شراء الولاءات القبليّة متعثّر: استماتة سعودية لمنع سقوط مأرب
يمانيون – تقارير – جريدة الأخبار اللبنانية
تبذل السعودية جهوداً حثيثة لمنع سقوط مدينة مأرب بيد «أنصار الله»، بعدما بدا لها أن الوساطات التي تقودها الأخيرة مع قبائل المحافظة بدأت تؤتي أكلها في غير منطقة. وعلى رغم تلك الجهود، إلا أن «لجنة المصالحة» في صنعاء تؤكد أن «التواصل مع القبائل مستمرّ، والمؤشرات إيجابية»
صنعاء | قوبلت مساعي السلام التي تقودها حركة «أنصار الله» في محافظة مأرب، بقيام القوى الموالية لـ«التحالف» بإعادة ترتيب صفوفها، وحفر المزيد من الخنادق وإقامة تحصينات إضافية في محيط مركز المحافظة، وعقد العديد من الاجتماعات العسكرية التعبوية برئاسة اللواء السعودي عبد الحميد المزيني. اجتماعاتٌ أسفرت عن إعلان القيادات العسكرية التابعة لحكومة الرئيس المنتهية ولايته عبد ربه منصور هادي في مأرب، مساء الأربعاء، بإيعاز سعودي، رفض الوساطة بينها وبين قيادة صنعاء، داعية إلى رفع الجاهزية القتالية، والاستعداد لجولة جديدة من الحرب، على رغم ما تشهده صفوف القوى الموالية لـ«التحالف» من انقسام شديد بسبب سقوط محافظة الجوف بيد «أنصار الله»، وانهيار قوات هادي وميليشيات حزب «الإصلاح» (إخوان مسلمون) هناك.
لا تزال الرياض تحاول عقد لقاءات مع زعماء قبائل لكسب مواقفهم
لكن مع ذلك، لا تزال الرياض تحاول عقد لقاءات مع زعماء قبائل لكسب مواقفهم، وقطع أيّ تواصل بينهم وبين صنعاء، باستخدام الإغراءات المادية. ووفقاً للمصادر القبلية، فإن ضباطاً سعوديين صرفوا مبالغ مالية عالية لعدد كبير من المشائخ، لكن هؤلاء يُعدّون من الدرجة الثالثة في صفوف قبائلهم، والكثير منهم ليس بيدهم القرار. وجاءت هذه التحركات السعودية بعدما فشلت جهود قوات هادي وميليشيات «الإصلاح» في كسب ولاء القبائل، التي أصبحت تكنّ عداوة للأخير بفعل سيطرته على عائدات النفط والغاز في المحافظة. ولعلّ ما أنشده شيخ مشائخ قبلية عبيدة، محسن بن عبيدة، بعدما سقطت جبهة نهم أواخر كانون الثاني/ يناير الماضي، يعبّر بوضوح عن ذلك السخط، إذ دعا قوات الجيش واللجان الشعبية إلى التقدّم إلى مأرب، معرباً عن الاستعداد للتعاون معها، قائلاً: «وين عبد الملك يرسل لنا ربعه… ضاقت الناس من شرعية الداشر/ اللقاء بيننا يا حوثي الطلعة… بانسيل معك لا ما نصل صافر/ وأهل مأرب رجال الحرب والفزعة… بعد هذا البلاء ما عاد حدن صابر». وتَختصر أبيات بن عبيدة ممارسات ميليشيات «الإصلاح» بحق قبائل مأرب على مدى السنوات الأربع الماضية، حيث عمدت إلى تهميش القبائل، وواجهت مطالبها المشروعة بالقوة، وفرضت وجودها في المحافظة عنوة.
وعلى رغم محاولات السعودية وقف قطار الوساطات، علمت «الأخبار» من مصدر في «لجنة المصالحة» في صنعاء أن «التواصل مع قبائل مأرب لا يزال مستمرّاً»، وأن «المؤشرات إيجابية حتى الآن، ومستوى الاستجابة مشجّع». على أن تحرك الرياض لوقف تقدّم الجيش واللجان شرقاً لا يقتصر على تلك الجهود، بل يشمل أيضاً تنشيط الدبلوماسية السعودية على المستويين الإقليمي والدولي. وفي هذا الإطار، تأتي المباحثات التي أجراها وزير الخارجية البريطاني، دومينيك راب، في الرياض ومسقط، توازياً مع زيارة وفد من الخارجية البريطانية برئاسة ستيفاني الكاك، رئيس وفد صنعاء التفاوضي الموجود في العاصمة العُمانية محمد عبد السلام، يوم الأربعاء. كذلك، بدت لافتة الزيارة المفاجئة التي قام بها نائب وزير الدفاع السعودي، خالد بن سلمان، للسلطنة، حيث طالب، بحسب بعض المصادر، بتدخل عُماني لوقف تقدّم قوات صنعاء في المناطق الحدودية السعودية بعد سيطرتها على مدينة الحزم مركز محافظة الجوف، التي تجمعها حدود واسعة مع المملكة.