ضربات «أرامكو» تزيل الفروق بين البلدان الغنية والفقيرة.. الاستخفاف السعودي بـ «الحوثيين» غير حكيم
يمانيون../
يمكن أن تكون ضربة الدرون السعودية -التي قلصت إنتاج النفط إلى النصف- علامة على تسوية الملعب في حروب المستقبل وإزالة الفروق بين البلدان الغنية والفقيرة.
لطالما استخفت السعودية بالقدرة العسكرية للحوثيين في اليمن. ففي مارس 2015، أطلق وزير الدفاع محمد بن سلمان -الذي عُين في ما بعد ولياً للعهد- ما كان المقصود به أن يكون حملة قصف قصيرة وحاسمة على اليمن لطرد الحوثيين، وهي حملة لازالت مستمرة بعد مرور 4 أعوام ونصف.
إلا أن السعوديين قد تفاجأوا بوضوح بقدرة الحوثيين على استخدام طائرات بلا طيار طويلة المدى، حيث تعتمد تلك الطائرات على أنظمة “جي بي إس” للعثور على الهدف. يقول متخصص في قتال الطائرات بلا طيار -رفض ذكر اسمه-: يمكن أن يتم تعطيل هذه الطائرات؛ لكن السعوديين فشلوا في القيام بذلك في بقيق وخريص -موقعي الضربات غير المسبوقة السبت- بالرغم من أهميتهما الخطيرة بالنسبة لصناعة النفط السعودية.
والكفاءة العسكرية الحوثية هي ثمرة القتال المستمر. فقد دعم السعوديون الحكومة اليمنية في 6 حروب منفصلة على القبائل الحوثية في شمال اليمن، الذين يمارسون نوعاً مختلفاً من الإسلام الشيعي المعروف بالزيدية في الألفية الثانية. وفشلت قوات الحكومة في التغلب على الحوثيين، بل على العكس فقد كانت تعني تلك الحرب أن مقاتليهم قد اكتسبوا خبرة عسكرية مهمة للغاية.
وعلى الرغم من أنهم كانوا هدفاً لحملة قصف سعودية مستمرة، قاتل الحوثيون لإسكات معارضيهم الأفضل تسليحاً وتمويلاً. وقد تم إضعاف التحالف السعودي قبل شهرين من قبل حليفه الرئيسي في الخليج (الإمارات) عندما سحبت العديد من قواتها من اليمن.
كانت اليمن لمدة طويلة واحدة من أكبر أسواق السلاح العالمية، وتجارة السلاح واحدة من المكونات القليلة في الاقتصاد اليمني الذي لايزال في طور النمو. حتى قبل أن تبدأ الحرب الحالية، قُدر أن كل يمني يملك ثلاثة أسلحة (وعدد السكان حالياً 28 مليون نسمة).
قال يمنيون مطلعون في مرحلة باكرة من الحرب إن إيران لم تزود الحوثيين بالأسلحة بشكل مباشر، ولكنها أعطتهم منتجات نفطية مجانية يقومون ببيعها بعد ذلك في الخارج في السوق المفتوحة، ويستخدمون تلك الأموال لشراء الأسلحة داخل اليمن. وربما تكون العقوبات الأمريكية على إيران قد جعلت هذه العملية أكثر صعوبة.
يزعم وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو أن إيران كانت بلا شك خلف ضربة الدرون تلك على بقيق وخريص، إلا أنه لم يقدم أي دليل قاطع لإثبات ذلك. إذا كان هذا صحيحاً، فسيكون مناقضاً للممارسة الإيرانية في السابق في لبنان والعراق، حيث تصرفت إيران من خلال حلفاء مثل حزب الله، ولكن دون مراقبة وقيادة مباشرة. وهذا التباعد قد حافظ على مصداقية إيران.
كان الحوثيون يستخدمون الدرون وصواريخ أرض – أرض لعدة سنوات ضد السعودية بنجاج متصاعد. ويحتمل أن المحركات الإيرانية أو الخبرة التقنية تلعب دوراً، لكن الدرون ليست قطعة عتاد معقدة جداً كالمقاتلة النفاثة الحديثة أو القاصفة. ويصل مدى طائرات الدرون التي استخدمها الحوثيون من قبل إلى 100 كم، والتي كان مداها قصيراً جداً على أن يتمكن من ضرب البنية التحتية للسعودية، إلا إذا تمت إطالته أكثر.
بإعلانهم المسؤولية عن الهجمات، قال الحوثيون إنه تم التعاون معهم من داخل السعودية، الأمر الذي يعني -في حال كان صحيحاً- أن الدرون قد تم إطلاقها من مسافة قريبة من داخل المملكة.
تقع المنشآت النفطية المستهدفة في المنطقة الشرقية حيث توجد غالبية الأقلية الشيعية في السعودية الذين يبلغ عددهم 2-3 ملايين. وزاد اضطهادهم بتنفيذ إعدام شامل بحق المعارضين المسجونين في بداية هذا العام. ومن المتصور أن يكون بعض الشيعة منفتحين على التعاون مع الحوثيين.
وربما يكونون أيضاً عنصراً في الانتقام المباشر في الموقف الحوثي: في 31 أغسطس، نفذ التحالف السعودي ضربته الجوية الفردية المدمرة في اليمن منذ 2015 عندما قتل 156 مدنياً وجرح 50 في غارة جوية في ذمار. والشيء الهزلي هنا هو أن العديد من أولئك الذين ماتوا هم ” سجناء ” مقاتلين ضد الحوثي كانوا محتجزين لديه.
وقد وصل إجمالي قتلى الحرب في اليمن منذ العام 2015 إلى 91.000، حتى شهر يونيو من هذا العام، وفقاً لموقع الصراع المسلح ومشروع بيانات الحدث. والتحالف الذي تقوده السعودية وحلفاؤه مسؤولون عن قتل أكثر من 8.000، من بين 11.700، مدني تم استهدافهم بشكل مباشر، بحسب الموقع.
كانت الولايات المتحدة رائدة في استخدام طائرات الدرون في اليمن بعد أحداث 9/11، فاستخدمت المقاتلة الجوية لضرب أهداف مشتبهة للقاعدة على الرغم من وجود دليل قوي على أنهم ضربوا أهدافاً مدنية مرات عدة كحفلات الزفاف القبلية.
تزيل الضربة المدمرة على المنشأتين السعوديتين الفروق في ساحة القتال بين البلدان الغنية والفقيرة في الحروب المستقبلية، لأن طائرة درون فعالة للغاية يمكن أن تكلف 15.000، دولار، بينما أنفقت السعودية 67.6 مليار دولار على الأسلحة في العام الماضي.
(باتريك كوكبيرن – مجلة فوربس الأمريكية)