عبد الملك الحوثي والذين معه (18)
يمانيون || مقالات ||إبراهيم سنجاب
بنفس درجة السخف حول مبررات الاعتداء على اليمن وحصاره وتجويع 20 مليون إنسان قبل 5 سنوات , أصبح من السخف متابعة إعلانات الإدارة الأمريكية عن ضبط شحنات سلاح إيرانية كانت في طريقها للحوثى كما حدث يوم الخميس الماضي . فلا الـ150 صاروخا التي أعلنت واشنطن عن ضبطها هي التي ستحسم الحرب في اليمن , ولا هي التي ستسقي الحوثيين ماء الحياة ليواصلوا تصديهم وتحديهم للإدارة الأمريكية والبلطجة الصهيونية في الجزيرة العربية .
قبل أيام فقط استطاع الجيش واللجان الشعبية تحرير مساحة 2500 كيلومتر ومطاردة ما لا يقل عن 30 ألف مرتزق يمني من أتباع الشرعية والإصلاح للدرجة التي كانوا يسمحون فيها بهروبهم وتجنب أسرهم وقتلهم , واستطاعوا اغتنام أسلحة ومعدات 22 لواء وكتيبتين في معركة أطلقوا عليها «البنيان المرصوص» . وقبلها بأسابيع معدودة استطاعوا إذلال السلاح الغربي في معركة “نصر من الله” فقتلوا وأسروا وطاردوا وغنموا أسلحة وعتادا ما كان ليصل لأيديهم لو أنهم يمتلكون موازنة دولة لم تحارب من 50 سنة . واليوم يعلن المتحدث العسكري اليمنى أنه تم اسقاط طائرة حربية سعودية من طراز :تورنيدوا « بصاروخ أرض – جو مناسب في سماء محافظة الجوف , حيث تتأهب قواتهم لاجتياحها ضمن خطتهم لتحرير مأرب .
حوثيون .. فليكن !
منذ وصول أنصار الله إلى صنعاء ومعهم تحالف ثوار 21 سبتمبر 2014 تفننت آلة الدعاية الرجعية في إطلاق وصف “الحوثيون” عليهم , لترسيخ مفهوم أنهم جماعة قبلية طائفية في الأذهان وكأنهم ليسوا يمنيين عرب مسلمين أصحاب مشروع ثوري يرون فيه عزة وكرامة بلدهم , ويعتبرونه مخرجا لها من كل أزماتها وتبعيتها وكحديقة خلفية لدول الخليج.
واليوم وبعد خمس سنوات من الصمود في وجه أخبث مخطط لتدمير مستقبل اليمن واليمنيين , بات كل حر يتمنى أن يطلق عليه صفة حوثي , وما الضير ؟ أليس هناك في عالمنا العربي القبائلى ناصريون وبعثيون وسعوديون وشوافعة ومالكية وزيود وحنفية , كلنا قبليون طائفيون الخ . لقد صهرتهم التجربة تحت القصف , وبدلا من أن يكونوا وقودا لصفقات الصهاينة تحولوا إلى سيوف وخناجر في خصرها .
قبل عام , وفى مؤتمر وارسو المختلف على تسميته ما بين حصار إيران وبين تحقيق السلام والأمن في الشرق الأوسط , وبينما يتحدث نيتنياهو رئيس وزراء اسرائيل تعطل المايك , فاذا بخالد اليماني وزير خارجية الشرعية الافتراضية يعطيه المايك المخصص له , ليعتبرها نيتنياهو هدية وبداية تعاون بين اليمن وإسرائيل خطوة بخطوة , أما خلال العام نفسه من بعد المؤتمر , فقد استقال اليماني المفترض دون إبداء الأسباب , وشهدت صنعاء أكبر مظاهرة عربية في يوم القدس , ثم شهدت مرة أخرى أكبر مظاهرة عربية في وجه صفقة القرن , ليسجل عبد الملك الحوثى والذين معه حضورا في الحل النهائي المفترض لقضية تحرير فلسطين , في الوقت الذى عجزت فيه كل الأنظمة والجماعات والأحزاب في العالم العربي عن تسجيل مثيل له.
وما زالوا ملتزمين بمبادرة المشاط
في سبتمبر الماضي بعد عدة أيام من الهجوم على أرامكو الذى أربك العالم أطلق الرئيس مهدي المشاط مبادرة دعا فيها جميع الفرقاء من مختلف أطراف الحرب إلى الانخراط الجاد في مفاوضات جادة وحقيقية تفضي إلى مصالحة وطنية شاملة لا تستثني أي طرف من الأطراف .
وفاجأ المشاط قيادة التحالف على اليمن بدعوته وقف استهداف أراضي المملكة العربية السعودية بالطيران المسير والصواريخ الباليستية والمجنحة وكافة أشكال الاستهداف»، مضيفا: ننتظر رد التحية بمثلها أو أحسن منها , وبدا وكأنه على يقين بأن استمرار الحرب لن يكون في مصلحة أحد وأن ضررها الأكبر سيكون على دول العدوان بشكل أساسي ومباشر , وهو ما اتضح فيما بعد في عمليتي نصر من الله والبنيان المرصوص .
ورغم إعلان دولة الإمارات الانسحاب من اليمن بعد نصف مليون ساعة قصف بالطيران , وتفاصيل أخرى صغيرة من بينها مقتل 108 جنود وضباط إماراتيين وضابط إماراتى , إلا أن السعودية لم تعلن شيئا , بينما ما زالت صفقة تبادل الأسرى التي تم الاتفاق عليها على سبيل المثال لم تكتمل ,وما زالت غاراتها على صنعاء والمحافظات مستمرة , ومع ذلك فما زالت مبادرة المشاط قائمة , وما زال جريفت يروح ويجئ, وكأن مطار صنعاء قد شيد له فقط . ومع ذلك فما زالت صنعاء ملتزمة بمبادرة المشاط , لا لشئ إلا لتؤكد أنها دولة ولديها مؤسسة لصناعة القرار والالتزام به مهما كانت فرص الخروج عليه تبدو مربحة, على عكس الشرعية الافتراضية حيث لا قرار ولا دولة ولا التزام والأسباب معروفة , ومن نقصان العقل إعادة التذكير بها .
من المسيّرات إلى المقاتلات
كانت فرحة اليمنيين غامرة عندما أسقطوا لأول مرة مسيرة أمريكية في الساحل الغربي في أول أكتوبر 2017 , حينها كان الخبراء الاستراتيجيون ما زالوا على وهم أن تنتهى قوات التحالف من مهمتها في اليمن خلال أسابيع .