المجتمع الدولي يدق ناقوس الخطر من دخول كورونا إلى اليمن
مرزاح العسل
تسابق السلطات اليمنية في العاصمة صنعاء الزمن باتخاذ العديد من الإجراءات الوقائية الاحترازية لتجنب وحماية الشعب من انتشار فيروس كورونا القاتل (كوفيد-19) والذي يجتاح العالم بسرعة هائلة، وذلك بعد أن تم إعلان تسجيل أول حالة إصابة بفيروس كورونا في محافظة حضرموت الواقعة تحت سيطرة الاحتلال السعودي الإماراتي .
وكالات الإغاثة الدولية ومنظمات المجتمع الدولي دقت ناقوس الخطر وعبرت عن مخاوفها وقلقها الشديد، من انتشار الفيروس في بلد ممزق، وسكانه على حافة المجاعة، ويعاني الوضع الصحي فيه تدهورا حادا بسبب العدوان والحرب التي دخلت عامها السادس.
تأثير كارثي:
قالت الأمم المتحدة، إن 80 في المائة من السكان في اليمن بحاجة إلى نوع من أنواع المساعدات الإنسانية والحماية، فيما يعاني 7 ملايين شخص من سوء التغذية.
وبحسب المنظمة الدولية، فإنّ حوالي نصف المرافق الصحية في اليمن باتت خارج الخدمة، جراء الحرب المتصاعدة، منذ مارس 2015.. ووفقاً لخطة الاستجابة الإنسانية في اليمن لعام 2019، فإنّ 19.7 مليون شخص في حاجة إلى رعاية صحية في كل أنحاء البلاد.. أما الكلفة، فتصل إلى 627 مليون دولار أميركي.
وتأمل الأمم المتحدة في استخدام هدنة تؤدي إلى وقف إطلاق النار ودفع الأطراف إلى الموافقة على إنشاء مركز عمليات افتراضي للتنسيق في مكافحة الفيروس.
ورأت منسقة الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية ليز غراندي إن تأثير الفيروس في اليمن سيكون “كارثياً” في حال انتشاره.
وحذرت غراندي من أن ما يواجه اليمن “أمر مخيف” عقب تسجيل أول إصابة بفيروس “كورونا”، مطالبة أطراف الصراع بوقف القتال والتعاون معاً بمحاربة الفيروس.
وقالت في بيان لها.. إن “ما خشينا وقوعه على مدار أسابيع، حدث الآن، أصبح فيروس كورونا موجود في اليمن”.
وأضافت غراندي إنه “بعد 5 سنوات من الحرب، أصبح الناس في جميع أنحاء البلد في أدنى مستويات المناعة الصحية وفي أعلى مستويات الضعف الشديد”.
وتابعت: “ما يواجه اليمن أمرٌ مخيف، فمن المرجح أن يعاني عدد أكبر من الأشخاص الذين يصابون بالعدوى من المرض الشديد أكثر من أي مكان آخر”.
وبخصوص وضع القطاع الصحي اليمني، قالت غراندي، إنه “لم تعد تعمل سوى نصف المرافق الصحية فقط، وستكون محاربة هذا الفيروس شديدة الصعوبة، لكنها ضمن أعلى أولوياتنا”.
واعتبرت أن “كورونا أحد أكبر التهديدات التي واجهت اليمن خلال المائة عام الأخيرة”.
ودعت أطراف الصراع في البلاد إلى وقف إطلاق النار والبدء بمحاربة “كورونا”.
أمراض أخرى:
هيئة الإنقاذ الدولية قالت “إن القوى الأجنبية التي تدعم الأطراف المتحاربة، بما في ذلك الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وفرنسا، والتي تدعم التحالف الذي تقوده السعودية، يجب أن تضغط على الجماعات اليمنية “من أجل التوصل إلى وقف دائم لإطلاق النار والموافقة على محادثات سلام تؤدي في النهاية إلى حل دبلوماسي.. وإنهاء هذه الحرب الوحشية”.
وتنتشر في اليمن العديد من الأمراض مثل الكوليرا وحمى الضنك والملاريا.
وقالت منظمة أوكسفام إن ظهور أول حالة كورونا في اليمن يمثل “ضربة مدمرة”، بينما وصفتها لجنة الإنقاذ الدولية بأنها “سيناريو كارثي”.
ظهور كورونا في اليمن دفع منظمة الصحة العالمية إلى التحذير من أن فيروس كورونا إذا تفشى في البلاد سيحدث كوارث فعلية، وهو ما زاد من مخاوف المواطنين الذين يرون أن الاحترازات المعلنة لا تكفي لوقايتهم من خطر كورونا، في وقت لا يزال فيه أغلبهم يصارع الكوليرا وحمى الضنك وأوبئة أخرى منذ بداية الحرب.
وقالت المنظمة الدولية إنها تقدم الإمدادات الطبية ومعدات الاختبار وأجهزة التنفس والتدريب للخدمات الصحية في اليمن.
من جانبه قال كزافييه جوبيرت، مدير منظمة “أنقذوا الأطفال في اليمن”، “أنه من المهم أن يلتزم كلا الجانبين في الحرب .. بوقف إطلاق النار”.. مشيرا إلى أنها “لحظة خشيناها جميعاً، وكنا نأمل في تجنبهاً، لأن اليمن يعاني من نقص حاد في المعدات لمواجهة هذا الفيروس”.
وأضاف “إن تفشي مرض كوفيد-19 في اليمن سيضع ضغطاً شديداً على البنية التحتية الصحية المتضررة في البلاد وسيكون له تأثير مدمر على المدنيين.. مؤكدا “إذا لم نتحرك اليوم، فإن ما سنشهده غداً لا يمكن وصفه”.
وقالت تامونا سابدزي، مديرة لجنة الإنقاذ الدولية في اليمن، إن الملايين من اليمنيين يعيشون في ظروف ضيقة وغير صحية وكانوا عرضة للإصابة بالفيروس، مضيفةً “بينما كنا نعلم أن هذا السيناريو قادم، لا يزال انتشار كوفيد-19 إلى اليمن بمثابة كابوس”.
مجلس الأمن الدولي:
بدوره حذّر مجلس الأمن الدولي، من أن الأزمة الإنسانية الحادة التي يعاني منها اليمن يمكن أن تجعله “عرضة بشكل استثنائي لوباء كورونا المستجد (كوفيد-19)”.
جاء ذلك في بيان صادر عن المجلس، حذّر فيه كذلك من أن “المزيد من التصعيد العسكري في البلد سيعيق وصول العاملين بالمجال الإنساني، وتوافر مرافق الرعاية الصحية اللازمة لمواجهة تفشي الفيروس”.
ودعا البيان، أطراف الصراع “إلى الوقف الفوري للأعمال العدائية والعودة العاجلة لوقف التصعيد”.
وأضاف “لا يوجد حل عسكري يمكن أن يحقق السلام المستدام في اليمن وندعو الأطراف المعنية لمواصلة تعاونهما مع المبعوث الخاص للأمين العام لليمن، مارتن غريفيث، من أجل التوصل إلى تسوية سياسية”.
وشدد أعضاء مجلس الأمن في بيانهم على “التزامهم القوي بوحدة اليمن وسيادته واستقلاله وسلامة أراضيه”.
نظام صحي منهار:
منظمة “أطباء بلا حدود” الدولية دعت طرفي النزاع في اليمن إلى التحرك لمنع تفشي كورونا، وإلى السماح بدخول الإمدادات الطبیة والعاملین في المجال الإنساني لمكافحة الفیروس.
وقالت المنظمة في بیان لها، إن “خمس سنوات من الحرب ترادف إنهيار النظام الصحي، مما یجعل الاستجابة الفعالة للمرض شبه مستحیلة بالموارد الموجودة في البلاد”.
وأكدت مدیرة مشاریع المنظمة في الیمن، كارولین سیغین، ضرورة أن يستورد اليمن “مزیدا من معدات الوقایة الشخصیة والأدوات، التي تسمح بإجراء الاختبارات اللازمة، وذلك لتزوید نظام الصحة الوطني والمنظمات الإنسانیة بالإمدادات التي یحتاجون إليها”.
وأضافت سیغین، إن على مختلف السلطات الیمنیة السماح بدخول الموظفین الرئیسیین المتخصصین في مجال الطب، وغیرھم من الموظفین الداعمین للأنشطة، والعاملین في المنظمات الأجنبیة”.
وأوضحت المنظمة أنه في حال لم یتم فورا اعتماد تدابیر إضافیة وزیادة حجم الدعم فإن انتشار كورونا قد يتسبب بوضع حرج في البلاد.
مرحلة حرجة:
المبعوث الأممي إلى اليمن مارتن غريفيث، صرح الجمعة، بإنه بعث إلى أطراف الأزمة اليمنية مقترحات أممية للحل.. قائلا في بيان له إنه أرسل “مقترحات محدثة لاتفاق حول وقف إطلاق نار، يشمل عموم اليمن”.
وأوضح أن المقترحات تضمنت “الاستئناف العاجل للعملية السياسية”، و”إجراءات اقتصادية وإنسانية لتخفيف معاناة اليمنيين، وبناء الثقة بين الأطراف، ودعم القدرة على مواجهة كورونا”.
واعتبر المبعوث الأممي أن المقترحات المقدمة “متوازنة، وتعكس المصالح الأساسية لكل الأطراف إلى أقصى حد ممكن”.
وتابع: “كما تمثل (المقترحات) حزمة واقعية وشاملة تمكن اليمن من الابتعاد عن عنف ومعاناة الماضي، واتخاذ خطوة تاريخية نحو السلام”.
وحث غريفيث، الأطراف “على قبول المقترحات المقدمة دون تأخير، وعلى بدء العمل معا من خلال عملية سياسية رسمية لإنهاء الحرب بشكل شامل”.. مؤكدا أن “المجتمع الدولي مستعد لتقديم الدعم والضمانات لتلك العملية”.
وأضاف: “لقد أصبح وقف القتال بشكل عاجل أمرا مصيريا وحاسم الأهمية، بعد ظهور أول إصابة بكورونا في اليمن، الجمعة”.
وعبر المبعوث الأممي عن شكره لجميع اليمنيين “ممن طالبوا بالسلام علنا في الأسابيع الأخيرة”.. متمنياً أن “تستجيب الأطراف لتلك المطالب، وأن تظهر الروح القيادية التي يحتاجها اليمن في تلك المرحلة الحرجة”.