في الذكرى الـ42 على جريمة اغتياله والتي تحوّلت إلى يوم للوفاء لروحه الطاهرة
يمانيون – تقرير
شاء القدرُ بأن تكونَ أحداثُ 2011 والتي عُرفت بثورات الربيع العربي على الصعيد المحلي اليمني أن تحملَ معها بدايةَ التحرّر من قبضة السلطة الإقصائية وسياستها القمعية، بدأت تتسرّبُ صورُ الرئيس الشهيد إبراهيم محمد الحمدي والتي ظلت من المحظورات في البلاد، وكانت بمثابة الاستهلال لمرحلة الإنصاف لشخصية وطنية كان صاحبها يمثلُ الوطنَ والجمهورية والدولة اليمنية التي ينشُدُها كُـلُّ أحرار وشرفاء اليمن.
وتتواصل خطواتُ الإنصاف للرئيس الحمدي بالتطرق إلى سيرته وحياته والمواقف الوطنية والقومية التي جسّدها خلال فترة حكمه، والملابسات التي رافقت جريمة اغتياله التي جاءت بدعم وإسناد وتخطيط آل سعود، حَيثُ تسابقت القنواتُ الفضائية والإذاعاتُ والصحف والمواقع الإلكترونية على تسليط الضوء على هذه الحقبة الزمنية الزاهية في تاريخ اليمن تحت قيادة الرئيس الشهيد إبراهيم محمد الحمدي، والتي ظلت مغيبة تماماً في مختلف وسائل الإعلام والمناهج الدراسية، وظل تاريخُ الرئيس الحمدي رهينَ أروقة السلطة التي عملت على تغييبه من باب الحسد والغيرة والحرص على عدم إثارة هذا الموضوع.
تغييبُ إنجازات الشهيد الحمدي وتجاهلُ ما قدمه لليمن خلال فترة حكمه
تغييبُ الرئيس الحمدي وتاريخه ومواقفه وإنجازاته التي حقّقها لليمن واليمنيين ليسَ عفوياً أَو غيرَ مقصودٍ، ولكنهُ كانَ بتوجيهات رسمية من قبل السلطات المتعاقبة التي تورّطت في جريمة اغتياله؛ طمعاً في محوِ ذِكره وتغييبه عن السرد والعرض التاريخي اليمني، وعن الأجيال المتعاقبة التي لم تعرف عنه إلا بعدَ العام 2011، خطوات ملموسة مرتبطة بالمشاريع الخدمية والإنمائية وتطلعاته التنموية، وقراراته الحكيمة ومواقفه الإنسانية، وتحَرّكاته الوحدوية، وأنشطته الوطنية التحرّرية، وسياسته المتزنة التي عمل خلالها على الانتصار للوطن وللمواطن، والارتقاء بمستوياته المعيشية والثقافية تجسيداً لأهداف الثورة السبتمبرية الخالدة التي سعى الرئيسُ الحمدي نحو تحقيقها، حَيثُ تعمدت السلطة إزالةَ كافة الشواهد التي تبرز تاريخَه وتشير إلى الإنجازات التي قام بها، وفي مقدمتها الوحدة اليمنية والتي كانت على وشك التحقيق لولا أيادي الغدر التي امتدت لاغتياله، حَيثُ وصل بهم الحقدُ إلى اقتلاع الأشجار التي قام بغرسها على جنبات طريق صنعاء تعز، والتآمر على مجالسِ التعاونيات والممتلكات التابعة لها من معدات وآليات خدمية وصولاً إلى اقتلاع أحجار الأَسَاس التي قام بوضعها عندَ تنفيذ بعض المشاريع الخدمية والتنموية، والمطلِّعُ على المناهج الدراسية يدركُ جيِّدًا التجاهلَ الملحوظَ والمتعمدَ لتاريخ ومآثر وإنجازات ومواقف الرئيس الحمدي، وهو ما يكشفُ عن سياسة ممنهجة متعمدة ذلك نكايةً به وسعياً لطمس تاريخه ومحو ذكره.
التورط السعودي في جريمة اغتيال الرئيس الحمدي
ظلت سُمعةُ الرئيس الحمدي مشبَّعةً بالطيب والمسك، وظل ذكرُه وما يزال على ألسنةِ الآباء والأجداد الذين عاشوا في ظل فترة حكمه حالةً من الرخاء والاستقرار، ولمسوا في توجُّـهاته الوطنية، ومواقفه السياسية والاجتماعية الرُّؤيةَ الوطنية الصادقة لبناء دولة فتية، وما تزال عبارة (راجع الحمدي) -التي كان يردّدها العمالُ اليمنيون للمواطنين السعوديين الباحثين عن عمالة فيما يتعلق بالأجرة الخَاصَّة بالعمل- حاضرةً وبقوة على ألسنة غالبية اليمنيين الذين كانوا في الغُربة خلال فترة حكم الحمدي، وما تزالُ ردودُ الأفعال السعودية الغاضبة عليها والناقمة على الرئيس الحمدي محفورةً في ذاكرتهم.
ومن هنا بدأت المؤامرةُ السعودية ضد الرئيس الحمدي والتي أشرف عليها وشارك فيها الملحَقُ العسكريُّ السعودي صالح الهديّان والذي أطلق من مسدسه الشخصي رصاصاتِ الغدر على جسد الحمدي، ويبرز دور مسؤول المِلَفِّ اليمني في الديوان الملكي السعودي المدعو علي بن مسلم والذي لعب دوراً بارزاً في الترتيب والتهيئة لتنفيذ هذه الجريمة البشعة التي أرادوا تغليفَها بطابع غير أخلاقي؛ بهدف تشويه سُمعة الرئيس الحمدي وشقيقه عبدالله قائد قوات العمالقة.
وبحسب المصادر المطلعة بدائرة التوجيهِ المعنوي فإنَّ السعوديةَ خصّصت موازنةً خَاصَّةً لتنفيذ هذه الجريمة؛ وذلك لضمان الخَلاص من رُعب الحمدي الذي خاطب القيادةَ السعودية المطالبة بترسيم الحدود بين البلدين بقوله: حدودُ اليمن للركن اليماني وحدود السعودية إلى صنعاء، وهي رسالةٌ فهمها جيِّدًا آل سعود وشعروا بأن مملكتهم في خطر ما دام من يقودُ اليمنَ إبراهيم الحمدي، فقرّروا الخلاصَ منه بالاستعانة بأدواتهم وأذرعهم في الداخل اليمني والذين حصلوا على أموالٍ طائلة مقابلَ مشاركتهم في هذه الجريمة البشعة التي مثلت الاستهداف الحقيقي للجمهورية الفعلية.
يومُ الوفاء للرئيس الحمدي
اليمنيون الأوفياءُ وللعام الثاني على التوالي يُحْييون ذكرى استشهادِ الرئيس الحمدي باحتفاليات رسمية بعد أن كان مجرّد ذكر الحمدي من المحرّمات، حَيثُ تم إحياءُ الذكرى الـ 42 لهذه الجريمة التي يرى الكثيرُ من السياسيين أنها كانت البدايَةَ الحقيقية للعدوان على اليمن، وأنَّ ما أعقبها من أحداث وحتى اليوم امتدادٌ لها، حَيثُ عمل آل سعود على وأد مشروع الدولة اليمنية الحديثة في مهدها، وأعلنوا بذلك بدايةَ مرحلة الوِصاية السعودية على اليمن من خلال تجنيد العملاء وكسب ولاءات المرتزِقة، الذين يقف بعضُهم وذوو من توفي منهم في صفهم اليوم في عدوانهم على بلادنا الذي تجاوز النصفَ الثاني من عامه الخامس، بعد أن نجحت ثورة 21 سبتمبر الشعبيّة في قطعِ اليد السعودية الممتدة إلى الداخل اليمني، ووضعت نهايةً للوصاية والتبعية السعودية ونجحت في تحريرِ القرار السياسي اليمني من التبعية والارتهان للسياسة السعودية، ويتطلعُ الشارعُ اليمني لليوم الذي ترفعُ فيه دعوى رسمية ضد السعودية والأطراف التي شاركت في جريمة اغتيال الرئيس الشهيد إبراهيم الحمدي؛ للمطالبة بمحاكمتهم ومعاقبتهم جراء هذه الجريمة التي تم تغييبُها وتجاهُلُها والتعاملُ معها بحالةٍ من الطي والنسيان؛ خدمةً لمصالح ومكاسبَ شخصيةٍ ضيِّـقةٍ للأطراف التي تعاقبت على إدارةِ شؤون اليمن واليمنيين.