذلك، وهو الأمر الكبير والأمر الخطير جدًّا: أنَّ بعد هذه الدنيا آخرة، وهناك سنلقى الجزاء على كل ما عملنا من خيرٍ أو شرٍ في هذه الدنيا، حتى بمثقال الذرة من الخير، وبمثقال الذرة من الشر، {فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ (7) وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ}[الزلزلة: 7-8]، فالمسألة خطيرة جدًّا، ما دمنا في حياتنا هذه في موقع المسؤولية أمام الله -سبحانه وتعالى- وتصرفاتنا وأعمالنا مهمة فيما يترتب عليها من نتائج تلحق بنا، أو تكون لنا في الدنيا وفي الآخرة، فنحن بحاجة إلى هدايةٍ من الله -سبحانه وتعالى- هدايةٍ تساعدنا أن نسير في مسيرة حياتنا هذه فيما فيه الخير لنا بالفعل، وليس بالوهم، الإنسان قد يتوهم وما أكثر ما يندفع فيه الناس، وما يتوجهون إليه، وما يحرصون عليه من أعمال واهتمامات في هذه الحياة بدافع الخير، ويتوهمون فيها الخير، ولكنها تمثِّل شراً عليهم.
إذا تأملنا في الظروف التي يعيشها البشر في زماننا هذا، ونتطلع إلى الواقع العالمي من حولنا، فنجد أبرز القوى على هذه الأرض من المجتمعات البشرية، التي هي اليوم تمتلك الإمكانات الكبيرة والهائلة، والتي هي تسعى من خلال نفوذها وإمكاناتها للتأثير في واقع المجتمعات البشرية الأخرى، نجد اليوم مثلاً: أمريكا، على سبيل المثال: أمريكا، ثم مع أمريكا الموالين لأمريكا، سواءً من شعوب ومجتمعات البشر غير المنتمية إلى الإسلام، أو حتى من المسلمين، من المنتسبين للإسلام، ممن هم موالون لأمريكا، كل هؤلاء بإمكاناتهم، وبكل ما يمتلكونه أيضاً من رؤى وأفكار وسياسات وتوجهات، وما يسعون أيضاً إلى فرضه على بقية الشعوب، وعلى بقية الناس، وعلى بقية المجتمعات، هم بأنفسهم لا يمتلكون ما يحقق للبشرية الخير بالفعل في واقعها، فنحن نرى بكل وضوح أنَّ المشاكل في المجتمعات البشرية بكلها تكبر وتكثر، ونحن نرى أنَّ الأزمات بكل أشكالها: على المستوى الاقتصادي، على المستوى السياسي… على كل المستويات وفي كل المجالات تتفاقم وتعظم يوماً بعد يوم، ونحن نرى أولئك الذين يريدون فرض هيمنتهم، وثقافتهم، وتوجهاتهم، وأفكارهم، وسياساتهم، ونفوذهم، وسيطرتهم علينا بشكلٍ عام كمجتمعاتٍ بشرية، نرى كيف أنهم بكل وضوح جزءٌ واضحٌ من المشكلة، وكيف أنهم- وبكل تأكيد- لم يتمكنوا من حلِّ الكثير من المشاكل الكبيرة حتى في واقع حياتهم وفي داخل شعوبهم ومجتمعاتهم، فهم جزءٌ واضحٌ من هذه المشكلة، ولا يمتلكون أي مشروع ينقذ هذا الإنسان، ويصلح حياة هذا الإنسان، ويحقق الخير للإنسان، وهذه من أهم المسائل التي يجب أن نعيها.
عادةً في كثيرٍ من الحالات في الخطاب الديني عند كثيرٍ من المرشدين، وعند كثيرٍ من الخطباء، وعند كثيرٍ من العلماء، وعند كثيرٍ من المتعلِّمين، لا يتم التركيز على القضايا الرئيسية التي لها تأثيرها بشكلٍ عام على واقع الناس، على توجهات الناس، على أفكار الناس، اليوم نرى المحسوبين على أمتنا الإسلامية من المسلمين الموالين لأمريكا الذين تورَّطوا في هذا الجرم الذي هو بحكم القرآن الكريم نفاق، وهم يتحركون وفق التوجهات الأمريكية، حتى عندما يقدِّمون شيئاً من العناوين الدينية، وعندما يمارسون بعضاً من الطقوس الدينية، هم يحرصون على ألَّا تكون على النحو الذي يؤثِّر على التوجهات والسياسات الأمريكية في العالم، وهذا واضحٌ بالنسبة لهم؛ لأن الأولوية والاهتمامات الرئيسية عندهم هي خدمة أمريكا، والتوافق مع أمريكا، والطاعة لأمريكا، والانسجام مع إسرائيل، فإذا قدَّموا عناوين دينية، وإذا مارسوا بعضاً من الطقوس الدينية، فهم يجعلونها عديمة الجدوى، وعديمة الأثر، ولا يربطونها بالأمور المهمة والأساسية، بحيث تتحقَّق منها النتائج التي هي من أجلها، والغايات التي جعلت لها.
هنا نؤكِّد على أهمية هذه المسألة: أننا بحاجة إلى العودة إلى الله -سبحانه وتعالى- العودة إلى الله عودةً عمليةً، وعودةً صحيحةً؛ لنهتدي بهداه، هو من يملك فيما يقدمه لنا ما يحقق لنا الخير، ثم مع ذلك هو من يتدخل مع ما يهدينا إليه برحمته بفضله بكرمه، عندما نعود إلى الله -سبحانه وتعالى- لا نحصل فقط على الهداية الإرشادية والتوجيهات القيِّمة التي هي إيجابية فحسب، بل مع ذلك نحصل معها على معونةٍ من الله، على رحمةٍ من الله، على فضلٍ من الله، على رعايةٍ واسعةٍ من الله -سبحانه وتعالى- فهو إلى جانب ما يهدينا إليه، هو يعين، هو يهيِّئ، هو يسخِّر، هو يعز، هو ينصر، هو يؤيِّد، هو يوفِّق، هو يرزق… وهكذا رعاية واسعة ورعاية شاملة، هو ينزِّل البركات، هو يدفع الضر، هو يدفع الكرب، هو يدفع الشر، هو يعين في كل الأمور.
وعندما نعود إلى القرآن الكريم لنعرف على وجه الإجمال ما الذي نفتقر إليه كبشر كناس؟ وما الذي يفتقر إليه الإنسان منا على المستوى الفردي، ثم المجتمع على مستوى واسع، لصلاح حياتنا، لصلاح واقعنا، ولنؤمِّن مستقبلنا عند الله -سبحانه وتعالى- في الآخرة، صلاح هذا الإنسان هو المحور الأساس الذي يترتب عليه صلاح هذه الحياة، فصلاح حياتنا وأن نعيش الحياة الطيبة، وأن تتحقق لنا النتائج المرجوة، وأن نكون من المفلحين، وأن نحقق الخير لأنفسنا في الدنيا وفي الآخرة، كل هذا يتعلق بصلاحنا نحن، كيف نصلح، وصلاح الإنسان يتوقف على جانبين أساسيين ومهمين جدًّا، هما: التربية و (التزكية)، والهداية، الإنسان بحاجة إلى التزكية لنفسه، كيف تزكو هذه النفس، كيف تنمو فيها مشاعر الخير، والمحبة للقيم والأخلاق الفاضلة، كيف تتوجه هذه النفس التوجه الخيِّر في هذه الحياة، التوجه الصالح في هذه الحياة، كيف يتغلب الإنسان في نفسه على كل نوازع أو نزغات الشر، ودوافع الفساد والمنكر والباطل، كيف نسيطر على هذه النفس البشرية، ونكبح جماحها، ونضبط غرائزها، فلا تتجه إلى اتجاه الشر والفساد والمنكر، الذي له آثاره السيئة على الإنسان في حياته بلا شك في الدنيا وفي الآخرة.
نحن بحاجة إلى تزكية لهذه النفس، ومع التزكية نحتاج إلى هداية؛ لأن التزكية لن تتحقق لنا بشكلٍ صحيح إلَّا بالهداية الإلهية، وإلَّا فقد نتصور- إذا فقدنا الهداية الإلهية- أنَّ بعض الأعمال، أو بعض المواقف، أو بعض التصرفات هي صحيحة، ونتشبث بها، ونتجه إليها بكل جد، وأحياناً بحسن نية، فإذا بها سيئة، وإذا بآثارها سيئة، وإذا بنتائجها سيئة، هناك تلازمٌ ما بين جانب التزكية والتربية، وما بين جانب الهداية، الهداية إلى العمل الصالح، إلى المواقف الحق، إلى ما علينا أن نعمل، الهداية الشاملة التي يتوفر لنا كل ما نحتاج إليه من معارف، من علوم، من إرشادات، من توجيهات، من حكمة…إلخ. فالهداية الإلهية هي هدايةٌ واسعة.
ولذلك نجد أنَّ الله -سبحانه وتعالى- عندما أنزل في شهر رمضان كتابه الكريم: (القرآن)، وفرض فريضة الصيام، وفريضة الصيام هي جزءٌ من البرنامج التربوي في الإسلام، هناك أشياء كثيرة في الإسلام الهدف منها تربية هذا الإنسان، وتزكية هذه النفس البشرية، وتعتبر وسائل مساعدة للإنسان مع الرجوع إلى الله والإلتجاء إلى الله -سبحانه وتعالى- فالصيام جزءٌ منها، وإلَّا هناك أيضاً الصلاة… هناك أعمال كثيرة من الخير والبر تساعد الإنسان على تزكية هذه النفس، وإصلاح هذه النفس، وتطهير هذه النفس، ويأتي معها هذا الجانب الأساسي والذي هو فعَّالٌ جدًّا، ومفيد إلى حدٍ كبير في تزكية النفس البشرية، يأتي الهدى (القرآن الكريم) وينزل في شهر رمضان المبارك، يقول الله -سبحانه وتعالى- في كتابه الكريم: {شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ}[البقرة: من الآية185]، وهكذا نجد أنَّ هذه هي الرؤية الصحيحة التي تصلح حياة الإنسان، ويمكن لها أن تعالج واقع البشر، وتحل الكثير من مشاكلهم ومن أزماتهم، وتحقق لهم الحياة الطيبة، وهي رؤية منعدمة عند قوى الشر ومن يواليها، اتجاهاتهم نحو إفساد الإنسان، وهذا ما يفسد حياته، وهذا ما يسبب لانتشار الجرائم والمفاسد والمنكرات، وما يجلب على البشر العقوبات الإلهية في الدنيا وفي الآخرة، وهذه مشكلة خطيرة جدًّا على البشر.
القرآن الكريم هو نعمةٌ عظيمةٌ علينا من الله -سبحانه وتعالى- وفيه الهداية الكاملة التي نحتاج إليها كبشر، والتي نسعد بها في الآخرة، ونعيش بها الحياة الطيبة في الدنيا، وتصلح هذا الإنسان، وترسم له مسيرة حياته وفق توجيهات الله وتعليماته، فالإنسان من خلال ارتباطه بالقرآن الكريم، يصبح فيما يحمله من أفكار ومفاهيم عن هذه الحياة، وثقافات يعتمد على القرآن الكريم في ذلك، فيحمل نور القرآن الكريم، يحمل المفاهيم الصحيحة، الأفكار الصحيحة؛ وبالتالي عندما ينطلق على أساس ذلك في واقع الحياة على المستوى العملي، يمكنه أن ينطلق بشكلٍ صحيح، وفي القرآن نفسه في هدايته ما يزكي النفس، ما يصلح روحية الإنسان، ما يصلحه من الداخل في توجهاته، في دوافعه؛ وبالتالي في أعماله وفي مواقفه، ونحن بحاجة إلى أن نعود إلى القرآن الكريم ككتاب هداية، كتاب هداية، يعني: نحاول أن نغيِّر أي أفكار في رؤوسنا، أي أفكار وأي مفاهيم نحملها تختلف مع ما في القرآن الكريم، فلتكن ثقافتنا قرآنية، فلتكن مفاهيمنا قرآنية، فلتكن أفكارنا وتصوراتنا في هذه الحياة على ضوء القرآن الكريم، وعلى ضوء هداية القرآن الكريم، ومن الواضح- أيُّها الإخوة والأخوات- أنَّ هذا غائب بشكل كبير جدًّا في واقع المسلمين.
إنَّ كثيراً من الأفكار والمفاهيم والتصورات هي مختلفة مع القرآن الكريم، وهي ضلال، هي ضياع، هي عمى، هي تيه، وسببت للمسلمين الكثير من المشاكل؛ لأنهم يعتمدون عليها، وينطلقون على أساسها في كثيرٍ من مواقفهم، في كثيرٍ من اهتماماتهم، في كثيرٍ من أعمالهم، إضافة إلى التأثير السيئ لها على المستوى النفسي، فأن نعود إلى القرآن الكريم ككتاب هداية، معنى ذلك: أننا سنحرص أن تكون المفاهيم التي نحملها، والأفكار التي نعتمد عليها من خلال القرآن الكريم في كل شؤون هذه الحياة، في كل ما يترتب عليه: مواقف، وأعمال، وسلوكيات، وتصرفات، وتوجهات، نعتمد فيها على القرآن الكريم، وهذا ما نحن بحاجةٍ إليه.
وعندما نعود إلى القرآن الكريم الذي هو: {هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى}[البقرة: من الآية185]، بينات: يبيِّن لنا، يبيِّن لنا سبل السلام، سبل الخير، سبل العز، سبل الحياة الطيبة… كل طريقةٍ صحيحة نحتاج إليها في هذه الحياة في أي مجال من المجالات يرسمها لنا القرآن الكريم، وكذلك فرقان، فرقان نفرق به بين الخير والشر، بين الحق والباطل، بين ما هو مصلحةٌ حقيقيةٌ لنا، وما هو خطيرٌ علينا.
إذا عدنا كأمةٍ مسلمة ودعونا البشر من حولنا إلى ذلك: إلى القرآن الكريم ككتاب هداية، فهذا كفيلٌ بحلِّ الكثير من مشاكلنا، بل كل مشاكلنا في هذه الحياة، بإصلاح واقعنا، أي مجتمع يركِّز على ذلك سيتحقق له الخير الكبير في حياته، هذا جانب، وعندما نعمل على تصحيح علاقتنا بالقرآن الكريم، فلنحرص أولاً على تصحيح نظرتنا إلى القرآن الكريم، فهو كتاب هداية، وهو كتابٌ من الله -سبحانه وتعالى- هو آياته وكلماته، وفيه الهداية الكاملة والشاملة والواسعة، التي تتسع لهذه الحياة وأوسع من هذه الحياة، الله -جلَّ شأنه- يقول: {قُلْ لَوْ كَانَ الْبَحْرُ مِدَادًا لِكَلِمَاتِ رَبِّي لَنَفِدَ الْبَحْرُ قَبْلَ أَنْ تَنْفَدَ كَلِمَاتُ رَبِّي وَلَوْ جِئْنَا بِمِثْلِهِ مَدَدًا}[الكهف: الآية109]، وعلاقتنا بهذا الكتاب يجب أن نصححها من خلال:
أولاً: الالتجاء إلى الله أن يهدينا بكتابه، نحن بحاجة إلى الله -سبحانه وتعالى- أن يمنَّ علينا بالهداية بكتابه، وأن يجعلنا ممن يأنس بكتابه، وبتلاوة كتابه، وممن ينتفع بهديه ونوره وآياته، فالدعاء والالتجاء إلى الله أمرٌ لا بدَّ منه.
ثم لا بدَّ من الإقبال، لا بدَّ من الإصغاء، لا بدَّ من التفهم، الإنسان الذي هو مستهتر، لا يصغي جيداً، لا يُقبِل إذا سمع التذكير من آيات الله، إذا سمع تلاوة القرآن الكريم، إذا قرأ في القرآن الكريم وتلاه، إذا سمع التذكير على أساس هديه ونوره، لا يُقبِل، لا يصغي، لا يتفهم، ينشغل ذهنياً، أو حتى لا يُقبِل أصلاً، فهذه حالة خطرة جدًّا على الإنسان، الله -سبحانه وتعالى- قال في كتابه الكريم: {وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرَى تَنْفَعُ الْمُؤْمِنِينَ}[الذاريات: الآية55]، لماذا؟ لأن المؤمنين يُقبِلون على هدى الله، يصغون، يتفهمون، يتعامل مع هدى الله بإصغاء وتفهم، يدرك قيمة هدى الله، عظمة هدى الله، أهمية هدى الله، فهو يصغي، وهو يتفهم، الله -سبحانه وتعالى- قال: {فَذَكِّرْ بِالْقُرْآنِ مَنْ يَخَافُ وَعِيدِ}[ق: من الآية45]، الله -جلَّ شأنه- قال: {فَذَكِّرْ إِنْ نَفَعَتِ الذِّكْرَى (9) سَيَذَّكَّرُ مَنْ يَخْشَى}[الأعلى: 9-10]، من يدرك أن هدى الله -سبحانه وتعالى- هو حجةٌ عليه، وأنه إن لم ينتفع بهدى الله -سبحانه وتعالى- سيخسر، سيشقى، سيكون مصيره إلى جهنم والعياذ بالله، المسألة ليست مسألة مزاجية، تترك لمزاج الإنسان ولا يتأثر عليها أي نتائج. |لا| الإنسان المعرض، الإنسان المستهتر، الإنسان الذي لا يلتفت إلى هدى الله، ولا يصغي إلى هدى الله، ولا يتفاعل مع آيات الله؛ هو خاسر، هو هالك، تبعات ذلك ووزر ذلك عظيم، ذنبٌ عظيم.
ولهذا يأتي القرآن الكريم فيتحدث عن كل فئات المجتمع في موقفها من هدى الله، وفي علاقتها من هدى الله:
البعض ليس عندهم استعداد حتى للإصغاء والتفهم، ولا حتى للاستماع، أول ما يسمع هدى الله -سبحانه وتعالى- ويسمع التذكير بآيات الله، قد ينهي استماعه بالكامل ويذهب، أو يحاول أن يبعد نفسه عن ذلك، ليس على استعداد حتى على مستوى الاصغاء والسماع بتفهم، وهذه حالة خطيرة جدًّا على الإنسان، الله -سبحانه وتعالى- قال في كتابه الكريم: {فَمَا لَهُمْ عَنِ التَّذْكِرَةِ مُعْرِضِينَ}[المدثر: الآية49]، هذه حالة إعراض بالكامل، لا يريد حتى أن يسمع، {فَمَا لَهُمْ عَنِ التَّذْكِرَةِ مُعْرِضِينَ (49) كَأَنَّهُمْ حُمُرٌ مُسْتَنْفِرَةٌ (50) فَرَّتْ مِنْ قَسْوَرَةٍ}[المدثر: 49-51]، كمثل الحمار الوحشي إذا ظهر عليه الأسد يريد أن يفترسه فيهرب مذعوراً في حالة من الفوضى، والهروب بطريقة مذعورة، بطريقة فوضوية، بطريقة وهو يحمل الخوف والذعر والحركة غير المنضبطة، والحركة الفوضوية.
هذه حالة البعض مع هدى الله: ينفر من هدى الله، ويتجه بعيداً عن الإصغاء والاستماع، وكأنه من الحمر المستنفرة، لا يطيق حتى أن يبقى، أن يصغي، أن يستمع، هذه الحالة حالة خطيرة على الإنسان، سيندم عليها، لو لم يكن إلا يوم القيامة؛ لأن هذا الهدى الذي به نجاتك، به فوزك، إعراضك عنه، تجاهلك له، ابتعادك عن الإصغاء والسماع له، عدم تفاعلك معه، هو خطرٌ عليك أنت، أما الله فهو غنيٌ عنك.
الحالة الأخرى للبعض: أنه حتى إذا سمع آيات الله، إذا سمع التذكير بهدى الله لا يتأثر، لا يتأثر لا في واقعه النفسي ولا في واقعه العملي، آيات الله -سبحانه وتعالى- هي تذكِّرنا، وتتجه في كثيرٍ منها إلى واقعنا العملي، ما نعمل، ما هو يشكِّل خطورةً علينا ويجب أن نحذر منه، تذكِّرنا بمسؤولياتنا، ترسم طريق الخير لنا في مسيرة هذه الحياة.
ولذلك عندما يسمع الإنسان التذكير بأعمال أساسية ومهمة أمر الله بها، وهو مخلٌ بها، وتاركٌ لها، ومتجاهلٌ لها، ثم لم ينتفع بما سمع من آيات الله ومن هدى الله، واستمر في إعراضه، استمر في إهماله، استمر فيما هو عليه من مخالفة لتوجيهات الله وأوامره، أو تحذير عن شيءٍ يعمله، عن سلوكيات هي قائمة موجودة في واقع حياته ثم هو مصرٌ عليها، هذه حالة خطيرة جدًّا على الإنسان، إذا وصل الإنسان إلى هذا المستوى من السوء، فلا ينتفع بآيات الله، ولا يتأثر بها، ولا يتذكر بها، ولا يستبصر بها، فهي حالة خطيرة جدًّا عليه، هي مؤشر على حالة من الانحراف والفساد في نفسه وفي واقع حياته، الله يقول: {وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ ذُكِّرَ بِآيَاتِ رَبِّهِ فَأَعْرَضَ عَنْهَا}[الكهف: من الآية57]، هل هناك شيء أكثر تأثيراً من آيات الله؟ هل هناك شيءٌ يمكن أن يترك أثره في نفسك، أو أن يصنع عندك قناعةً بالحق مثل آيات الله؟ |لا|{وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ ذُكِّرَ بِآيَاتِ رَبِّهِ فَأَعْرَضَ عَنْهَا}، لم يتفاعل، لم يتأثر، لم يتقبل، لم يرجع عمَّا هو عليه من خطأ، لم يتجه إلى ما ينبغي أن يتجه إليه من عملٍ صالح، {فَأَعْرَضَ عَنْهَا وَنَسِيَ مَا قَدَّمَتْ يَدَاهُ}، نسي ما يفعله من أفعال، من أعمال، من معاصي، ما يفرط فيه ويقصر فيه، ليس عنده التفات إلى ما يعمل، ولا تدقيق في طبيعة ما يعمل، وما يترتب عليه من نتائج في الدنيا وفي الآخرة، الموضوع عنده منسي، ليس عنده أي التفات إليه، {إِنَّا جَعَلْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَنْ يَفْقَهُوهُ وَفِي آذَانِهِمْ وَقْرًا وَإِنْ تَدْعُهُمْ إِلَى الْهُدَى فَلَنْ يَهْتَدُوا إِذًا أَبَدًا}[الكهف: من الآية57]، حالة خذلان، الإنسان إذا وصل إلى هذا المستوى في علاقته مع هدى الله، لا يتذكر إذا نصح بنصيحة تجاه خطأ، تجاه عمل سيء، تجاه تقصير، وذُكِّر في ذلك بآيات الله، لا يرجع عن تقصيره، لا يتراجع عن خطئه، لا يتجه إلى العمل فيما عليه أن يعمل، حالة خطيرة جدًّا، تعتبر حالة خذلان والعياذ بالله.
أيضاً حالةٌ أخرى قد تحدث للإنسان في علاقته مع القرآن الكريم: هي حالة قسوة، وانعدام للتأثر والتفاعل قد تأتي على الإنسان في مسيرة حياته، قد يكون في مراحل معينة يتفاعل مع هدى الله، يتأثر بهدى الله -سبحانه وتعالى- حتى على مستوى نفسه، وعلى مستوى واقعه العملي، ولكن مع طول الوقت يتأثر بأشياء أخرى وعوامل أخرى، ويبتعد شيئاً فشيئاً، ويقسو قلبه شيئاً فشيئاً؛ حتى يصل إلى مستوى من انعدام التفاعل والتأثر بهدى الله -سبحانه وتعالى- وهذه الحالة حذَّر القرآن الكريم منها، يقول الله -جلَّ شأنه-: {أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ وَمَا نَزَلَ مِنَ الْحَقِّ وَلَا يَكُونُوا كَالَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلُ فَطَالَ عَلَيْهِمُ الْأَمَدُ فَقَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ فَاسِقُونَ}[الحديد: الآية16]، {أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا}: إلى متى سيظل الإنسان في هذه الحالة من البرودة، من عدم التفاعل مع هدى الله، من عدم التأثر بهدى الله -سبحانه وتعالى- إلى متى سيبقى الإنسان على هذا الروتين الذي يتعامل فيه مع هدى الله -سبحانه وتعالى- وبدون تفاعلٍ جاد، بدون توجهٍ عملي، بدون رجوع إلى واقع حياته ليصلح، تصبح المسألة عنده مجرد سماع، يسمع للموعظة حتى تنتهي، يسمع للتذكير حتى ينتهي، يسمع لآيات الله حتى يفرغ منها، لكن على مستوى العمل، على مستوى واقع حياته لا يتجه بجد ليصلح على ضوء ما سمع، لا يتجه بمصداقية على ضوء ما ذكِّر به من آيات ربه.
فنحن يجب أن نحذر من هذه الحالة التي قد تطرأ على الكثير منا، قد تطرأ علينا في واقع حياتنا أن نفقد تفاعلنا، تأثرنا مع هدى الله -سبحانه وتعالى- أن نتعامل بملل ونحن نسمع التذكير، نسمع التذكير بآيات الله وكأنه مجرد كلامٍ عادي، لم يعُد تفاعلنا معه بما ينبغي وهو كلام الله، وهو هدى الله، وهي آيات الله نذكَّر بها، حالة خطيرة جدًّا علينا، حالة من قسوة القلب، حالة من انعِدام التفاعل، حالة خطيرة جدًّا، ينتج عنها الإنحراف والفسق، {فَقَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ فَاسِقُونَ}، عند قسوة القلب يصبح الإنسان جاهزاً للانحراف، وجريئاً على الإنحراف، ولا مبالياً في إصراره على الخطأ، في إصراره على الذنب، في إصراره على التقصير، في إصراره على ما هو مخالفة لتوجيهات الله -سبحانه وتعالى- وهذه حالة خطيرة على الإنسان، نهايتها جهنم، عاقبتها النار والعياذ بالله.
وهذا يحصل للكثير من الناس، يتجه البعض في طريق الحق، ويتحرك في البداية بتفاعل واندفاع، مع الوقت يبدأ يتأثر بعوامل كثيرة، تأثيرات متنوعة تعقِّد نفسه، تصرف ذهنيته، تؤثِّر على أولوياته، تؤثِّر على اهتماماته، تؤثِّر على توجهاته، حتى يصل إلى درجة خطيرة جدًّا، تصبح علاقته بهدى الله علاقة ضعيفة جدًّا، تفاعله مع هدى الله على المستوى العملي تفاعل ضعيف جدًّا، تصبح أهواء نفسه، وتوجهاته الشخصية، ودوافعه الشخصية هي التي تحكمه، هي التي تؤثِّر عليه، هي التي يتشبث بها، ويعرض عن آيات الله -سبحانه وتعالى- تعتبر هذه حالة خطيرة جدًّا.
كيف هي الحالة الصحيحة للإنسان في تفاعله مع هدى الله -سبحانه وتعالى-؟
أولاً: حالة الإصغاء والتفهم، الله -جلَّ شأنه- يقول: {وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ}[الأعراف: الآية204]، التفهم مع الطلب من الله -سبحانه وتعالى- أن يمنَّ على الإنسان بالهداية، وأن ينفعه بما ذكِّر به من آيات الله -سبحانه وتعالى-.
التفاعل مع ما يسمعه الإنسان من هدى الله، والإنسان إذا اتجه بصدق مع الله -سبحانه وتعالى- وتوجهٍ جاد للعمل والتذكر، فإنَّ الله -سبحانه وتعالى- سينفعه، سيهديه، سيمنُّ عليه بالإهتداء بكتابه، ومن الواقع الإيماني الذي الإنسان فيه يصدِّق، ويثق، ويؤمن، يتأثر بهدى الله -سبحانه وتعالى- الله يقول: إنما المؤمنون هكذا: الذين إذا ذكروا بآيات الله -سبحانه وتعالى- يتأثرون، يخضعون، هم يعيشون في واقعهم الخضوع لله، والطاعة لله، والتسليم لأمر الله -سبحانه وتعالى- ويتأثرون بهدى الله -سبحانه وتعالى- ويدركون عظمة وقيمة هدى الله، وأنه نعمة عظيمة، وأنه شيءٌ عظيم، يتأثرون به ويتفاعلون معه، (وهم لا يستكبرون): ليس عندهم أي عقد من الكبر تؤثر عليهم في تفاعلهم، في استجابتهم العملية، في تقبلهم لهدى الله -سبحانه وتعالى-.
فنحن في هذا الشهر الكريم ينبغي أن نحرص على أن نصغي لهدى الله، وأن ندرك أن فلاحنا ونجاتنا في الدنيا والآخرة تتوقف على تمسكنا بهذا الهدى، على تقبلنا لهذا الحق، على أن نلتزم به في واقع الحياة على مستوى العمل، وأن نحذر من الإعراض، أن نحذر من الإعراض بكل أشكاله: من يعرض لا يريد أن يسمع أصلاً، ومن يعرض يسمع ولا يتفاعل، ولا يتأثر، ويُصر، ويتعنت على ما هو عليه من خطأ، وقد ذكِّر بآيات ربه، من يسمع بشكلٍ روتيني بغير تفاعل ولا تأثر فيقسو قلبه وينحرف، كل هذه الحالات حالات تشكِّل خطورة على الإنسان، وتفقده الاستفادة من هدى الله -سبحانه وتعالى- علينا أن نكون كالمؤمنين، وأن نسعى لأن نكون من المؤمنين الذين قال الله عنهم: {وَالَّذِينَ إِذَا ذُكِّرُوا بِآيَاتِ رَبِّهِمْ لَمْ يَخِرُّوا عَلَيْهَا صُمًّا وَعُمْيَانًا}[الفرقان: الآية73].
نكتفي بهذا المقدار…
ونسأل الله -سبحانه وتعالى- أن يوفقنا وإياكم، وأن يهدينا بكتابه، وأن يرحم شهداءنا الأبرار، وأن يشفي جرحانا، وأن يفرِّج عن أسرانا، وأن ينصرنا بنصره، إنه سميع الدعاء.
والسَّـلَامُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُهُ؛؛؛