عاشوراء .. ثورة الإنسانية الشاملة
كتب / منير اسماعيل الشامي
تجلت شمولية ثورة الإمام الحسين عليه السلام في أنها اختزلت الدين الإسلامي بمفهومه الشامل ونهجه الكامل بنوره وبيانه وكل مبادئه وقيمه وأركانه في حركته الثورية كما اختزل الحسين عليه السلام كل صفات الكمال الإنساني والزكاء الروحي مما جعل ثورته وتضحياته هي التطبيق العملي للدين كله بكافة تفاصيله ولكل ما جاء به من احكام وعبادات وشرائع ومعاملات وفقه وقواعد وعلم وبيان.
فكانت ثورة الحسين الدرس العملي للأمة الذي يرشدها للتمسك بدين الله والدرس الوافي للبشرية لنهج استخلافها في الأرض والوسيلة الأقوى لاستمرار الدعوة الإسلامية واستمرار تبليغها لشعوب العالم عبر قرون الزمن المتعاقبة إلى يوم الدين لتصبح هي الامتداد الطبيعي والخالد والمستمر لدعوة النبي صلى الله عليه وعلى آله للناس اجمعين .
وهذا ما يؤكد أن ثورة الإمام الحسين عليه السلام أكبر من أن توصف وأشمل من أن تُحد فلا وصف يفيها ولا حدود لغايتها، ومن كمال خصائص هذه الثورة المباركة أنها جمعت التضاد كله جمعت الحق والباطل، الخير والشر، النور الظلام، الإيمان والكفر ، العلم والجهل، التضحية والعدوان ، الإنسانية والشيطان، الطاعة والمعصية ، القربة والبدعة ، الحرية المطلقة والعبودية المفرطة .
كذلك فإن من أهم ما يميز هذه الثورة الإيمانية الخالدة أنها ذات ثمار دائمة وكان أول ثمرة لها أنها حفظت الدين من التبديل والتحريف والدس والتجهيل الذي كان بنو امية قد بدأوا فيه وساروا عليه وهوما أكده معاوية لعنة الله عليه متهددا الإمام علي عليه السلام بقوله (لأءتينه بقوم لا يفرقون بين الناقة والبعير ).
وقد جنت البشرية وكل شعوب العالم من ثمار ثورة الإمام الحسين كما جنينا نحن اليمنيون من ثمارها عزة وكرامة وقوة وعزما وثباتا وصمودا وتضحية وانتصارا وكذلك ستظل دون انقطاع.
ولذلك فلا غرابة أن يصير الإمام الحسين عليه السلام علما من أعلام البشرية تجله جميعا وتقتدي به وتنتهج بثورته وتدرس في أكادميته الإنسانية وتسترشد بتضحيته لتحيا حرة عزيزة وتتعلم كيف يجب أن يضحي الإنسان ليسعد أخاه الإنسان وأن لا تسكت لطاغوت ولا شيطان حتى وإن كانت على غير ملته ودينه .
صحيفة الثورة