الأسرى بين جريمة مارب وصفقات التبادل
يمانيون – عبدالفتاح علي البنوس
لم يشهد ملف الأسرى أي تقدم ولم يحصل أي انفراج منذ التوقيع على اتفاق السويد الذي نص على تبادل شامل للأسرى وفق مراحل وخطوات مزمنة تصل في محصلتها النهائية إلى عملية تبادل شاملة لكافة الأسرى والمعتقلين والمفقودين من الطرفين ، بمنأى عن المكايدة والمغالطة ووضع العقبات والعراقيل والعقدة في المنشار للحيلولة دون تنفيذ الاتفاق والخروج به إلى حيز التنفيذ ..
حيث ما تزال قوى العدوان تماطل وتسوِّف في تنفيذ اتفاق السويد الخاص بملف الأسرى ، ولا توجد هنالك أية بوادر إيجابية من قبلهم تفضي إلى حلحلة هذا الملف ، فمنذ عقد الاجتماعات الخاصة بملف الأسرى هناك في السويد ظهرت وبجلاء عدم رغبة وفد الرياض في انهاء معاناة الأسرى والمعتقلين وذويهم ، وطي هذا الملف بصورة نهائية ، ابتداء بالمماطلة في تسليم كشوفات تضم أسماء المعتقلين والأسرى بغرض تسليمها للوفد الوطني للاطلاع عليها وتقديم الملاحظات عليها ، وذهاب المرتزقة لعمل منشورات عبر شبكات التواصل الاجتماعي لمخاطبة الأسر التي لديها أسرى أو مفقودين أو معتقلين كانوا يقاتلون في صفوفهم للإبلاغ عنهم ليتم ضمهم إلى الكشوفات ، وهذا دليل واضح على استهانة واحتقار قوى العدوان لهم ، وعدم اكتراثها بمصيرهم ، لتتواصل المماطلة من قبل قوى العدوان ومرتزقته رغبة منهم في الإبقاء على هذا الملف معلقا لتستمر معاناة الأسرى وأسرهم وأهاليهم .
اللجنة الوطنية لشؤون الأسرى لم تقف مكتوفة الأيدي جراء تعنت الطرف الآخر ، بل عملت على خلق قنوات تواصل مع بعض الأطراف المحلية في عدد من الجبهات وذلك بهدف تمرير عمليات تبادل داخلية للأسرى والمعتقلين ، حيث نجحت في إطلاق العديد من الأسرى والمعتقلين ، رغم محاولات قوى العدوان إفشالها كما حصل مع صفقة التبادل التي كانت على وشك التنفيذ في تعز والتي تعرضت للإجهاض في لحظاتها الأخيرة ، قبل أن تقوم طائرات تحالف العدوان باستهدافهم داخل سجن التوقيف بكلية المجتمع بذمار لتحصد المئات بين قتيل وجريح في واحدة من أكثر جرائم قوى العدوان وحشية في حق أسراهم .
القيادة السياسية وحرصا منها على خلق بيئة مناسبة مشجعة على تنفيذ اتفاق تبادل الأسرى عملت على إطلاق سراح مئات الأسرى والمعتقلين من جانب واحد لإثبات حسن النوايا ، في الوقت الذي تعمل اللجنة الوطنية لشؤون الأسرى على المضي في إبرام صفقات تبادل محلية مع المرتزقة المحليين في عدد من الجبهات ، حرصا منها على انهاء معاناة الأسرى والمعتقلين والمفقودين ، كونها تستشعر حجم هذه المعاناة وتقدر الظروف الصعبة التي تعيشها أسرهم والقلق الذي ينتابها على ذويها ، وخصوصا انها تدرك خسة ووضاعة المرتزقة وافتقارهم للقيم والأخلاق ، وهو ما يجعل حياة ذويها من الأسرى معرضة للخطر ، وما حصل من جريمة نكراء تتنافى مع كافة الأديان والأعراف والقوانين ارتكبها مرتزقة العدوان في مارب بحق ثلاثة من أسرى الجيش واللجان الشعبية الذين تعرضوا للتعذيب حتى الموت ، وما سبقتها من جرائم مماثلة طالت الأسرى لدى المرتزقة خير شاهد على ذلك ، بخلاف ما هو عليه حال أسرى قوى العدوان والمرتزقة لدى الجيش واللجان الشعبية ، والذين يحظون بالرعاية والاهتمام ولعل المشاهد التي وثقتها عدسات الإعلام الحربي خلال عملية نصر من الله لأبطالنا وهم يقومون بتأمين الأسرى وتجنيبهم قصف طائرات أسيادهم الذين يقاتلون في صفهم إلا خير شاهد على ذلك .
بالمختصر المفيد، صفقات تبادل الأسرى الداخلية التي تقوم بها مشكورة اللجنة الوطنية لشؤون الأسرى تعد (ضربة معلم) من شأن استمرارها وضع قوى العدوان في موقف محرج أمام المجتمع الدولي ، كونها لا تمتلك سلطة القرار كاملة حول هذا الملف ، وتكشف وجود قوى محلية تأخذ منها الدعم والتمويل ، ولكنها ما تزال محتفظة بالقليل من الاستقلالية التي تجعلها تذهب لتنفيذ عمليات تبادل للأسرى دون الحاجة لأخذ الإذن والموافقة من قبل السعودية والإمارات ، وهو مؤشر إيجابي ، أنا على ثقة بأنه سيدفع بقوى العدوان إلى تحريك ملف اتفاق السويد بشأن الأسرى ، ليس من باب الحرص على مصلحة الأسرى ، ولكن من أجل تفادي أن ينظر إليهم نظرة (الأطرش في الزفة) وهم من ينظرون إلى أنفسهم على أنهم من يمسكون بزمام أمور هذا الملف وأن حله مرتبط بموافقتهم دون غيرهم .
هذا وعاشق النبي يصلي عليه وآله وسلم .