المبعوث الأممي إلى اليمن… نفقات بلا حساب ومهمة بلا نهاية
يمانيون – تقرير – محمد الحاضري
لم يقدم المبعوث الأممي إلى اليمن مارتن غريفث جديدا في إفادته الأخيرة أمام مجلس الأمن على غرار إفاداته السابقة خلال عامين مضيا مذ توليه مهام منصبة، لكن الجديد هذه المرة ما كُشف عن نفقات مهولة لمكتب هذا المبعوث والتي تجاوزت نفقات البعثة الأممية إلى سوريا.
وتداول ناشطون على مواقع التواصل الاجتماعي بالوثائق ميزانية مكتب المبعوث الأممي في اليمن التي بلغت العام ٢٠١٩ حوالى ١٧ مليون دولار وستزيد هذا العام إلى ١٨ مليون متخطية ما خصص للبعثة الأممية في سوريا التي بلغت١٦ مليون دولار، وبلغ عدد موظفي بعثة غريفث 95 موظفا العام الماضي وسيرتفع إلى 101 خلال هذا العام، جلهم موظفين دوليين، فيما جاءت الصرفيات المتعلقة بالطيران بمعدل ١.٣ مليون دولار سنويا.
أما بالنسبة لبعثة الحديدة الأممية، فقد تجاوزت ميزانيتها العام الماضي 56 مليون دولار بمعدل صرفيات شهرية تتراوح بين 2.4 – 4.6 مليون دولار، بعدد موظفين ١٣٨ موظف العام ٢٠١٩ سيرتفع إلى ١٥٩ في ٢٠٢٠، وإيجار السفينة مقر بعثة الحديدة وصل 810 ألف دولار بالشهر، كما استأجرت هذه البعثة فندق فور سيزن بواقع ٣ مليون دولار، وفلل بواقع 1.8 مليون، والفلل التابعة لبرنامج الغذاء العالمي وأماكن إقامة في صنعاء بواقع نصف مليون دولار.
ولتقريب حجم الإنفاق فإن نفقات بعثة غريفث والحديدة تتجاوز 44 مليار ونصف مليار ريال يمني أي أكثر من نصف روتب الموظفين اليمنيين الحكوميين التي تقدر ب75 مليار ريال في الشهر.
وأمام هذا الأنفاق الهائل ماذا تحقق، فالعملية السياسية تراوح مكانها خلال العامين، والانجاز الوحيد الذي يحسب لغريفث رغم ما شابه من اختلالات هو اتفاق السويد في ديسمبر 2018والذي يراوح مكانه هو الأخر إلا ما قام به الجانب الوطني من جانب واحد كالانسحاب من موانئ الحديدة وفتح حساب بنكي لتوريد إيرادات الموانئ لتغطية رواتب الموظفين، في المقابل لم تنفذ الأمم المتحدة التزاماتها بنقل آلية التفتيش من جيبوتي إلى الحديدة ولم تلزم طرف قوى تحالف العدوان برفع الحصار وإيقاف احتجاز سفن الغذاء والوقود، ناهيك عن إلزامهم بوقف خرق إطلاق النار والتي وصلت 31 ألف خرق حتى ديسمبر الماضي، راح ضحيتها 656 شهيدا وجريحا منهم 175 شهيداً بينهم 63 طفلا و27 امرأةً، وفقا لإحصائيات رسمية.
وقال ناطق القوات المسلحة اليمنية العميد يحيى سريع “في الوقت الذي التزمت فيه قواتنا بتنفيذ اتفاق استوكهولم وقدمنا خطوات تنفيذية من طرف واحد كإعادة الانتشار في موانئ الحديدة وتثبيت وقف إطلاق النار والمحافظة على تدفق المساعدات وغير ذلك من الخطوات الأخرى ما تزال قوى العدوان ومرتزقتهم يماطلون في تنفيذ الاتفاق ويرتكبون مزيداً من الخروقات بشكل يومي، ولايزال العدوان ومرتزقته يواصلون الحصار على مدينة الدريهمي ويمنعون وصول الغذاء والدواء للمواطنين المحاصرين لما يقارب العام وهو ما يؤكد عدم جديتهم في تنفيذ الاتفاق.
في المجمل يبدوا واضحا رضى قوى العدوان عن سير عمل غريفث وذلك من خلال رفع مخصصات البعثة، فالرجل يذهب باتجاه رغبة العدوان في حماية مأرب كقاعدة للقوات السعودية الغازية بالقرب من منابع الثروة والتي التقى المبعوث قائدها مطلع الشهر الحالي في مأرب، وكذلك تريد تلك القوات إبقاء مأرب ملاذا آمنا لتجنيد المرتزقة للقتال تحت راية القوات السعودية ضد القوات المسلحة اليمنية.
ويبدوا أن مهمة غريفث تسعى لتثبيت الوضع الميداني العسكري بوضعه الحالي تمهيدا لتنفيذ مشروع تقسيم اليمن إلى ستة أقاليم وبدا ذلك من خلال القلق “العميق” الذي أبداه غريفث تجاه انتصارات الجيش واللجان الشعبية في مأرب والجوف خلال إحاطته، الخميس، أمام مجلس الأمن، وهذا القلق يشبه إلى حد كبير قلق بريطانيا حين أصدرت بيان إدانة نهاية يناير عقب تحرير القوات المسلحة اليمنية لمديرية نهم من جحافل الغزاة والمرتزقة، وهي التي سكتت وتجاهلت كل جرائم العدوان وعملياته بحق الشعب اليمني على مدى خمس سنوات.
إن كانت هناك جدية لحلحة الملف السياسي اليمني فمفاتيح الحل كما جاء على لسان رئيس الوفد الوطني المفاوض محمد عبد السلام تتركز في “أولا على وقف العدوان ورفع الحصار ثم إجراء مفاوضات سياسية جادة” مؤكدا “أن أي دعوات مجزأة إنما هي دعوة مبطنة لإطالة العدوان والحصار” داعيا “المبعوث الأممي أن ينأى بنفسه عن الأجندة المشبوهة فالطريق نحو المشاورات السياسية يتطلب وقفا للعدوان وفكا للحصار”. ويبدوا أن غريفث لم يكترث لهذه الدعوة فإحاطة الأخيرة تأتي في سياق إطالة أمد الصراع، طالما ومخصصاته في إزدياد.