استهداف الضرع الحلوب
يمانيون – كتابات – محمد الوجيه
عشر طائرات مسيرة تقصف مصفاتي نفط بقيق وخريص في أقصى شرق السعودية، في عملية أطلق عليها سلاح الجو اليمني المسير لدى الجيش واللجان الشعبية “توازن الردع الثانية” وكانت الإصابة دقيقة ومباشرة.
الدقة في إصابة أهداف العدو السعودي تعودنا عليها من قبل أبطال الجيش اليمني واللجان الشعبية على الحدود اليمنية السعودية، ثم تعودنا على هذه الدقة لاحقاً بعد أن حققت الصواريخ الباليستية والطائرات المسيرة أهدافها.
إن ما يثير الاهتمام في هذه العمليات هو تطرق متحدث القوات المسلحة اليمنية إلى تعاون الشرفاء والأحرار داخل السعودية بعد عملية استخباراتية دقيقة ورصد مسبق، وهذا الأمر له أبعاد عديدة، أهمها أن الجيش اليمني واللجان الشعبية أصبح لديهم قدرة عسكرية واستخباراتية دقيقة، وتستطيع أن تربك العدو في قصره وفي أهم مراكزه الحيوية والاقتصادية، الأمر الآخر أن تعاون أبناء شبه الجزيرة العربية مع إخوانهم اليمنيين يدل على الحالة المأساوية التي تعيشها مملكة بني سعود، واحتقان الوضع في الداخل وتذمرهم من هذه السياسات العدائية، والإجراءات الاقتصادية التقشفية التي يقودها ولي العهد السعودي محمد بن سلمان.
من الملاحظ أن آبار النفط تتركز في شرق السعودية، ومع ذلك نجد أن هذه المناطق فقيرة جداً، أهلها يعانون من الفقر والحرمان لأسياسات البقاء على قيد الحياة، إضافة إلى أن هذه المناطق تفتقر للبنية التحتية، بعيون فاحصة نجد أن أبناء هذه المناطق يشعرون بالظلم والإجحاف من قبل هذه السلطات السعودية، من ناحية تعتبرهم السلطات بأنهم قليلي الولاء لأسرة آل سعود، كونهم قاوموا الملك عبدالعزيز آل سعود مؤسس الدولة السعودية الثالثة، حتى أنّ أغلب الأسر في هذه المناطق يُسمون بـ “البدون” أي لا يملكون الهوية “السعودية” مع العلم أنهم هم السكان الأصليون لهذه المنطقة شبه الجزيرة العربية، ومن جهة أخرى تنظر إليهم على أنهم في أطراف المملكة، وبالتالي فهم قد لا يشكلون تهديداً مباشراً للقصور الملكية، وعليهم أن يقبلوا بالفتات.
إن عمليات الجيش اليمني واللجان الشعبية تتركز مؤخراً على استهداف “الضرع الحلوب” كما أكد ذلك قائد الثورة السيد عبدالملك الحوثي، كون هذا الرد يأتي في سياق الرد الطبيعي والمشروع في ظل استمرار العدوان والحصار على الشعب اليمني للعام الخامس على التوالي.
إن اكبر عمليات استهداف الضرع الحلوب ” ارامكو عصب الاقتصاد السعودي” بدأت في في التاسع من رمضان، حيث أعلن المتحدث الرسمي للقوات المسلحة اليمنية عن إطلاق سبع طائرات مسيرة استهدفت محطات ضخ بترولي لشركة أرامكو في منطقتي الدوادمي وعفيف غربي العاصمة الرياض.
وبحسب وكالة رويترز فإن خسائر البورصة السعودية بلغت بعد هذه العملية 10 مليارات دولار وهي قرابة (2 %) من القيمة السوقية الإجمالية للبورصة التي تقدر بـ520 مليار دولار، بحسب وكالة “رويترز”.
وخلال الشهر الماضي وتحديد في الـ 17 من أغسطس أعلن المتحدث الرسمي للقوات المسلحة اليمنية عن استهداف حقل ومصفاة “شيبة” النفطية، التابعين لشركة “أرامكو” السعودية جنوب شرقي المملكة، بـ 10 طائرات مُسيرة، وسميت هذه العملية بعملية “توازن الردع الأولى” حيث وان هذا الحقل يعد من اهم المخازن الاستراتيجية للنظام السعودي، باعتباره يصدر يوميا أكثر من مليون برميل من النفط، ويخزن أكثر من مليار برميل من النفط.
ثم تأتي هذه العملية “عملية توازن الردع الثانية” وليست الأخيرة بالطبع، لتؤكد على ان الشعب اليمني سيمرغ أنف النظام السعودي وكل معتد على اليمن في التراب، وسيجعله أضحوكة أمام العالم أجمع، حيث وان تفاصيل عملية الردع الثانية انتشرت مبكراً بكثرة على مواقع التواصل الاجتماعي، وانتشر حينها صور ومقاطع فيديو للحرائق الهائلة والدخان الكثيف بمصافي ارامكو في البقيق وخريص، ثم تناقلتها وسائل إعلام العالم أجمع، وهو ما دفع السلطات السعودية للاعتراف بهذه العمليات.
ومن خلال البحث والتدقيق نجد أن حقل بقيق يضم مرافق معالجة الزيت في السعودية، إضافة لأكبر معمل لتركيز الزيت في العالم. كما تزيد طاقة الحقل الإنتاجية على 7 ملايين برميل من الزيت يوميا.
ويتم في معامل بقيق معالجة 70% إنتاج أرامكو، والذي يمثل 6% من إجمالي الاستهلاك اليومي العالمي للطاقة النفطية. ويقدر إجمالي الاحتياطيات المؤكدة في حقل نفط بقيق بحوالي 22.5 مليار برميل، ويتركز الإنتاج على 400000 برميل يوميا.
أما حقل نفط خريص بمنطقة الإحساء فهو حقل نفط بدأ ضخ النفط فيه عام 2009، ويبلغ حجم احتياطيه 27 بليون برميل نفط، بمعدل 1.2 مليون برميل يومياً.
ويمكن لحقل خريص أن ينتج أيضا 315 مليون قدم مكعبة يوميا من الغاز عالي الكبريت و70 ألف برميل يوميا من سوائل الغاز الطبيعي التي ستعالج في محطتي الغاز بشدقم وينبع.
وكالة رويترز أكدت تعطل في صادرات النفط السعودي بعد الهجوم اليمني على منشأتي ارامكو في بقيق وخريص، مؤكدة على أن هذه الهجمات أثرت على 5 ملايين برميل يومياً من الإنتاج النفطي.
اما “نيويورك تايمز” فقد أشارت إلى أن منشآتي ارامكو المستهدفتين تنتجان 8 ملايين برميل نفط يومياً ما يشكل غالبية إنتاج السعودية. وهذا يفسر بوضوح صراخ السعودي واعترافه السريع عندما يتم استهداف المصالح الأمريكية داخل مملكة بني سعود.
في الختام: إن تركيز الاستهداف على “الضرع الحلوب” سيصيب السعودية في مقتل، خصوصاً وأن محمد بن سلمان كان قد أعلن في مقابلة تلفزيونية مع قناة “ام بي سي” عام 2017 عن بيع 5 % من شركة ارامكو بقيمة 100 مليار$ وذلك سيكون بحلول عام 2018، ثم تراجع عن بيعها إلى عام 2021، والسؤال الذي يطرحه اليوم كثير من الباحثين، من سيشتري أسهم شركة أرامكو العملاقة التي تجري الاستعدادات لطرحها في الأسواق العالمية للبيع في ظل استمرار هذه الهجمات وبهذه القوة؟ وحتى إذا جرى طرحها، كم ستنخفض قيمتها؟