الاتجاهات المستقبلية للاستراتيجيات (السعودية والإماراتية والأمريكية) في بلادنا اليمن ومخاطرها المدمرة والطاحنة
عبدالرحمن سلطان*
من الواضح تمام الوضوح، أن العدان (السعودي – الإماراتي – الأمريكي) الغاشم على بلادنا اليمن، والذي انطلقت شرارته الإجرامية الأولى في 26 مارس 2015م، لم يأت من أجل تحقيق أي هدف من الأهداف المضللة والكاذبة، التي سعت قيادة التحالف المعادي، الى ترويجها ونشرها منذ ذلك الوقت، وحتى اليوم، والمتمثلة باستعادة شريعة هادي المنتهية ولايته، ومواجهة النفوذ الإيراني المزعوم في اليمن، وحماية الحرمين الشريفين، وحماية الملاحة الدولية في باب المندب، … الخ، وإنما جاء هذا العدوان (السعودي – الإماراتي – الأمريكي) البربري، ليعمل على تدمير بلادنا اليمن (شمالها وجنوبها)، وتقويض وحدتها الوطنية، وتقسيم أرضها الى أقاليم مستقلة، ومناطق متفرقة، ومقاطعات معزولة، تسودها الحروب الطائفية، الصراعات المذهبية، والأزمات الطاحنة، وترزح تحت سلطة شرائع الغاب، وقوانينه الهمجية العابثة، وأحكامه الطاغوتية المدمرة.
ويتجلى ذلك واضحاً، من خلال الدمار والخراب والعذاب، الذي شهدته بلادنا اليمن، في ظل الحروب والأزمات الطاحنة والمتواصلة عليها طوال خمسة أعوام، دون انقطاع، كما يتجلى ذلك واضحاً، من خلال الأحداث المروعة، التي تشهدها عدن وأبين وشبوه وغيرها من المحافظات الجنوبية، منذ بداية أغسطس الحالي وحتى اليوم، والتي تفجرت براكينها المدوية، مع قيام ما يسمى بالمجلس الانتقالي الجنوبي، وقوات الحزام الأمني التابعة له، وبدعم جوي وبحري وبري إماراتي مباشر أي قيامـه بتصعيد الحرب الشاملة تجاه أبناء المحافظات الشمالية، المتواجدين في عدن، وقيامه باجتياح المعسكرات والمؤسسات والمرافق الحكومية، وفرض سيطرته الكاملة على عدن وأبين وشبوه وغيرها، بكل سهولة ويسر، وبمساعدة القوات الجوية والبحرية والبرية الإماراتية وبمباركة كافة القوى الإقليمية و الأجنبية المعادية، وفي مقدمتها دولة الإمارات والمملكة السعودية والولايات المتحدة وبريطانيا وغيرها.
ومن المعلوم حق العلم، إن استمرار العدوان (السعودي – الإماراتي – الأمريكي) الغاشم على بلادنا، وقيام ما يسمى بالمجلس الانتقالي الجنوبي بفرض نفوذه ووجوده في بعض المحافظات الجنوبية ، وتخلي القوى الوطنية الحية، وسائر الجماهير اليمنية الغفيرة، في الشمال والجنوب، عن واجبها الوطني والإسلامي والإنساني المقدس، أي -أن ذلك كله-، سوف يؤدي في المستقبل القريب (المنظور)، الى تقسيم المقسم، وتحطيم المحطم، وتهديم المهدم، في شتى ربوع بلادنا اليمن، من شمالها الى جنوبها، ومن شرقها الى غربها، الأمر الذي سوف يجعل مستقبل بلادنا اليمن، مظلماً كظلمة الكهوف المغلقة، ومتفجراً كتفجر البراكين المحرقة، ومرعباً كرعب الزلازل الساحقة، وعند حدوث ذلك لن ينفع الندم في أي شيء على الإطلاق، فما أكثر العبر، وما اقل الاعتبار في حياة بلادنا.
ومن هذا المنطلق، يمكن القول، إن الواجب الوطني والإسلامي والإنساني المقدس، يحتم على كافة القوى الوطنية المرموقة، وكافة الجماهير الشعبية الغفيرة، ويدعوها الى أن تقوم بتوحيد جهودها وصفوفها ومواقفها الوطنية الصادقة، وأن تعمل بروح الفريق اليمني الواحد الموحد، وأن تهب هبة واحدة، من أجل إنهاء العدوان (السعودي – الإماراتي – الأمريكي) الغاشم على بلادنا، وإنهاء كافة الحروب الداخلية، وسحق الحركات الانفصالية في جنوب البلاد، وتحقيق الحوار والمصالحة والسلام العادل والكامل والشامل في عموم البلاد، وبناء الدولة الجديدة، وتحقيق وحدتها وتقدمها ونهضتها الشاملة، وترسيخ مكانتها الإقليمية والدولية العملاقة.
ومن أجل الإسهام في تنوير مراكز وأجهزة صنع القرارات العليا في بلادنا، ونشر الوعي الاستراتيجي الوطني الخلاق، وتكوين الإرادة الوطنية العامة، وتفجير الطاقات اليمنية الجماعية، – من أجل ذلك كله – يمكن القيام بشرح الاتجاهات المستقبلية، للاستراتيجيات (السعودية والإماراتية والأمريكية) في بلادنا اليمن، واستشراف مخاطرها المدمرة والمهلكة، وسبر أغوارها الظالمة والآثمة، حتى يكون الجميع في بلادنا، على إطلاع واسع بكافة المخاطر والتحديات الخارجية، التي تعمل على تهديد بلادنا، وتقويض وجودها وحاضرها ومستقبلها.
وتنطوي أهداف الاستراتيجيات (السعودية والإماراتية والأمريكية) المعادية في بلادنا اليمن، على الأهداف والغايات والأغراض التالية:-
1 – تدمير بلادنـا اليمن، وقتل سكانها، وتجويع أهلهـا، وتشريد أبنائها، واحتلال أرضها، ونهب خيراتها، وتمزيق وحدتها، وتقسيم مناطقهـا، وسلب إرادتها، وتبديد نخوتها، وهتك شرفها، واستباحـة كرامتها، وتزييف تاريخهـا، وتكريس تخلفها، وتبديد مستقبلها، وتقويض علاقاتهـا الإقليمية والدولية المشتركة.
2 – تفكيك الدولة اليمنية، وتحطيم مقوماتها المركزية، في شتى المجالات (السياسية والاقتصادية والاجتماعية والدينية والعمرانية والعسكرية والأمنية والإعلامية والثقافية والعلمية والتكنولوجية والحضارية…الخ)، ومن ثم تحويلها الى مقاطعات صغيرة، وفقيرة ومجهولة، لا قيمة لها ولا وزن، في حاضرة المجتمع الدولي، والنظام العالمي.
3 – تفجير الصراعات السياسية الشديدة، بين مختلف القوى الوطنية، ونشر الأمراض المذهبية والمناطقية والطائفية والعنصرية، بين صفوف المجتمع اليمني الواحد.
4 – إطالة أمد الحروب والصراعات والأزمات المتفجرة في عموم البلاد، وإشعال مواقدهـا المستعرة، بصفة دائمة ومستمرة، وذلك بهدف استنزاف بلادنـا اليمن، وتعطيل حركتها، وقطع شريان حياتها، ومن ثم إرغامهـا على الخضوع والركوع والاستسلام، امام الأمر الواقع، الذي صنعته القوى المعادية في اليمن، وفرضته عليها جوراً وظلماً وعدواناً.
5 – فرض الحصار البري والجوي والبحري على بلادنـا اليمن، وقطع شريان علاقاتها مع العالم الخارجي، وتكريس عزلتها الإقليمية والدولية، ومن ثم وضعها بكامل أرضها وأهلها وخيراتها تحت مظلة الوجود الأجنبي الجاثم اليوم على قلبها وصدرها، والمتحكم بحاضرها ومستقبلها ومصيرها.
6 – تحطيم أركان النظام الاقتصادي الوطني، وتبديد مقوماته (الزراعية والنفطية والغـازية والمعدنية والصناعية والتجارية والاستثمارية والسياحية والمالية والمصرفية)، وغيرها وكذا استمرار انهيار أوضاعه ومرتكزاته الأساسية، بصورة رهيبة ومخيفة.
7 – تصعيد الحروب الاقتصادية المهلكة تجاه بلادنا اليمن، وذلك بهدف تفجير أزماتها الداخلية الطاحنة، المتمثلة بانقطاع المرتبات الحكومية، وتوقف الأعمال الأهلية، وارتفاع أسعار المواد الأساسية بصورة جنونية، تفوق قدرات المواطنين، وإمكانياتهم المالية المحدودة.
8 – نشـر أوضاع الفقر والمرض والبطالة واليأس والقنوط والإحباط، لدى سائر أفراد المجتمع اليمني الواحد (في الشمال والجنوب)، وكذا نشر أعمال النزوح والتشرد الجماعي، في عدد من المناطق المشتعلة بالحروب والمواجهـات القتالية المدمرة والمهلكة.
9 – تقويض مرتكزات الأمن القومي، وتبديد مقوماته الجوهرية، وذلك عبر قيام تلك الدول المعادية، بتصعيد أعمال الحرب السرية (الخفية) تجاه بلادنا، والتي ترمي الى اختراق وتدمير مؤسسات الدولة وأجهزتها المختلفة، وتسعى الى نشر الفوضى الأمنية الساحقة في شتى المدن والقرى اليمنية.
10 – تمزيق روابط الوحدة اليمنية الشاملة، وتفتيت مقوماتها الوطنية الجوهرية، وتوسيع الهوة المترامية بين شمال البلاد وجنوبها، بصفة دائمـة ومتواصلة، وبصورة لم يسبق أن شهـد لها التاريخ اليمني القديم والحديث، مثيلاً من قبل.
11 – إجهـاض كافة المفاوضات الوطنية السلمية، والمبادرات الداخلية والخارجية، الرامية الى وقف الحروب والأزمات القائمة في البلاد، وتحقيق الأمن والاستقرار والسلام العادل والشامل في البلاد، وبناء الدولة اليمنية الجديدة، وتحقيق وحدتها وتقدمها ونهضته الشاملة، وتعزيز مكانتها الإقليمية والدولية المرموقة.
12 – تفريغ بلادنـا اليمن من ثروتها البشرية الغالية، ممثلة بالكفاءات والخبرات والوجهات الوطنية العملاقة، وكذا تفريغهـا من أصحاب المال والأعمال والأشغال الهـامة، ومن ثم تحويلها الى أرض جرداء، يسودها الجهل والغباء، ويحكمها التعصب الأعمى.
13 – تعطيل المؤسسات والقطاعات الإعلامية والثقافية والعلمية والتكنولوجية في عموم البلاد، بكافة جهودها وأعمالها وتخصصاتها المختلفة، الأمر الذي سوف يؤدي قطعاً، الى استمرار تراجعها وانحدارها وهبوطها المتواصل خلال السنوات القادمة، وذلك تحت تأثير جملة من العوامل السياسية والاقتصادية والبشرية والمعنوية وغيرها من العوامل الأخـرى.
14 – إجهاض العلاقات اليمنية المشتركة، مع غالبية الدول العربية والإسلاميـة والأجنبية، وغالبية المنظمات والهيئات الإقليمية والدولية، وتبديدها بصورة كبيرة، الأمر الذي من شأنـه أن يؤدي الى تفاقم أعمال المقاطعـة السياسية المفروضة على بلادنا، وتزايدها يوماً بعد آخر، خلال الفترة القادمـة.
وبكلمـة ختامية يمكن القول، بأن مستقبل بلادنـا اليمن، في ظل العدوان (السعودي الإماراتي الأمريكي) الغاشم عليها، يسير الآن في الاتجاهات القاتمة والمظلمة والمؤلمـة، وينطوي – في حقيقة أمره- على الكثير والكثير من الأحداث القادمـة، والتطورات المحتملة، والتحولات المتوقعة، والتي لا يمكن لأحد الوقوف على حقيقة أمورها وشؤونها المختلفة، في الوقت الراهن.
كما يمكن القول، إن المجلس السياسي الأعلى، بقيادة فخامة الرئيس مهدي محمد المشاط، وحكومة الإنقاذ الوطني، برئاسة دولة الأستاذ الدكتور عبد العزيز صالح بن حبتور، بمقدورهما مواجهة كافة المخاطر والتحديات المحدقة ببلادنا اليمن، والتعامل معها برؤى استراتيجية واضحة وصحيحة، حتى يتسنى لبلادنا تجاوزها، والتغلب عليها وإفشالها والقضاء عليها، بعون الله تبارك وتعالى.
وبالحق والحق وحده يمكن القول أيضاً، إن المجلس السياسي الأعلى، وحكومة الإنقاذ الوطني، قاما بتحمل مسؤوليتهما الوطنية والتاريخية والحضارية على الوجه الأكمل خلال الفتر الماضية وحتى الوقت الراهن، ونجحا نجاحاً عظيماً في تحقيق الأمن والأمان والسلام، في عموم المحافظات الواقعة تحت سلطتهما الوطنية، هذا في وقت تشهد فيه المحافظات الجنوبية، الواقعة تحت سلطة الاحتلال (السعودي – الإماراتي – الأمريكي) البغيض، أخطر الحروب الطاحنة من قبل قوات ما يسمى بالمجلس الإنتقالي الجنوبي بدعم ومساندة القوات الجوية والبحرية والبرية الإماراتية كما تشهد أيضاً أبشع الأعمال الإجرامية الباغية، وأعنف الفوضى الأمنية الساحقة، وافظع الانتهاكات الطاغوتية الجائرة، من قبل الجيوب الانفصالية المحلية والقوى الأجنبية المتحالفة معها، والتي لم يسبق أن شهد لها التاريخ اليمني القديم والحديث مثيلاً من قبل.
* رئيس مؤسسة المستقبل الدولي (IFF).
Sultan.it3@gmail.com