صنعاء تطلق مبادرة سلام مشروطة
يمانيون../
مدّت صنعاء يدها للسعودية التي تلملم ذيول ضربة «أرامكو» غير المسبوقة. مبادرة يمنية للسلام رمى بها اليمنيون في ملعب الرياض، علّ درس 14 أيلول يوفّر حمام الدم بين الطرفين. في الأثناء، وأشبه بالغارات السعودية اليائسة على أهداف يمنية سبق أن ضُربت، جاءت عقوبات الرئيس الأميركي في معرض الانتقام لحليفه السعودي، عبر معاقبة البنك المركزي الإيراني المستهدَف أساساً بالحظر. خيارٌ رسا عليه دونالد ترامب، مؤكداً أنه يفضل استراتيجية العقوبات على العمل العسكري.
حتى ليل أمس، صارت ردود فعل المعسكر الأميركي واضحة المعالم، بموازاة افتتاح بازار لنشر أسلحة جديدة في الخليج وزيادة القوات الأميركية. الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، أوضح هذا المنحى بتأكيده أنه «يتحلّى بضبط النفس» حيال إيران، ويفضل خيار العقوبات على العمل العسكري، إذ قال: «العقوبات الأخيرة ضد إيران ستؤتي أُكلها، والخيار العسكري سينجح، ولكن لا ينبغي اللجوء إليه أبداً». كما أكد أنه يقوم «بما أراه مناسباً لمصلحة الولايات المتحدة وليس لمصلحة أي طرف آخر».
وكان الرئيس الأميركي يقصد بالعقوبات مجموعة جديدة من خطوات الحظر على إيران، فرضتها وزارة الخزانة أمس، ووصفها بأنها «أعلى مستوى من العقوبات»، وهي ما توعّد به ترامب إثر تحميله طهران مسؤولية استهداف القوات اليمنية منشأتَي «أرامكو» في السعودية، السبت الماضي. وذكرت وزارة الخزانة الأميركية أن العقوبات طاولت البنك المركزي و«صندوق إيران للتنمية الوطنية» وشركة «اعتماد تجاراتي ــــ بارس».
وقالت الوزارة إن «هجوم إيران على المملكة العربية السعودية وقح وغير مقبول»، وأشارت إلى أن العقوبات الجديدة تستهدف «المصادر الرئيسة لتمويل وكلاء النظام والأسلحة الإرهابية، بمن في ذلك الحرس الثوري الإيراني وقوة القدس وحزب الله والحوثيون».
وفي محاولة لتضخيم أهمية العقوبات، لفت وزير الخزانة، ستيفن منوتشين، إلى أن الأمر يتعلّق باستهداف «آخر مصدر دخل للبنك المركزي الإيراني والصندوق الوطني للتنمية، أي صندوقهم السيادي الذي سيُقطع بذلك عن نظامنا البنكي»، مضيفاً: «هذا يعني أنه لن تعود هناك أموال تذهب إلى الحرس الثوري لتمويل الإرهاب».
وردّت طهران على الإجراء الأميركي بالتقليل من تأثيره. وذكر البنك المركزي أن العقوبات تفرض عليه للمرة الثانية «بتهم جديدة»، ما يُظهر الفشل. وقال محافظ البنك، عبد الناصر همتي (وهو مدرج على القائمة السوداء في الولايات المتحدة): «إن عودة الحكومة الأميركية لمقاطعة البنك المركزي تظهر أنهم لم يجدوا شيئاً في البحث عن سبل جديدة للضغط على إيران». وأضاف: «الإخفاقات المتكررة للحكومة الأميركية على مدار عام ونصف عام الماضي أظهرت أن هذه العقوبات أصبحت غير مجدية أكثر من أي وقت مضى، وقد أثبت الاقتصاد الإيراني قدرته على تحمل العقوبات».
وفيما كانت السلطات السعودية تنظّم جولة للإعلاميين على مكان الهجوم، خرجت صنعاء بمبادرة سياسية لخفض التصعيد، في خطوة بدت محاولة يمنية لتصويب البوصلة، رمى بها اليمنيون في ملعب الرياض لإعادة الحسابات ومنح حكام المملكة الوقت لتعلّم درس ضربة 14 أيلول الماضي.
وأعلن رئيس المجلس السياسي الأعلى، مهدي المشاط، في خطاب بمناسبة الذكرى الخامسة لثورة 21 سبتمبر، عن مبادرة بوقف هجمات القوات اليمنية على السعودية، سواء بالصواريخ أو الطائرات المسيّرة. إلا أن المشاط اشترط أن يقابل الطرف الآخر الأمر بالمثل عبر وقف الهجمات، وقال: «ننتظر رد التحية بمثلها أو أحسن منها في إعلان مماثل بوقف كل أشكال الاستهداف والقصف الجوي لأراضينا اليمنية، ونحتفظ لأنفسنا بحق الرد في حال عدم الاستجابة»، مضيفاً: «استمرار الحرب لن يكون في مصلحة أحد». ودعا المشاط «جميع الفرقاء من مختلف أطراف الحرب إلى الانخراط الجاد في مفاوضات جادة وحقيقية تفضي إلى مصالحة وطنية شاملة لا تستثني أي طرف».