عملية نجران بعد أرامكو… تحوّل استراتيجي قد تعجل بإنهاء الحرب
يمانيون – شكلت العملية العسكرية النوعية التي نفذها الجيش اليمني واللجان الثورية في منطقة نجران، على الحدود السعودية اليمنية، ضدّ الجيش السعودي وقوات المرتزقة التي جنّدها، وأدّت إلى أسر ثلاثة ألوية بمعداتهم وعناصرهم، ومقتل وجرح خمسماية جندي، شكلت هذه العملية، بعد عملية أرامكو، تحوّلاً استراتيجياً في مسار الحرب، التي شنّها التحالف السعودي الأميركي على اليمن، منذ نحو خمس سنوات.. فإذا كان الهجوم على معامل شركة أرامكو قد عطل خمسين بالمائة من إنتاج النفط السعودي وشكل ضربة موجعة لأهمّ مرتكز اقتصادي يغذي الخزينة السعودية ويوفر لها القدرة على مواصلة الإنفاق على الحرب وشراء السلاح الأميركي.. فإنّ العملية العسكرية، في نجران، شكلت زلزالاً عسكرياً عصف بالجيش السعودي والمرتزقة، وأصاب ولي العهد السعودي محمد بن سلمان بالصميم.. خصوصاً أنّ المشاهد التي تمّ عرضها لعملية محاصرة الألوية العسكرية، والسيطرة على المدرّعات والدبابات السعودية، وأسر 2500 جندي، بينهم عشرات الضباط والجنود السعوديين، كان له وقع الصاعقة على المسؤولين السعوديين، السياسيين والعسكريين، فيما خيّم الذهول وحال الصدمة في عواصم الدول الحليفة للسعودية، وخصوصاً واشنطن، التي تدعم استمرار الحرب على اليمن…
إنه الحدث الذي لا يمكن تجاهله أو التعمية عليه ونسبه لإيران، كما جرى في الهجوم على أرامكو … للتهرّب من الاعتراف بالعجز أمام قدرات المقاومة اليمنية والاعتراف بتطوّر تقنياتها العسكرية، خلال السنوات الخمس من الحرب، على الرغم من الحصار الخانق المفروض على اليمن، والقصف اليومي والمجازر وتدمير البنى التحتية في اليمن… فالعملية العسكرية في نجران برهنت على نجاح اللجان الثورية والجيش اليمني في الانتقال من الدفاع إلى الهجوم في ميدان القتال، والإمساك بزمام المبادرة باستدراج الألوية الثلاثة إلى كمين محكم جرى التخطيط والإعداد له وتنفيذه بدقة ونجاح عال المستوى، عكس قدرة عالية في التكتيك العسكري، وإدارة معركة كبرى بهذه الحجم على مساحة كبيرة تناهز الـ 400 كلم مربع، والسيطرة على ميدان وساحة المعركة، وتحييد الطيران الحربي السعودي من خلال قصف المطارات العسكرية في نجران وجيزان، ومركز القيادة والسيطرة والتحكم للقيادة العسكرية السعودية في الرياض، بواسطة الطيران المسيرّ الذي نفذ، خلال العملية، نحو 20 غارة جوية…
إنّ هذا الإنجاز والانتصار العسكري للمقاومة اليمنية أدّى وسيؤدّي إلى تحقيق جملة من النتائج الهامة:
أولا: انكسار الجيش السعودي ومرتزقته، وتبيان فقدانهم القدرة على القتال والصمود في ميدان المعركة، وبالتالي غياب الروح القتالية والاستعداد للتضحية لديهم، لأنهم لا يملكون قضية عادلة يقاتلون من أجلها.. ومثل هذا الانكسار سيكون له أثر سلبي كبير على عموم الجيش السعودي والمرتزقة، بانهيار وتدمير معنوياتهم، لا سيما بعد أن رأوا وشاهدوا ما جرى من انهيار وسقوط الأولوية، بعناصرها ومعداتها، بالأسر، فيما شاهدوا كيف يقوم الطيران السعودي بقتل 200 عنصر من زملائهم الأسرى أثناء تسليم أنفسهم للجيش اليمني واللجان الثورية.
ثانياً: قلب مسار الحرب رأساً على عقب.. فالسعودية، بعد هذه الهزيمة المدوية في نجران، باتت في حالة انكشاف عسكري أمام المقاومة اليمنية المتزايدة تطوّراً وقدرة وقوة.. وفي مثل هذا الوضع الجديد فإنّ كلفة استمرار الحرب باتت عبئاً ثقيلاً جداً على الحكومة السعودية على المستويات العسكرية، والمادية، والمعنوية، والسياسية، وعلى مستوى دور وهيبة ومكانة السعودية في المنطقة والعالم..
ثالثاً: تبيّن للعالم انّ الحكومة لسعودية لا تملك شيئاً من عناصر القوة، سوى المال الذي تستطيع أن تشتري به المواقف السياسية لبعض الدول، والسلاح الأميركي المتطوّر، لكن ذلك لا يصنع لها جيشاً قوياً مقاتلاً مستعداً للتضحية، لأنه يفتقد لقضية عادلة وعقيدة..
رابعاً: انعدام ثقة حلفاء السعودية بقدرتها على الاستمرار في الحرب، وزيادة منسوب قلقهم من نتائج وتداعيات الاستمرار في الحرب على استقرار المملكة، التي تشكل مرتكزاً مهماً لنفوذ الغرب الاستعماري، بقيادة الولايات المتحدة.. ولهذا من المرجح أن تسارع واشنطن، التي تقف وراء الحرب، وصاحبة القرار في استمرارها أو وقفها، إلى العمل على الإسراع في دفع ولي العهد ابن سلمان للتجاوب مع المبادرة اليمنية لوقف الحرب والدخول في مسار التسوية.. وفي هذا السياق يمكن إدراج تصريح محمد بن سلمان القائل بأنّ إعلان الحوثيين قبل أيام عن وقف إطلاق النار من جانبهم نعتبره خطوة إيجابية للدفع نحو حوار سياسي أكثر جدية ونشاطاً . وهو ما وصفه رئيس اللجنة الثورية العليا محمد على الحوثي بأنه تفاؤل إيجابي .
خامساً: إنّ هذا الإنجاز والانتصار العسكري اليمنيّ يضع اليمن على أعتاب النصر الكبير الذي يُمكّنه من استعادة وحدته واستقلاله، بعيداً عن التبعية والهيمنة الأميركية السعودية.. الأمر الذي يشكل تراجعاً في النفوذ الغربي في المنطقة، وتحوّلاً مهما في موازين القوى في مصلحة محور المقاومة للاستعمار الأميركي الغربي والقوى الرجعية وكيان الاحتلال الصهيوني…
صحيفة البناء – حسين حردان