اليسار يسار واليمين يمين في بلاد جيفارا ولن يلتقيا
د. احمد الصعدي
في غضون أسبوع واحد وردت ثلاثة أخبار من أمريكا اللاتينية التي اسميها – مجازا – بلاد جيفارا . آخر هذه الأخبار من الأرجنتين موطن جيفارا وحمل فوز مرشح ((جبهة للجميع)) ذي التوجه اليساري البرتو فرنانديز بمنصب رئيس الجمهورية . ومن بوليفيا حيث استشهد جيفارا بعد أن ترك مناصب عليا في جمهورية كوبا الاشتراكية وذهب إلى غابات بوليفيا لمواصلة درب النضال الأممي ضد الامبريالية وعملائها ، جاء خبر إعادة انتخاب السياسي اليساري ايفو موراليس رئيسا للجمهورية.
ومن سانتياغو عاصمة تشيلي ، التي تذكرنا بواحدة من أكبر الجرائم الدموية للمخابرات المركزية الأمريكية التي حدثت في الحادي عشر من سبتمبر 1973 وتمثلت بالانقلاب الفاشي الذي تزعمه اوغسطينو بينوتشيه وأطاح من خلاله بحكومة تحالف ((الوحدة الشعبية)) وبالرئيس المنتخب والمحبوب بين الجماهير سلفادور الليندي ، الرئيس الشجاع الذي صمد مع المخلصين من حراسه ورفاقه في القصر الرئاسي وقاوم حتى الموت ، من سنتياغو جاء خبر نزول مليون مواطن للتظاهر ضد الفوارق الاجتماعية . الرابطة الوثيقة بين ما حملته هذه الأخبار الثلاثة هو التوجه اليساري الذي يقاوم الظلم الاجتماعي والهيمنة الامبريالية .
ما يجب أن يلفت أنظارنا في الوطن العربي ، حيث تعودنا في تظاهراتنا وتحركاتنا أن يختلط حابل القوم بنابلهم ، هو الوضوح في الشعار الذي رفعه المتظاهرون في سانتياغو . إن رفض الفوارق الاجتماعية هو إشارة صريحة إلى الاستغلال الطبقي وإلى الظلم الاجتماعي وإلى هيمنة الامبريالية العالمية من خلال مخالبها المتمثلة بشركاتها وبصندوق النقد والبنك الدوليين . في بلاد جيفارا ، أمريكا اللاتينية ، لم يفقد اليسار قضيته ولم تصبه ميوعة فكرية ، ولم يتخل عن الدفاع عن العمال والفلاحين والفقراء وكافة المقهورين ، ولم يته في مشكلات مختلقة ، وذلك هو سبب كونه لم يتلاش كما تلاشى اليسار العربي الذي انتقل في معظمه إلى مقدم خدمات لدى دوائر غربية مشبوهة مثل صندوق جورج سوروس لتشجيع الديمقراطية او لدى مشيخات النفط . ما يزال اليسار في أمريكا اللاتينية مخلصا لقضايا تحرير الشعوب ولهذا يقف بقوة إلى جانب الشعب الفلسطيني ، كما أن موقفه من العدوان على اليمن هو أوضح وأقوى من مواقف بعض اليساريين والقوميين العرب ، ويكفي أن نذكر المداخلات الرائعة لممثلة بوليفيا في مجلس الأمن دفاعا عن مظلومية الشعب اليمني .
يدرك اليسار في أمريكا اللاتينية أن أهداف الفقراء لا تلتقي مع أهداف ناهبي خبزهم وثروات أوطانهم ، وأن الاستقلال الوطني والهيمنة الأجنبية لا يجتمعان ، ولهذا نجد أن اليسار واليمين في بلاد جيفارا لا يلتقيان .