اليمن يبدأ حرب الخيارات المفتوحة
يمانيون../
في خطوة بطولية عابرة لحدود الحسابات العسكرية والتوازنات الاستراتيجية، القوة الصاروخية وسلاح الجو المسير اليمني ينفذان عمليتين هجوميتين ساحقتين، الأولى على عرض عسكري لمرتزقة الإمارات في معسكر الجلاء بعدن بصاروخ باليستي قصير المدى وطائرة درون قاصف 2k، والثانية على هدف عسكري في منطقة الدمام بالعمق السعودي في أقصى الشرق بصاروخ باليستي طويل المدى.
العمليتان الهجوميتان حققتا نجاحا عملياتيا مرعبا ومدمرا بشكل غير مسبوق، وقد لوحظ من المشاهد ومقاطع الفيديو التي وثقت لحظة الاستهداف والإصابة، خصوصا على العرض العسكري لمرتزقة الإمارات في عدن، حجم الآثار التدميرية الهائلة والمحرقة الجماعية التي لحقت بمئات المجندين المشاركين في العرض؛ حيث قتل نحو 50 مجنداً وجرح 48 آخرين، بالإضافة إلى سقوط قيادات بارزة جداً محسوبة على الإمارات كأمثال المدعو منير اليافعي المكنى بـ”أبو اليمامة” قائد الدعم اللوجستي.
توقيت العمليتين وطبيعة الاسلحة المستخدمة
من خلال النظر إلى حجم وطبيعة العمليتين الهجوميتين وإسقاطهما بالحساب الكمي والنوعي والتوقيت الزمني لهما في هذا الظروف الحالية، نجد أنهما تأتيان في سياق الرد والردع الاستراتيجي وتوجيه رسائل ومعادلات ردعية مدمرة نحو السعودية بالمقام الأول التي ارتكبت مجزرة مروعة بحق المدنيين في قطابر بصعدة، ونحو الإمارات التي تبنت مشاريع إجرامية، والخداع والمراوغة في مسألة سحب قواتها من اليمن ومحاولتها الخبيثة لتقسيم اليمن وتجزئة أراضيه.
بالحساب الكمي والنوعي، نجد أن الأسلحة الهجومية المستخدمة كانت صاروخاً باليستياً قصير المدى (جيل متطور وجديد لمنظومات الصواريخ الدقيقة) التي مازالت تحت الستار. أيضا استخدم جوار هذا الصاروخ طائرة الدرون قاصف 2k الانتحارية في منظومة هجوم مزدوجة يجمع الصاروخ والطائرة في توقيت واحد. أما “عملية الدمام فيالعمق السعودي” فكانت عبر صاروخ باليستي متطور من المنظومات الباليستية ذات المدى البعيد، والتي مازالت أيضا تحت التحفظ والتجربة العملانية، حيث نستطيع أن نصنفها ضمن المنظومات الجديدة التي كشف عنها الناطق العميد يحيى سريع والتي تتمثل في صواريخ بركان الجيل الثالث Borkan 3، وهو الجيل المتطور والأحدث لعائلة بركان الباليستية التي من المفترض أن يتجاوز مداها العملياتي 1300 كم أو ضمن منظومات صواريخ الكروز المجنحة (قدس) التي يتجاوز مداها 1500 كم إلى 2000 كم.
التداعيات والمدلولات الاستراتيجية
مما لا شك فيه أن العمليتين بقدر ما أثارتا الرعب والهلع وخلطتا الأوراق للرياض وأبوظبي، فإنهما تركتا حزمة من التداعيات والمدلولات الجيواستراتيجية التي من اهمها
1 – أثبتتا أن المؤسسة العسكرية اليمنية وقيادتها العليا، ممثلة بقائد الثورة السيد عبدالملك بدر الدين الحوثي، ماضية في تنفيذ خيارات استراتيجية مفتوحة تصب في ترسيخ مفهوم التفوق على الأرض وفرض التوازن العسكري المطلوب ونقل الحرب إلى عمق السعودية والإمارات بوتيرة متزايدة أكثر تدميراً وتأثيراً حتى يتوقف العدوان والحصار على الشعب اليمني
2- كلتا العمليتين حملت رسائل استراتيجية من العيار الخطير تظهر حقيقة أن اليمن أصبح يمتلك الوسائل التسليحية المثالية للوصول إلى أبعد الأهداف والمراكز الحيوية في العمق السعودي والإماراتي. وقد أتى الهجوم الباليستي على منطقة الدمام تحديداً، التي تبعد عن الرياض 411 كم وتتمركز على سواحل الخليج الفارسي شرقا، كترجمة عملية على أن (كل شبر في السعودية والإمارات أصبح تحت النار وفي متناول الصواريخ الباليستية اليمنية).
3 – تم توجيه رسالة تحذيرية إلى النظام الإماراتي بأن مسرحيته في سحب قواته من اليمن مكشوفة وأن دور بلاده سيكون التالي إذا لم يكن هناك جدية للخروج من الحرب على اليمن، وصاروخ الدمام تحذير كاف لـ(عيال زايد).
4 – امتلاك اليمن لمنظومات صاروخية ذات مدايات استراتيجية أثبتت قدرتها ونجاحها على تجاوز جميع الأنظمة الدفاعية بأنماطها وضرب جميع الأهداف المتمركزة ضمن دائرة نصف قطرها 2000 كم.
في الأخير، نختم بالقول إن هذا النوع من العمليات الهجومية لم يحقق لليمن نقاط قوة إضافية على المسرح الاستراتيجي فحسب، بل أثبت أن اليمن بعون الله هو من لديه مفاتيح الحسم العسكري وأن موازين القوى بدأت ترجح كفته على كفة تحالف الرياض وأبوظبي بفارق كبير؛ لذا لم يعد هناك مجال للتوقعات والتشكيك، لأن اليمن هو من سيكون الواقف الوحيد في أرض المعركة.
(تقرير – زين العابدين عثمان)