فضيحة جديدة لسفير المرتزقة في القاهرة .. إقصاء «تهامة»
يمانيون../
مطلع سبتمبر الفائت فوجئت الطالبة فاطمة مساوى حجري، الحاصلة على منحة تبادل ثقافي من وزارة التعليم العالي والبحث العلمي، لدراسة الطب في مصر، بأن سفارة العميل هادي في القاهرة صادرت منحتها الدراسية واستبدلت بها طالبة أخرى من خارج الكشوفات المعتمدة رسمياً.
فاطمة حجري هي من أوائل الجمهورية ومعدلها 99.7%، وما كان لها أن تتلقى مفاجأة صادمة في العاصمة المصرية القاهرة، لكن ذلك حدث فعلاً بعد سطو أحد الدبلوماسيين في حكومة العميل هادي على منحتها وإعطائها لابنته، بتوجيهات مباشرة من سفارة هادي في مصر.
منحة فاطمة ليست الوحيدة المنهوبة، فثمة 4 منح للطلاب الأوائل الفائزين بمنح التبادل الثقافي تم الاستيلاء عليها ومنحها لأبناء دبلوماسيين.
تحول حلم فاطمة وزملائها وزميلاتها إلى كابوس، وقد وجدت نفسها بلا مأوى في مدينة بعيدة جداً عن موطنها، وتواجه فيها مسؤولاً فاسداً تحول إلى غول يشتكيه جميع اليمنيين المتواجدين في جمهورية مصر، والجميع في حكومة هادي منشغلون بإثبات عمالتهم للسلطات السعودية، ولا أحد مكترث بشكاوى اليمنيين في القاهرة ومعاناتهم.
فاطمة من تحويل قضيتها إلى قضية رأي عام، فحاول المرتزق محمد مارم، سفير هادي في القاهرة، إعطاءها وبقية الطلاب مذكرة بخمس منح للدراسة على حساب وزارة التعليم العالي في الحكومة البائسة ذاتها؛ لكن الوزارة رفضت ذلك، بحجة أن الطلبة قد تم تسجيلهم في منح التبادل الثقافي.
القضية شهدت جدلاً حاداً وسجالاً اتهامياً متبادلاً بين السفارة والوزارة؛ لكن كل ذلك لم يعد المنح المسلوبة إلى أصحابها ومستحقيها.
اتهامات متبادلة
بعد اشتعال مواقع التواصل الاجتماعي بمسألة الاحتيال على منحة دراسية لطالبة من محافظة الحديدة ومصادرتها، سارعت وزارة التعليم العالي في حكومة العميل هادي لاتهام السفارة في القاهرة بإسقاط خمسة من الطلبة الأوائل من كشوفات منح التبادل الثقافي واستبدال آخرين بهم في عمل وصفته بالتدخل من السفارة في أعمال الملحقية الثقافية والوزارة.
ويبدو أن البيان الذي أصدرته الوزارة في 18 سبتمبر الماضي جاء كردة فعل على التهمة التي وجهها إليها المرتزق محمد مارم بأنها تبتعث طلاباً أكثر من المقاعد المقرة ضمن منح التبادل الثقافي المعتمدة لليمنيين في مصر.
وحاولت الوزارة الدفاع عن نفسها بسرد مسؤوليات ومهام قالت إن القانون خولها بها، ومنها توزيع المنح على أوائل الجمهورية المتقدمين للمنافسة على منح التبادل الثقافي سنوياً.
وشن نائب وزير التعليم العالي في حكومة العميل هادي، المرتزق خالد الوصابي، هجوماً عنيفاً على المرتزق محمد مارم، سفير هادي في القاهرة، واصفاً تصرفات السفارة بغير القانونية، مشيراً إلى أن قضية الطلاب الخمسة لم تكن الأولى التي تخالف فيها السفارة القانون، مؤكداً أنها كررت ذلك كثيراً وأنها تفاجئهم كل عام بشطب أسماء بعض أوائل الطلاب واستبدال آخرين بهم من خارج كشوفات الوزارة.
ونقل موقع “المشاهد” عن المرتزق الوصابي قوله: “البروتوكول بيننا وبين السفارة أن نقوم نحن بالإعلان بشكل شفاف وواضح وبمعايير واضحة عن أسماء الفائزين بالمنح الدراسية، ثم نرسل الطلاب إليهم، ولكن فوجئنا بأن الملحقية التي تتبعنا وللأسف الشديد تنفذ توجيهات السفارة، وقامت بشطب بعض الطلاب واستبدال آخرين بهم من خارج كشف الوزارة”.
وكشف الوصابي عن قيام السفارة في القاهرة العام الفائت بتوزيع 50 مقعداً بجامعة الأزهر دون علم وزارة التعليم العالي في حكومة هادي، ولم يعلم بذلك إلا عندما قاموا بابتعاث طلاب للدراسة في تلك المقاعد ليتفاجؤوا بأن السفارة قد أنجزت الأمر، فما كان منهم إلا الاستسلام لقرارات السفارة وانتظروا إدراج أسمائهم ضمن كشف هذا العام.
وبحسب الوصابي فإن وزارة هادي تتلقى مئات الشكاوى من الطلبة في مصر جميعها شكاوى من السفارة وتدخلها السافر في أعمال ليست من اختصاصها قانونياً، ومن بينها توقيف رواتب الطلبة.
احتيال على البروتوكول
نسف المرتزق محمد مارم سفير هادي في مصر، والمدعوم بقوة من المرتزق محمد عوض بن مبارك، كل البروتوكولات والقوانين الخاصة بالمنح الدراسية المقدمة من مصر للطلاب اليمنيين، وبدلاً من ذهاب المنح لمستحقيها يقوم مارم بتوزيعها كهدايا لأبناء عدد من الدبلوماسيين والمسؤولين في حكومة هادي.
ووفقاً للبروتوكول الخاص بالمنح الدراسية المقدمة من مصر للطلاب اليمنيين، والذي تم تجديد التوقيع عليه في يوليو 2015، فإن المرتزق مارم قد قام بتزوير وثائق قدمت لوزارة التعليم العالي التابعة لحكومة العميل هادي بهدف سرقة المنح الدراسية ليوزعها، بحسب أحد الناشطين اليمنيين، “هبات لمن يريد من الدبلوماسيين وغيرهم من المسؤولين”.
وأكد الناشط على صفحته في “فيس بوك” الأربعاء الفائت: “البروتوكول يكشف أنه لا يوجد في أي من بنوده ما ينص على إعطاء أبناء الدبلوماسيين في السفارة 10 مقاعد سنوية، وهو الأمر الذي تتذرع به السفارة سنوياً لسرقة المنح الدراسية، بل إنها قامت في العام الدراسي 2016 – 2017 بتوزيع عشرات المنح على أبناء المسؤولين”.
وأضاف أن “البروتوكول ينص على أن تقدم جمهورية مصر العربية للطلبة اليمنيين 60 منحة دراسية جامعية سنوياً، و35 منحة دراسية في الدارسات العليا سنوياً، بالإضافة إلى 150 مقعداً في الكليات والمعاهد الجامعية لكافة التخصصات، ومنها 50 مقعداً في كليات القمة”.
ويكشف البروتوكول حجم التدليس الذي يمارسه مارم، وقيامه بالسطو على عشرات المنح الدراسية ووهبها لأبناء دبلوماسيين ومسؤولين في حكومة المرتزقة.
القانون عرض الحائط
ويبدو أن المسؤولين عن سفارة هادي في مصر أقوى من هادي وحكومته، ولا يمتثلون لأي توجيهات، ويضربون بالقوانين والبروتوكولات عرض الحائط.
وكانت السفارة في القاهرة اتهمت وزارة التعليم العالي في حكومة العميل هادي بإرسال قوائم بعدد أكبر من مقاعد منح التبادل الثقافي المقدمة لليمنيين من مصر وفق الاتفاق الذي وقعته الوزارة مع الجهات المصرية.
وفي خضم الاتهامات المتبادلة والمعززة بوثائق رسمية من السفارة والوزارة، لم يكلف المرتزق معين عبدالملك، رئيس حكومة العميل هادي، نفسه عناء إصدار توجيهات صارمة لحل مشكلة الطلبة الذين سلبت منحهم الدراسية، وقد ترك المهمة لمدير مكتبه، أنيس بن حارثة، وجه وزير التعليم العالي في حكومة هادي بضرورة التحقيق في قضية تظلم عدد من طلاب أوائل الجمهورية، المتضمن قيام الملحقية الثقافية في القاهرة بإسقاط أسمائهم من منح التبادل الثقافي المرشحين لها من قبل الوزارة ذاتها، وهم فاطمة سالم الخلاقي، مريم سعيد باعامر، أسامة فيصل عبداللطيف، وآخرون لم يتم تحديد أسمائهم في مذكرة بن حارثة.
غضب تهامي
قضية الطالبة فاطمة مساوى حجري أثارت حفيظة أبناء تهامة، الذين تصدروا قائمة المهاجمين لسفير هادي في القاهرة، مطالبين بضرورة محاسبته ومحاكمته.
ودشن نشطاء وتربويون من أبناء محافظة الحديدة حملات #تأديب_ الفاسدين _ بالسفارة اليمنية بالقاهرة و#مناصرة بنت # تهامة الطالبة # فاطمة_حجري وزميلاتها، المسروقة منحهن الدراسية.
وقال أنور أحمد بورجي: “بعد نهب منحة الطالبة فاطمة مساوى حجري الخلاقي من قبل سفارتنا بالقاهرة، نفاجأ بتنزيل أسماء أحدى عشر طالباً وطالبة من أبناء محافظة الحديدة ممن يدرسون بالخارج (بكالوريوس، ماجستير) على حسابهم الشخصي من كشوفات المساعدة المالية للربع الثاني من العام 2019، رغم صدور توجيهات صريحة باعتماد المساعدة المالية لهم، وتم متابعة تلك التوجيهات حتى تم تسجيلهم بالكشوفات”.
وأضاف بورجي في صفحته على “فيس بوك”: “من تم تسجيلهم بالكشوفات هناك ثلاثة طلاب منهم تم تنزيل أسمائهم من كشوفات الربع الأول من العام الجاري”.
ويرى بورجي أن ” تكرار الخطأ أكثر من مرة يبين لنا أن هناك تعمداً صريحاً من المعنيين بقطاع البعثات، وأن هناك أموراً مريبة تدار من خلف الكواليس”.
ولفت بورجي إلى أن محافظة الحديدة، نسبة لعدد سكانها، هي أقل المحافظات حصولاً على المنح الدراسية والمساعدات المالية لطلابها.
وأكد: “لن نصمت أو نتهاون بحقوق أبناء جلدتنا. لا نريد مِنة أو فضلاً من أحد. نريد حقوقنا فقط، أسوة بأبناء المحافظات الأخرى”.
وشن التربوي والأديب التهامي محمد شنيني بقش هجوماً عنيفاً على المرتزق محمد مارم، سفير العميل هادي في القاهرة. وخلال أكثر من أسبوع كامل لم يتوقف بقش عن المطالبة بمحاكمة مارم على فساده وإساءته البالغة للطالبة التهامية وزميلاتها.
وقال بقش على صفحته في “فيس بوك” نهاية الأسبوع الفائت: “لم يعد القعود عن واجب رعاية الطالبات اليمنية المبتعثات للدراسة ذا بال يذكر أمام أم الفواحش المخزيات التي اقترفتها السفارة التي عمدت إلى سرقة مقاعدهن الدراسية بالطبع”.
وأضاف: “لا يهمهم ولا يعنيهم وضع وحال الطالبات، حين تتحول السفارة من محرم يبلغن به مأمنهن، إلى مجرم كشر أنياب قبحه ليسلبهن حقوقهن ويحولهن إلى منكوبات وهن العزيزات الكريمات”.
استخفاف وإقصاء
ويبدو أن حكومة العميل هادي تتعامل مع أبناء تهامة باستخفاف واضح، وبطريقة إقصائية وصلت لدرجة مصادرة حقوقهم في المنح الدراسية، وحرمانهم من فرص تعليمية استحقوها بجدارة.
وقد علمت صحيفة “لا” من مصادر وثيقة الصلة بوزارة التعليم العالي في حكومة هادي أن قطاع البعثات بالوزارة أسقط 11 طالباً وطالبة مبتعثين من أبناء تهامة، وذلك بعد أكثر من عام قضوه في المتابعة والمعاملات التي مكنتهم من الحصول على توجيه من وزير التعليم العالي في حكومة هادي بضمهم إلى كشوفات المساعدة المالية للمبتعثين ابتداء من الربع الثاني من العام 2019
وأكدت المصادر أن الـ11 طالباً وطالبة تم استبعادهم بشكل تعسفي من الكشف النهائي بصورة شكلت صدمة كبيرة لأولئك الطلبة.
وكشفت المصادر أن وزارة التعليم العالي في حكومة العميل هادي غارقة في الفساد، ومن أشكاله التلاعب بكشوفات “الأرباع” حتى الساعات الأخيرة التي تسبق إرسال الكشوفات النهائية إلى المالية.
ولفتت المصادر إلى تحول قطاع البعثات بوزارة التعليم العالي في حكومة هادي إلى وكر فساد وسمسرة وعبث بمصير الطلبة وخاصة أبناء تهامة، البالغ عدد من أسقطت أسماؤهم منهم خلال العام الفائت والجاري قرابة 18 طالباً وطالبة.
(تقرير: عبدالملك هادي/ لا ميديا)