إحياءُ مولد نبينا الأعظم حياةٌ
يمانيون – رويدا البعداني
ها هي الذكرى تطل علينا بزينتها، تقاسمنا تشاركنا بميلاد الحبيب المصطفى تذكرنا، ترجعنا لحقبة الزمن الأول لمن أحيا أمّةً وأقام دولةً عادلة حقّة، وأشعل في دروب الحياة شمعةً ليقضيَ ضوءُ النور على العتمة.
كثيرةٌ هي الأقلام التي عبّرت، ففي كُـلِّ سنَة يأتي على أبناء شعبنا العظيم، اليوم الثاني عشر من شهر ربيعٍ الأول، بحلّة جديدة يستقبله أهلُ اليمن بحفاوة، من تجهيز فعاليات، وإقامة موالد واحتفالات، بدافع الذكرى والوفاء والولاء لمولد نبينا الأكرم -صلى اللهُ عليه وعلى آله-.
وأنا هنا لن أسهبَ لأشرح قصته، فقد عُرف لدى العالم أجمع أنه أعظم رجل عرفه التاريخ، أحبه من عرفه وآمن به ومن سمع عنه ولا يعرفه، هو صاحب المعجزة الخالدة، والسيرة الصادقة، التي هزمت جبالَ الشرك، بوديانها المهترئة من عبادة الأصنام وتقديس الأوثان.
واليوم ونحن نقف على هذه الذكرى، امتزجت فينا لوعةُ السرور وحسرةُ الشعور، كم نحن بحاجة لتلك الشجاعة التي وقفت أمام هذا العالم حين تكالبت عليه قوى الشرك والاستكبار بكلِّ قواها وإمْكَانياتها وعتادها، كم نحن بحاجة لذلك الحلم والصبر الذي تغلّب على تعنّت وتصلّب الجاهلين والجبابرة الطاغين.
ففي الوقت الذي كان تخيّم عليه خرافة الجهل في ذاك الزمن، أرسله اللهُ نوراً للجاهلين ودليلاً للحائرين، وقوةً عظيمة للمستضعفين، لم يستعن بحكام عصره ولا بساسة زمنه، ولم يستظل بقوة غير تأييد ربه؛ ولأنه صاحبُ رسالة سامية وخالدة وغاية واضحة، سار على مبدأ المعيّة الربانية، والقضية الجهادية، انطلق ولم يردعه ظالم، حارب قوى الباطل وقوّض أسياد الظلم، رفع راية الحق، وبالحق قاتل.
أسفي وأجلُّ ندمي لمن لا زال يراهن على أن ميلادَ النبي الأكرم بدعة، وذْكراه والاحتفال به ضلالة، أنا لستُ من علماء الفقه والسيرة، ولم أرتدِ يوماً ثوب القُضاة، وأفتِ بحبّ الهوى وأقف لمولد خير البشرية وأقل: لا تحتفلوا به فهو بدعة وعين الضلالة، كذلك أيضاً لن أجبرَكم على الاحتفال.
ولمن يحتفل، لا تأتِ محتفلًا وأنت مقصِّرٌ، فلا أنت الذي اتّبعت أوامره ولا اجتنبت نواهيَه..
لا تأتِ محتفلًا وأنت لم تستشعر حبَّه في داخلك، ولم يكن أحبَّ إليك من نفسك ومالك وولدك، فلا حب ينمو إلا في قلب صادق صدوق، لا تأتِ محتفلًا وبداخلك حقدٌ وكراهية، سامح وصافح وارتقِ بأخلاقك فأنت في مولد رسولِ البشرية.