هلال رمضان: قراءة دينية فلكية
زيد المحبشي
منذ سنوات والأمة الإسلامية منقسمة على نفسها حول تحديد دخول وخروج أهم فريضة من فرائض الإسلام، وهي شهر رمضان المبارك، بعد أن صار للسياسة دورها في هذا الانقسام المقيت والمزري، في ظل هيمنة الوهابية السعودية على المشهد الديني الإسلامي، واختزاله فيما تراه ويريده أولياء نعمتها في البيت الأسود، لا ما يراه الله ويريده من سدنة البيت الحرام، وتوظيفه لما يخدم مصالحها وأجندتها المشبوهة وصراعاتها الإقليمية، وإفراغ العبادات والفرائض من محتواها، والتلاعب بمواقيتها، وتحويلها الى مجرد طقوس روتينية ميتة في مارثون الانسلاخ والتغريب والتهجين والترويض.
فهل سيكون رمضان هذا العام بعيداً عن آفة السياسة ولعنة الساسة، لنشهد ولو لمرة واحدة صوماً موحداً يلملم شتات الأمة المكلومة، ويعيد لفريضة الصيام روحانيتها ودورها التربوي في بناء الذات المؤمنة الرسالية؟!.
لا أعتقد ذلك، فما نشهده اليوم من انقسامات وصراعات على كل الأصعدة، لا يبشر بخير.
في هذا المبحث لن نتطرق لمعاول الهدم الوهابية الهنفرية النازلة في أمة الإسلام تقطيعاً وتمزيقاً، ولا لدور السياسة والساسة في تحديد دخول شهر القرآن، بعد أن أفقَدَنا المال السعودي، وفتاوى الوهابية السلطانية الأمل في توحدهم، بل سنكتفي بتقديم قراءة سريعة ومتواضعة لموقف الشريعة المحمدية وموقف علماء الفلك من تحديد ولادة هلال الشهر الكريم، لعلّها تقود إلى توحيد المنقسم السياسي.
* الرؤية الشرعية
يقول الله سبحانه وتعالى: (ونزلّنا عليك الكتاب “تِبياناً” “لكل شيئ” وهدىً ورحمةً وبشرى للمسلمين) النحل 89، الملاحظ في الآية الكريمة أن كلمة “تِبياناً” أتت منكرة – أي مجردة من أحرف التعريف (ال) – والتنكير في الخطاب القرآني، كما هو متعارفٌ عليه لدى علماء اللغة، يعني أن الخطاب موجه للعموم وليس للخصوص، وفي الكلمة التالية “لكل شيئ” توضيح لا جدال فيه، ما نجد مداليله في قوله تعالى: (يسألونك عن الأهِلّة قل هي “مواقيت” للناس “و” الحج ) البقرة 189 .. فقد وردت كلمة”مواقيت” منكرة، وهذا يعني أنها للعموم وليس للخصوص، لأن الله لم يقصر ذلك على فريضة “الحج” حصراً، بل جعل “الحج” عطفاً على “مواقيت للناس”، أي لكي يسترشد بها الناس في معرفة دخول الأشهر القمرية عموماً وشهر رمضان منها.
لقد جعل الله سبحانه وتعالى فرائض الإسلام من صلاة وصيام وحج، مرتبطة بأشياء حسية، يشترك في معرفتها كل من أحسن المراقبة لتلك العلامات، وكلها متعلقة بالشمس والقمر، وجعل الأهِلَّة “مواقيت” يُعرفُ بها بداية العقود ونهايتها، إذا رُبِطَت بالأشهر القمرية، كما هي مواقيت ركنين من أركان الإسلام، هما الصوم والحج.
وسُنّة المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم هي الفيصل في هذا، والتي أولت اهتماماً كبيراً بدخول وخروج شهر الصيام, لأنه من أهم الأشهر, لما يترتب عليه من أداء فريضة الصيام، التي افترضها الله على أمة محمد مرة واحدة من كل عام، وجعلها في المرتبة الثالثة في قائمة أركان الإسلام بعد الشهادتين والصلاة، لما لها من أهمية كبيرة في البناء الروحاني الإنساني، واختصها لذاته عكس بقية الأركان: “الصيام لي وأنا أجزي به”، وجعلها طُهرة وزكاة وجُنّة لبدن المؤمن من العام الى العام.
لهذا لا غرابة أن نجد الشريعة المحمدية حريصة أشد الحرص على توضيح وتبيين هذه الفريضة، بأتم بيان، وربط دخولها وخروجها بالأهِلّة، كما هو واضحٌ في آية المواقيت، حيث جعل الرسول الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم الرؤية شرطاً في تحديد ولادة هلال الشهر القمري.
والمشكلة هنا لا علاقة لها بموقف السُنّة النبوية من تحديد ولادة الشهر القمري المشروطة بالرؤية المجردة، بل بما حدث من خلاف كبير حول شروط الرؤية وماهيتها بين علماء المسلمين في القرون التالية للحقبة المحمدية، فهناك من قال بأن الرؤية لا تكون بالعين المجردة فقط، وهناك من أفسح المجال في حال تعذر الرؤية المجردة لإمكانية الاعتماد على الحسابات الفلكية لإثبات ولادة الهلال القمري، وهناك من أجاز الرؤية بالمناظير المكبرة – المراصد الفلكية – بالنظر إلى ما شهده العالم من تقدم تكنولوجي كبير، ومنهم من رأى جواز استخدام الأقمار الصناعية لتحديد ولادة الهلال القمري.
وبعيداً عن اختلاف علماء المسلمين حول الوسيلة الأنجع لتحديد ولادة الهلال القمري، فقد حَفِلَت السُنّة المحمدية بالكثير من الأحاديث الدالة على الرؤية، وأبرزها قوله صلى الله عليه وآله وسلم: “إذا رأيتموه فصوموا وإذا رأيتموه فأفطروا فإن غُمّ عليكم فأقدروا له” كما في رواية البخاري ومسلم، وفي لفظ: “لا تصوموا حتى تروا الهلال ولا تفطروا حتى تروه فإن غُمّ عليكم فأكملوا العدة ثلاثين”، وهو حديث متفق عليه، وفي رواية مسلم: “فأقدروا ثلاثين”، وفي رواية مسلم والبخاري: “فصوموا ثلاثين يوماً”، وفي رواية عبدالله بن عباس: “صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته فإن حال بينكم وبينه سحاب فكملوا العدة ولا تستقبلوا الشهر إستقبالاً”.
هذه الأحاديث وغيرها الكثير تصب في خانة واحدة هي الاعتماد على الرؤية المجردة لا الحسابات الفلكية ولا حسابات الحاسب الآلي، والسر في اشتراط الرسول الأكرم للرؤية المجردة دون سواها، ما أورده العلامة أحمد بن قاسم العنسي في “التاج المذهب لأحكام المذهب”، من أحاديث توضيحية: “إنا أمةٌ أُمِّية لا نكتب ولا نحسب، ..”، “لا تصوموا حتى تروه ..”.
حيث يقول رحمة الله عليه: ولا عبرة بحساب المنازل وغيره من الأمور المستندة الى أمور التجربة، كما روى “بعض” علمائنا، أنهم عرفوا بالتجربة، أن الهلال متى طلع مع الفجر، فاليوم الرابع من أول الشهر الثاني، وأنهم جربوا ذلك 40 سنة، قلنا: لم يعتبر ذلك الشارع، قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: “صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته”.
ومن قال بحساب المنازل فقوله مردودٌ بقوله صلى الله عليه وآله وسلم: ” إنّا أمّةٌ أُمِّيةٌ لا نحسب ولا نكتب، الشهر هكذا وهكذا”، لأن الناس لو كُلِّفوا بذلك، لضاق عليهم، لأنه لا يعرف الحساب إلا أفراد في الأمصار .. ألخ.
ومعنى: “لا نكتب ولا نحسب”، أي أننا لا نعتمد لعبادتنا الحساب والكتابة، وإنما نعتمد على ما أمرنا الصادق المصدوق، طاعة لله سبحانه واعتقاداً منا أنه الحق.
ويذهب فريق من علماء الإسلام إلى أنه صلى الله عليه وآله وسلم لو أجاز العمل بالحسابات الفلكية، لأصبح ذلك تكليفاً على جميع المسلمين في تحديد دخول الأشهر القمرية.
ومعلومً أن أكثرية الأمة على عهد رسول الله أُمِّية، ولذا سيكون في إقرار العمل بالحسابات الفلكية تعسير ومشقة كبيرة على المسلمين، في حين أن الإسلام دين يُسر، ألم يقل صلى الله عليه وآله وسلم: “بعثة بالشريعة السهلة السمحاء”, “يسروا ولا تعسروا قربوا ولا تنفروا”.
صحيح أن تحفظ الرسول الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم على مسألة الحسابات الفلكية، كان لمصلحة عموم المسلمين، لأن غالبيتهم على عهده لا تجيد الكتابة والقراءة، لكن بالعودة الى القرآن الكريم المبتدأ تنزيله بالحض على القراءة وما يترتب عليها من كتابة، والخاتم تنزيله بالنهي عن الظلم، فهذا يعني أن الإسلام دين “العلم والعدل”، وعليه يمكن تفسير توجيه الرسول الأكرم على أنه توجيه وقتي ومرحلي، إلى أن يأتي من الأمة الإسلامية أجيالٌ تفقه علم الكتابة والقراءة وما يترتب على ذلك من علوم فلكية، لا سيما وأن الحسابات الفلكية كما أثبت العلم الحديث فيها شيئ من الواقعية.
* الرؤية الفلكية
تعميماً للفائدة نورد هنا نبذة مختصرة عن رؤية علماء الفلك حول تحديد ولادة الهلال القمري إجتزئناها بتصرف من دراسة مطولة للشيخ محمد أديب قبيسي نشرها موقع العلامة محمد حسين فضل الله رحمة الله تغشاه في شهر رجب عام 1425هـ.
تتم الولادة الفلكية للهلال القمري عندما يقع مركز الشمس والأرض والقمر بينهما على خط وهمي واحد، يقال له: “لحظة الإقتران” أو “فترة المحاق” أو “المحاق المركزي”.
حسابات ولادة الهلال القمري “الاقتران” وإن كانت دقيقة جداً ويقينية، بحيث لا يمكن احتمال الخطأ فيها من الناحية الواقعية، إذا رُوعِيت الحسابات بدقة, إلا أن هذا لا يعني أن الهلال القمري يمكن أن يُرى لحظة الولادة، وهو ما دفع علماء الفلك قديماً وحديثاً إلى وضع معايير معينة وشروط محددة للتنبؤ بإمكانية الرؤية بعد تحديد لحظة ولادة الهلال القمري.
أولاً: المعايير القديمة: وهي التي تم العمل بها حتى بداية القرن العشرين الميلادي، وأهمها:
(1) معيار الـ 12 درجة: والمقصود به من الناحية العملية أن رؤية الهلال القمري ممكنة مساء 29 من الشهر القمري، إذا كان غروب القمر متأخراً عن غروب الشمس بمقدار 12 درجة، أي بمقدار 48 دقيقة من الناحية الزمنية، وعلى أساس هذا المعيار وُضِعَت الجداول من قبل علماء المسلمين المسماه بالأزياج، وأبرزها زيج الخوارزمي.
(2) معيار انخفاض الشمس: تكون رؤية الهلال ممكنة إذا كان انخفاض الشمس تحت الأفق الغربي عند غروب القمر يساوي مقداراً معيناً يبلغ 9 درجات، (أي بمقدار 36 دقيقة، طيب إذا كان الفارق بين غروب القمر وغروب الشمس أو ما يسمى بمدة مكوث القمر أقل من 36 دقيقة، مثلاً في حدود 23 دقيقة كنموذج، حينها تستحيل رؤية الهلال بالعين المجردة بسبب ضعف وخفوت الضوء المنبعث من القمر).
هذه المعايير والتعديلات التي جرت عليها، قائمة على علاقة هندسية بين موقع القمر والشمس والمشاهد، سواء من حيث الزمان كالمعيار الأول، أو من حيث لمعان ضوء الشمس وأثره في الأفق بعد الغروب كالمعيار الثاني.
ثانياً: المعايير الحديثة: توالت التعديلات للشروط المقترحة المساعدة على التنبؤ بإمكانية رؤية الهلال، وهي في غالبها مبنية على اعتبارات هندسية وفلكية، حتى من قبل علماء فلك العصر الحديث وأهمها:
(1) المنظار الفيزيائي: تمكن الباحث الفرنسي في المرصد الفلكي للجامعة الأميركية ببيروت “فرانس برون” في العام 1977 من إحداث تطور نوعي في هذا المجال، عندما تطرق إليه من منظار فلكي فيزيائي، مركزاً على الظروف الحقيقية والخاصة بالمشاهد، والتي لاحظ فيها قدرة العين المجردة على التقاط صور الأجسام الساطعة.
(2) معيار “يالوب”: يقوم على المعايير القديمة، لكنه أكثر تطوراً وتعقيداً، بالاستفادة من خبرته الطويلة في مجال الرصد، حيث كان يعمل مديراً لمرصد غرينتش ورئيساً للجنة الأزياج التابعة للاتحاد الفلكي الدولي.
يعمل معيار “يالوب” على تقسيم إمكانية الرؤية إلى أربع حالات، لأنه حسب اعتقاده يمكن رؤية الهلال بالمرقب أو بالمنظار فقط أو بمساعدة ذلك أولاً، ثم من الممكن رؤية الهلال بالعين المجردة، كما في حالات الصحو التام، وأخيراً الرؤية بسهولة بالعين المجردة مطلقاً، ووضع “يالوب” ثلاثة عوامل رئيسية لعمل معياره، هي:
أ – “عمر الهلال”: وهو مقدار الزمن الممتد بين لحظة الإقتران ولحظة غروب الشمس في منطقة معينة، وهذا يختلف من مكان إلى أخر، وتشير احصائيات ما يزيد على 50 سنة، أن أصغر عمر للهلال تمت رؤيته بالعين المجردة كان 14 ساعة و48 دقيقة.
ب – “مكوث الهلال”: وهو مقدار بقاء الهلال بعد غروب الشمس، أي الفترة الممتدة بين غروب الشمس وغروب القمر, ومعلومٌ أن أقل مكوث للقمر تمت رؤيته بالعين المجردة كان 29 دقيقة.
ج – “الاستطالة”: وهي بُعد مركز القمر عن مركز الشمس بالدرجات، كالنور الذي يرى من الأرض، ويقال له “قوس النور- الشفق الاحمر بلهجة اليمن”، وذلك لأن الرؤية ممكنة إذا كان الهلال “مركز الهلال” قد ابتعد عن مركز الشمس، بحيث صار القمر يعكس مقداراً ممكناً من الضوء، يمكن من خلاله رؤية ذلك، ومعلومٌ أن أقل استطالة مسجلة كانت 6 – 7 درجات (24 – 28 دقيقة).
نسبة اضاءة القمر من العوامل المهمة أيضاً في إمكانية الرؤية، فإذا كانت الاستطالة بين الشمس والقمر “صفر درجة”، فإن الرؤية مستحيلة، لأن القمر يكون في فترة المحاق، وهذا يعني أنه مظلم ظلاماً تاماً، أما إذا كانت درجة الاستطالة بين الشمس والقمر “180درجة ” (12 ساعة)، فإن القمر يكون بدراً.
* قاعدة عامة
(1) إذا كانت ولادة الهلال قبل غروب الشمس وغروب الهلال بعد غروب الشمس، فإن اليوم الثاني بداية الشهر القمري الجديد.
(2) إذا كانت ولادة الهلال بعد غروب الشمس أو كان غروب الهلال قبل غروب الشمس، فإن اليوم التالي المتمم للشهر الأول.
* يوم الشك
وهو اليوم المشكوك فيه هل هو المتمم لشعبان أم الأول من رمضان وهو يوم الثلاثين من شعبان، لعدم وضوح رؤية هلال رمضان بسبب الغيوم والضباب أو بسبب قلة إضاءة الهلال وقربه من الأفق عند غروبه، وفي هذه الحالة استحسن الفقهاء صيام يوم الشك بنية التخيير لا بنية القطع لمن أراد الحِيطة في دينه، بمعنى أن تصومه بنية مشروطة إن كان من رمضان فواجب تؤديه، وإن كان من شعبان فنافلة تتقرب بها الى الله، والمتفق عليه بين الفقهاء تحريم صيام يوم الشك بنية القطع على أنه من رمضان، لأن القطع في موضع الشك لا يجوز، ومن أفطر يوم الثلاثين من شعبان ثم انكشف له أنه من رمضان وجب عليه الإمساك بقية اليوم، حرمة للشهر الكريم، والقضاء بعد انقضاء رمضان.
يقول الإمام الهادي يحيى بن الحسين عليه السلام في “الأحكام”: الذي رأينا عليه أشياخنا، ومن سمعنا من أسلافنا أنهم كانوا يصومون يوم الشك، وفي ذلك ما حدثني أبي عن أبيه علي أمير المؤمنين رحمة الله عليه، أنه قال: “لأن أصوم يوماً من شعبان أحب إلي من أن أفطر يوماً من رمضان”، وينبغي لمن صام يوم الشك أن ينوي إن كان هذا اليوم من شهر رمضان فصيامي من رمضان، وإن كان من شعبان فهو تطوع، فإنه إذا فعل ذلك، وكان ذلك اليوم من شهر رمضان فقد أدى صومه بما اعتقد من نيته، وإن لم يكن من رمضان كُتِبَ له من تطوعه.
ولا ينبغِ لأحدٍ يفهم أن يفطره – يعني لا يجوز على من يفهم هذا الكلام إفطار يوم الشك -، لأنه إن كان من شهر رمضان لم يستخلفه ولم يلحق يوماً مثله – أبداً – ويومٌ من شهر رمضان أهلٌ أن يُحتاط له ويُطلَب بكل سبب صومه، وإن كان يوماً من شعبان لم يرزأه – يضره – صيام يومٍ، وكان له تطوعاً وأجراً، فأما ما يزخرفه كثيرٌ من الناس في ترك صيامه فذلك مالا يصح ولا يجوز القول به لبعده من الاحتياط والصواب، وقربه من التفريط في الصوم والارتياب، بل الصحيح في ذلك مالا يشك فيه من أنصف، من أن يوم الشك والإحتياط فيه أفضل وأقرب إلى الله وأسلَّم.
وبحسب القراءات الفلكية فإن يوم الخميس 23 نيسان/ أبريل 2020 يوم شك لدى معظم الدول العربية، بسبب تعذر روية الهلال ليلة الأربعاء 22 نيسان/ أبريل 2020 لخفوت ضوئه، لذا تذهب تلك الدول الى أن الخميس هو المتمم لشهر شعبان، والجمعة 24 نيسان/ أبريل 2020 هو الأول من شهر رمضان لسنة 1441، بسبب إنعدام الرؤية، بينما يرى الفلكي اليمني الشهير الشيخ عبدالواسع يحيى الواسعي في كتابه “كنز الثقات في علم الأوقات” أن يوم الخميس 23 نيسان/ أبريل 2020 هو الأول من شهر رمضان لسنة 1441 هجري قمري، وعلى العكس من ذلك تقول حسابات موقع “طقس العرب”، ليوم الأربعاء 22 أبريل 2020 في اليمن أن غروب القمر في صنعاء سيكون في تمام الساعة 14.55، وغروب الشمس الساعة 15.19، بالتالي غروب القمر قبل مغيب الشمس بـ 24 دقيقة، ما يجعل رؤية هلال رمضان ليلة الأربعاء مستحيلة بالعين المجردة والتسلكوب لضعف الضوء المنبعث منه، نظراً لغروب القمر قبل الشمس في معظم الدول العربية، ناهيك عن عدم حدوث الإقتران وعدم تولُّد الهلال، ووفقاً لهذه الحسابات، فإن اليوم التالي/ الخميس يكون مكملاً للشهر الأول، لكن ليس كل علماء الفلك متفقون مع هذه الحسابات بما فيهم العلامة الواسعي كما عرفنا آنفاً.
لهذا يظل يوم الخميس 23 أبريل من أيام الشك بسبب استحالة الرؤية، وفي هذا يقول الإمام الهادي عليه السلام: فإن كانت في السماء علة من سحاب أو غبار أو ضباب أو غير ذلك من سبب أوفيت أيام الصيام ثلاثين يوماً، وكذلك رُوي عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: ” صوموا لرؤيته فإن غُمّ عليكم فعدوا ثلاثين يوما”، يريد صلى الله عليه وآله وسلم من يوم رأيتموه وصح عندكم أنه قد أهلَّ – ظهر – فيه، وهذا الحكم خاصٌ بهلال رمضان وهلال شوال.
وتبقى الرؤية بالعين المجرد هي الأحوط والأسلم، كما عرفنا آنفاً، لتحديد دخول الشهر الكريم، لأنها من الأخبار المتواترة الغير قابلة للشك، ويكفي لذلك خبر عدلين أو عدلٌ وعدلتين، للإخبار برؤية الهلال أو توارد الأخبار بذلك – لجنة مختصة بمتابعة الأهِلّة كما هو حال اللجنة المختصة بالحديدة – أو تأكيد مرور 30 يوما من يوم رؤية هلال شعبان أو رمضان، أو يخبرا بأن حاكماً أو مفتياً موافق لمذهبهما، قال صح عندي رؤية الهلال، أو أن أول الشهر كذا، فإذا أخبرا بأي هذه الوجوه وجب على السامع العمل بقولهما، ويلزم في حالنا اليوم متابعة دار الإفتاء للدولة التي تقع تحت نفوذها وفوق أراضيها، وهي من يجب السمع له، ومن يتحمل كامل المسؤولية أمام الله، ولا يجوز تقليد دولة أخرى بأي حال من الأحوال.
وإذا انفرد أحد الناس – غير المفتي والحاكم – برؤية هلال رمضان أو هلال شوال، ولم يرى ذلك غيره من الناس، وجب عليه الصيام والإفطار وكتمان ذلك، لئلا يتعرض للتهمة في دينه وعقوبة السلطان، والاكتفاء بالتعريض، لا التصريح، كأن يقول: إن رجلاً رأى الهلال، لجواز أن يشهد بذلك معه غيره، لا أن يقول: رأيته، لأنه ينافي شرط كتمان الصوم والافطار.