كيف يُحارب الفساد ؟!
كتبت /سعاد الشامي
الفساد ليس مجرد سرقة أموال وعبث بممتلكات دولة ومعاملات سرية تحت الطاولة بل هو انفلات أخلاقي وآفة خطيرة تنخر جسد القيم الإنسانية والاجتماعية قبل أن تنخرالموارد والإمكانيات الاقتصادية للشعوب ، ومؤشر خطير يدل على انحراف المعايير السليمة داخل النفوس البشرية وداخل الأنظمة الإدارية وهذا مايفسد الحياة بأكملها ويحد من تنمية البلدان والنهوض بها والالتفات إلى مصائر الشعوب واحتياجاتهم الضرورية .
وهنا وجب علينا التساؤل .. من أين امتلك هذا الفاسد حق الافساد وكيف صرح لنفسه بمشروعية الفساد ؟!
هل يعقل بأن هذا الفاسد قد خلق فاسدا منذ تواجده على ظهر هذه الأرض ؟!
أم أن هذا الفاسد قد وجد نفسه يمشي في طريق منحرف قد سبق إليه الكثير من أقرانه فسار بنفس السياق وهو يعتقد بأن هذا من مستلزمات المسؤولية ؟!
من الطبيعي جدا تشخيص المرض قبل كتابة العلاج وتناول الجرعات وبما أن هذا الفساد من أخطر الأمراض الاجتماعية فدعونا نبحث عن مسبباته ونعود إلى الماضي ونبحث في جوانب النظام السابق وسياسته المعتمدة في العمل المؤسسي والإداري فما الذي سنراه هناك ؟!
تشبث واحتكار للسلطة ؛ نظرة مادية استحقاقية ذاتية تطغي على النظرة الخدمية والمجتمعية، وظائف الدولة بمختلف أشكالها عشوائية وخالية من معايير الكفاءة والمهنية في انتقاء الكوادر والشخصيات القيادية والمخلصة ، النظام صفقة تجارية ومؤسسات الدولة غنيمة تتقسم على أصحاب النفوذ ، مقدرات الدولة تعطى استحقاقات حزبية وفئوية ومنح مادية للمشائخ والأعيان من أجل شراء ولائهم ومواقفهم ، اهدار فرص الأعمار والتقدم والنهوض الحضاري للوطن ، المسؤول لايجوز له أن يكون كبقية أفراد الشعب بل المتوجب عليه أن يكون غنيا وأن يتغير بمجرد استواءه على كرسي السلطة !
فإذا كان النظام السابق قد جعل من الفساد منظومة قائمة وثقافة راسخة وقواعد متوارثة فهل من المعقول بأنك ستنجح بمحاربة الفساد بمجرد محاسبة هذا الفاسد أوذاك ؟!
قد تحاسب هذا الفاسد وينال عقوبته ولكن قد يأتي فاسد غيره ليؤدي دوره وبكل سهولة !
الرغبة بمحاربة الفساد وحدها لاتكفي والمحاسبة الجزئية لن تجدي نفعا في استئصال جذور الفساد مالم تحول الرغبات إلى خطوات ملموسة وتكون هناك حكمة في طرح رؤى تصحيحية للوضع العام قبل الوضع الخاص.