ترامب وشبح العزل.. لا تسلم الجرّة كل مرّة
يمانيون – متابعات
حاول النواب الديمقراطيون تجنب الدخول في اجراءات عزل الرئيس الامريكي دونالد ترامب، بسبب الكلفة السياسة العالية لهذا الاجراء، بالاضافة الى عقم المحاولة لوجود مجلس شيوخ جمهوري، سيقوض مساعيهم في نهاية المطاف، وكان اكثر هؤلاء الاعضاء تحفظا هو رئيسة الحزب نانسي بيلوسي، ولكن نشر فحوى المكالمة التي اجراها ترامب مع الرئيس الاوكراني فولوديمير زيلينسكي غيرت راي الجميع.
مضمون المكالمة الهاتفية بين الرئيسين الأميركي ونظيره الأوكراني ، التي نشرها البيت الأبيض يوم الأربعاء، تظهر أن ترامب طلب التحقيق في شأن خصمه جو بايدن ، حيث يقول ترامب لزيلينسكيو ، في المكالمة التي جرت في 25 يوليو/تموز الماضي ما نصه: “ثمة حديث كثير عن نجل بايدن وعن أن بايدن أوقف التحقيق، ويريد أناس كثيرون أن يعرفوا المزيد عن هذا الموضوع، من هنا سيكون رائعا أن تجروا تحقيقا في هذا الشأن”.
يبدو ان الديمقراطيين هذه المرة تخلوا عن تحفظهم ، وهناك الكثير منهم يعتقد، انه مع تكشف المزيد من الحقائق ، سيمكنهم كسب اصوات عدد كبير من السيناتورات الجمهوريين ، فلا يجازف اي شخص في الدفاع عن ترامب في حال ثبت خيانته للقسم.
رئيسة مجلس النواب بيلوسي التي اعلنت عن بدء تحقيق رسمي بهدف عزل ترامب ، قالت إن ملخص المحادثة الهاتفية ، يؤكد الحاجة لتحقيق بشأن مساءلة ترامب، وان الرئيس قام بسلوك يقوض نزاهة الانتخاب والمنصب الذي يتولاه والامن القومي.
اما آدم شيف، رئيس لجنة المخابرات بمجلس النواب الأمريكي، فقد اعلن ان ما قام به ترامب جريمة ترتقي الى عزل الرئيس ، وانه خان الامانة، عندما قام بإبتزاز رئيس دولة اجنبية ، وانه ، اي شيف، لم يكن يتوقع ما سمعه في المكالمة.
المكالمة الهاتفية كانت القشة التي قصمت ظهر البعير، فقد تلقفها الديمقراطيون من اجل انزال العقاب بترامب، بعد ان ورط بسياسته غير المسؤولة امريكا وجعلها منبوذة حتى من قبل اقرب حلفائها في اوروبا وامريكا الشمالية وحتى في اسيا، لاسيما بعد ارتكابه خطأه الفادح بالانسحاب من الاتفاق النووي ، الذي زلزل مكانة امريكا في العالم خاصة لدى الدول الكبرى التي وقعت الى جانب امريكا على الاتفاق النووي.
الضربة التي وجهها ترامب لامريكا جعلت هذه الدولة رغم كل ما تملك من قدرات اقتصادية وعسكرية ونفوذ في العالم ، تعجز حتى عن اقناع حليف تقليدي مثل بريطانيا ان يتبنى موقفها من ايران، بل عجزت ايضا عن تشكيل اي حلف مهما كان صغيرا، بذريعة مواجهة ايران.
امريكا ترامب ومنذ اكثر من عام ورغم كل الجهود التي بذلتها لتأليب العالم ضد ايران، واتهامها بانها وراء الاحداث الامنية التي شهدتها منطقة الخليج الفارسي ، لم تنجح حتى في تحريض اغلب الدول العربية في الخليج الفارسي، ضد ايران ، فالجميع بات يتهم امريكا بانها السبب الاول والاخير لكل ما يجري في المنطقة ، والذي جاء كنتيجة طبيعية للسياسة المنغطرسة والعنجهية لترامب.
اما حديث ترامب وتعكير صفو العلاقات الامريكية مع الصين وروسيا واوروبا وفنزويلا وكوبا وتركيا والهند وباكستان و.. ، فحدث ولا حرج ، فلا يفتح باب ازمة مع بلد ، واغلبها كانت حليفة لامريكا، حتى يفتح بابا لازمة اخرى مع بلد اخر، اما انسحاباته من الاتفاقيات والمعاهدات الدولية فهذا حديث يطول.
اما الموضوع الذي عادة ما يؤكد عليه ترامب باعتباره النقطة الايجابية الوحيدة خلال فترة رئاسته الحالية ، فهو موضوع الاقتصاد، حتى هذه النقطة ترى فيها النخب السياسية الامريكية، بأنها نقطة هشة وغير مستقرة، وان الاقتصاد الامريكي مقبل على مرحلة من الانكماش التي بدات بوادره تظهر، فكل ما يقال عن ايجاد فرص عمل ، كان نتيجة عمليات السطو التي قام بها ترامب على خزائن السعودية والامارات ، اللتان دفعتا لترامب نحو ترليون دولاى كأتاوات وعلى شكل صفقات اسلحة واستثمارات، في مقابل حمايتهم من “عدو” لا يوجد الا في عقول ملوكها وامرائها ومشايخها.
يبدو ان ترامب وقع اخيرا في فخ شخصيته غير المسؤولة وتصرفاته غير المتزنة، وهو فخ تمكن من الخروج منه دائما الا ان هذه المرة الامر مختلف جدا، قد لا يستطيع الخروج منه كما في المرات السابقة ، فكل مرة لا تسلم الجرة، لاسيما انه قام بإبتزاز رئيس دولة اخرى لا لمصلحة اميركا! ، بل لمصلحته الشخصية ، ومن اجل ازاحة منافسيه في الانتخابات من الساحة، الامر الذي سيقلص من مساحة الدعم الذي كان يتمتع بها من قبل الجمهوريين، والذي دق ناقوس الخطر لترامب، والذي تنقل عنه دائرته الضيقة انه لم يشاهد غاضبا ومحبطا كما هو الان.
منيب السائح