الميزان هو الحكم بين اليمن وإيران !!
كتب/ منير الشامي
كانت الإتفاقيات التي وقعها انصار الله مع إيران في عام ٢٠١٤م ناقوس الخطر بل والوتر الحساس الذي عزف عليه النظام الأمريكي سمفونية الرعب والترهيب لأنظمة الخليج، وجعلها تعيش كابوسا مخيفا أفقدها التوازن وجعل سيقان أمراء النفط عاجزة على الوقوف لترقص او تتمايل حتى للحظات أمام النظام الأمريكي الذي تعبده فشحبت وجوههم وانخلعت قلوبهم وهم مذهولون مما سمعوه.
لم يسترسل النظام الأمريكي ويسهب في الشرح والتوضيح لهم فقد اكتفى بقول عبارة واحدة لهم هي تلك الإتفاقيات ستمحوا عروشكم من وجه الأرض إن لم تحولوا دون توقيفها !
ربما خيم عليهم الصمت بعد سماع تلك العبارة برهة من الوقت لهول فاجعتهم إلا أنهم بعدها ردوا جميعا وما هو الحل ؟
فرد عليهم اربابهم : الحل مسح انصار الله من وجه الأرض حتى ولو كلف ذلك ابادة الشعب اليمني كله !!!
ولأنهم يثقون بالوثن الأمريكي انطلقوا لشن عدوانهم على اليمن دون أن يحسبوا او يفكروا فيما اجمعوا امرهم عليه او يدرسوا العواقب إن فشلوا بل انطلقوا كما تنطلق ابلهم في مضامير سباقهم تدفعهم الصياط الأمريكية كما تدفع إبلهم الصياط الآلية، فاعلنوا عاصفة الحزم فورا ودون سابق انذار.
وبعيدا عن الخوض في عواقب عدوانهم ونتائجه التي جنوها على بلدانهم بعد اكثر من اربع سنوات ونصف دعونا نبحث عن آثر تلك النتائج بالنسبة لدولة إيران
الملاحظ أن ايران هي الدولة الوحيدة في العالم والمناهضة للعدوان على اليمن وحققت مكاسب دولية من ورائه رغم أنها ضده، وربما لم تكن لتحققها حتى لو انفقت بقدر ماأنفقته وتكبدته دول تحالف العدوان حتى اليوم وهو ما يؤكد أن تلك المكاسب لم تكن ايران تحلم بتحقيقها يوما من الأيام نذكر منها على سبيل المثال ما يلي:-
اولا/ كانت أيران قبل العدوان على اليمن بشهور هي الهدف الأمريكي والغربي المنشود وكان المبرر هو ملفها النووي ، وكان مفاعل بوشهر النووي أنذاك مفتوح على مدار الساعة للمراقبين الدوليين من وكالة الطاقة النووية الدولية ، ليلا ونهارا، إضافة إلى أن الضغوط الإسرائيلية على أمريكا والأنظمة الغربية كانت على وشك أن تؤتي أوكلها بعدوان دولي على إيران ، وبمجرد وصول انصار الله إلى صنعاء و توقيع تلك الإتفاقيات إنحرفت البوصلة في إتجاه آخر وتغيرت الحسابات الصهيوامريكية والغربية بظهور أولوية قصوى تمثلت بالقضاء على حركات المقاومة العربية باليمن وسوريا ولبنان والعراق كخطوة استباقية ملحة واساسية لتحقيق النجاح في ضرب ايران الضربة القاضية، فأصبحت اوليتهم هي استهداف اليمن للقضاء على الخطر الذي يهدد المشروع الغربي بالمنطقة ويهدد المصالح الأمريكية ممثلا بحركة أنصار الله خلال اسبوعين او شهر بالكثير والتي اثبتت لهم الأحداث أنها حركة تتنامى بسرعة وتتضاعف قوتها وقبل ان تحكم سيطرتها على اليمن من أقصاه إلى أقصاه مع استمرار دعم الصراع السوري لإستنزاف قوة حزب الله وسوريا على حد سواء وبعدها يأتي الدور على إيران
ثانيا/ خيبة تحالف العدوان وفشله في القضاء على حركة انصار الله في المدة التي حددوها أدى إلى إبعاد الخطر عن إيران شيئا فشيئا مع مرور الزمن حتى تلاشى تماما اليوم واصبحت أكثر قوة وأمانا في العام الخامس وكل ذلك بسبب بسالة اليمنيين ومقاومتهم ومواجهتهم الشرسة التي جعلت دول التحالف غارقة في مستنقع اليمن وعاجزة في حسم المعركة وعاجزة ايضا في التراجع إلى الوراء في نفس الوقت.
ثالثا / حققت إيران خلال سنوات العدوان مكاسب كثيرة فبسبب إنصراف النظام الصهيو امريكي وانشغاله بحلب البقرة السعودية والنعاج الخليجية وتحويله فشل العدوان إلى مشروع استثماري لجني مئات المليارات أتيحت الفرصة والوقت لإيران للمضي في برنامجها النووي ورفعت نسبة التخصيب لليورانيوم من الحد الذي كان مسموح لها به إلى مستويات قياسية.
وتمكنت من تطوير اسلحة ردع جديدة بما فيها الأسلحة الإلكترونية مما زادها قوة وعنفوانا وأصبح النظام الصهيوامريكي والأنظمة الغربية تهاب إيران ألف مرة من ذي قبل فاسقطت الطائرات الأمريكية واقتادت ناقلات النفط وزادت من فرض سيطرتها وتحكمها على مضيق هرمز والامن البحري في المنطقة وبدلا من أن كانت تخشاهم في عام ٢٠١٤م اصبحت اليوم تتحداهم مما حدى بهم إلى تغيير نبرتهم من التهديد إلى التودد لها لدرجة ان يبحثوا لها عن اعذار لبعض عملياتها العسكرية ضدهم واولهم الرئيس ترامب .
رابعا. لم تتحقق أولويتهم في العام الخامس من عدوانهم على اليمن والعام التاسع من عدوانهم على سوريا فقد تمخضت الأحداث بنتائج عكسية تماما فاليمن زاد قوة ونفيرا وسوريا باتت على خطوات قليلة من تحقيق النصر العظيم على مؤامرتهم ، وحزب الله زاد عنفوانه وسطوته وهذه حقائق معلنة ومؤكدة يعلم بها الجميع
وهذا ما يجعلنا على يقين أن تلك الإتفاقيات كانت بالنسبة لنظام طهران كتعويذة ناجعة استطاعت من خلالها أن تقلب الأمور والأحداث لصالحها رأسا على عقب ، وما
كان ذلك ليتحقق لها لولا الصمود الأسطوري الذي سطره الشعب اليمني والبطولات العظيمة التي خلدها ابطاله والإنجازات العسكرية والتصنيعية التي وصل اليها جيشنا ولجاننا البواسل.
وفي مقابل ذلك لم نرى أي موقف عملي لإيران مع مظلومية الشعب اليمني سوى موقفها الإعلامي الثابت والشجاع منذُ بداية العدوان وحتى اليوم
فمن أحق بالشكر والإمتنان نحن أم إيران ؟ ومن الذي يجب عليه رد الجميل والمعروف نحن أم إيران ؟
ومن الذي أولى أن يتبع الآخر أن نتبع إيران أم أن تتبعنا هي ؟
ضعوا كل ذلك في الميزان وأجعلوه الحكم بيننا وبين إيران ستكتشفوا أن إيران هي من يجب عليها ان تتبعنا وليس العكس .