خسارة ومصير العملاء الخونة
أحمد يحيى الديلمي
شعرت بحزن بالغ وألم كبيرين اعتصرا قلبي، من اللحظة المشئومة التي تلقيت فيها نبأ استشهاد القائد العسكري البطل العميد أمين الحميري.
اتصل بي صديق من صعدة وهو يبكي قال صعدة يلفها الحزن، الناس يعيشون حالة نفسية ومعنوية سيئة، منذ أن سمعوا خبر الاستشهاد فالفقيد حفر لنفسه حبا وتاريخا ناصعا احتل شغاف القلوب، وثبتت صورته في ذاكرة كل مواطن، ومن الصعب أن تفارقها.
ما خفف موجات الالم عندي أني استعدت بعض المواقف من حياة الفقيد، فلقد كانت حافلة بالتضحية وحب الناس منذ عرفته الابتسامة لا تفارق شفاهه في أحلك الظروف وأكثرها صعوبة تجده باسما كما حدث لحظة استهداف مسكنه في صعدة من قبل العدوان، لم يهتز ولم يتأثر لأن قلبه موجوع دائما بهم أكبر هو الوطن، ومن نفس الهم تعلم قيم الانتماء وروح البطولة والاستعداد الدائم للتضحية بإرادة قوية لا تهدأ حتى تذوق حلاوة النصر، من هذه النقطة يمكن توضيح سبب الجمع في الحديث عن الشهيد مع محارق الأسرى، فالشهيد هو الذي رسم المعادلة وفرض الجمع لأنه كان في مهمة مماثلة معه عدد من الأسرى ضباط كبار وقادة كتائب، لم يراع العدو أنهم قاتلوا معه ودافعوا عن حدوده وهي رسالة واضحة تعبر عن الانكشاف الأخلاقي الحقير والسقوط في مهاوي الخزي، وافتقاد هذا العدو لأبسط المشاعر الإنسانية فالطائرات التي استهدفت الشهيد ومن معه بروح انتقامية، عادت في اليوم التالي لتصب جام غضبها على 185 اسيراً كانوا في كلية المجتمع بذمار من الشباب المخدوعين من دفعهم الفقر وذل الحاجة إلى القتال في صف العدو التاريخي لليمن، انطلت عليهم موجات الضلال والزيف إلى أن اكتشفوا الحقيقة وذاقوا مرارة الهزيمة فانتقلوا إلى عهدة الجيش واللجان الشعبية كأسرى، جمعهم القدر في مكان واحد على أمل العودة إلى امهاتهم وذويهم، لكن فجيعة الغدر كانت تتعقبهم وجاء العدو الذي قاتلوا واستبسلوا معه وسقط زملاء لهم في محارق الموت، ليقضي على حياتهم وكأنه يعلن للعالم هدفه الحقيقي وهو القضاء على كل يمني حتى وإن قاتل معه وكان في صفه، وهكذا حدث في الماضي القريب فلقد أزهق أرواح عشرات الأسرى في مقر الشرطة العسكرية بصنعاء قبل أيام من عودتهم إلى ذويهم، ومجازر أخرى غاية في البشاعة كشفت حقيقة هذا النظام المتغطرس وإمعانه في الإجرام ضد كل يمني وإن كان في صفه ويقاتل معه.
الغريب أن المجتمع الدولي شاهد ويشاهد مئات المجازر البشعة، ولا يزال يلتزم الصمت وحتى المنظمات الدولية المعنية تكتفي ببيانات هزيلة لا تقدم ولا تؤخر، وهذا هو قدرنا في اليمن أننا نعيش بجوار أعداء متخلفين عامهين في البداوة والحقد التاريخي، وهذا ما سيجعل أيام النصر قريبة.
اخيرا قلوبنا مع الأمهات المكلومات اللآتي اعتصرت الفجيعة قلوبهن لفقدان فلذات أكبادهن لأنهم يمنيون آلمنا فقدهم ونقول للجميع اطمئنوا جرائم الحرب والإبادة البشعة لا يمكن أن يمحوها الزمن، فدماء الشهداء لن تبرد ودموع الأمهات ستظل محتقنة خلف الجفون حتى يتم القصاص والانتقام من المجرمين.
والله من وراء القصد..