فقيه السياسة اليمنية
يمانيون – كتابات – عبدالفتاح علي البنوس
كشفت المحطات التاريخية التي ظهر فيها الأستاذ محمد عبدالسلام رئيس الوفد الوطني المفاوض ، ابتداء بمهمته كمتحدث وناطق رسمي باسم أنصار الله مع اشتعال شرارة الحرب على صعدة في نسختها الأولى وحتى الحرب السادسة وما أعقبها من أحداث وتحولات ومحطات قبل وبعد ثورة 21سبتمبر ، وصولا إلى المرحلة الراهنة التي شهدت فيها قيام الكيان السعودي اليهودي بضوء أخضر أمريكي بشن عدوانهم الهمجي على بلادنا في 26مارس من العام 2015 م والتي اقتضت دخول القوى الوطنية في مشاورات ومفاوضات وجلسات حوار مع قوى العدوان ومرتزقتهم ، حيث كان الأستاذ محمد عبدالسلام حاضرا وبقوة بصفته رئيسا للوفد اليمني المفاوض ، ونجح بامتياز في إدارة مهمة الوفد الوطني في مختلف المحطات والجولات التفاوضية ، باسلوب أحرج وفود الطرف الآخر الذين وجدوا أنفسهم أمام سياسي محنك ، يحمل من الدهاء السياسي ما جعله محط حديث القنوات الفضائية ووسائل الإعلام الدولية والإقليمية.
صاحب صعدة الشاب المتقد حماسا ، القادم من كهوف مران ، يجاري كبار السياسيين ويتغلب عليهم ، بصوابية منطقه ، وعمق طرحه ، وسلاسة طرحه ، وحجية قضيته ، فكان طرحه المسؤول سر تفهم الأطراف الدولية والأممية للقضية اليمنية ، ووقوفهم على واقع الحال في اليمن ، وأزال تلكم الصورة السلبية التي رسمها عنهم الأعداء ، وقدموهم بها للعالم ، فأقام عليهم الحجة ، ووضعهم أمام الحقيقة الدامغة ، فكانت مؤتمراته الصحفية التي يعقدها على هامش المفاوضات والمشاورات أو عقب الانتهاء منها أكثر حيوية وفاعلية وحضورا من قبل ممثلي وسائل الإعلام المختلفة ، وكانت تحليلاته ومنطلقاته الوطنية المعززة بالأدلة الدامغة والشواهد الحية محط إشادة وإعجاب الرأي العام المهتم والمتابع للشأن اليمني.
ومن شاهد واستمع إلى مقابلاته الأخيرة مع قنوات روسيا اليوم والميادين والمسيرة ، ومن تابع مجريات النقاشات والمباحثات التي أجراها خلال زيارته الحالية للعاصمة الروسية موسكو يدرك أن الدبلوماسية اليمنية في أمان ما دام من يدير مسارها السياسي بهذه العقلية الفذة ، وبهذا العمق الكبير ، وبهذه الرؤية الثاقبة ، دهاء ، ومنطقاً ، وإقناعاً وإعجاباً وتميزاً وتألقاً ، ولهذا شاهدنا كيف تتعاطى وسائل الإعلام العالمية مع تصريحاته ، وكيف تتفاعل مع القضايا والملفات الشائكة التي يطرحها ويفتحها ويتناولها بكل شفافية ومصداقية ، وهذا ما جعله يتبوأ موقع فقيه السياسة اليمنية متفوقا على الكثير من السياسيين الذين قضوا سنوات عديدة من حياتهم في مجال السياسة بكل تشعباته وتفاصيله.
بالمختصر المفيد، عندما تكون صاحب مظلومية مشهودة ، وقضية عادلة ، وفي الوقت ذاته يتعرض بلدك لمؤامرة كبرى داخلية وخارجية ، فإنك بحاجة إلى من ينقل مظلوميتك ، ويعرف بقضيتك ، ويقدمهما للعالم بطريقة سلسة ومقنعة ، وهذا ما تجسد في شخصية الأستاذ محمد عبدالسلام رئيس الوفد الوطني ، الذي يدير ملف المفاوضات بكل حنكة وكفاءة واقتدار ، لتكتمل تفاصيل لوحة الصمود والثبات والمواجهة اليمانية البديعة ، أياد تبني وتصنع وتعمر وتفاوض ، وأياد تحمي الوطن وتذود عن حماه وتسقي الغزاة والمحتلين والمرتزقة كؤوس المنايا ، وتجرعهم السم الزعاف على طريق التحرر من الغازي المعتدي ، المحتل الباغي والانعتاق من براثن الوصاية والتبعية ، والشروع في بناء الدولة اليمنية المدنية الحديثة المستقلة القرار والإرادة ، دولة البناء والتعمير والتصنيع الحربي والإنتاج الزراعي ، دولة شعارها معا نحو الاكتفاء الذاتي لنأكل مما نزرع ونلبس مما نصنع ، وفي سبيل الله ونصرة لديننا ووطننا نحيا شهداء ولا نخضع ولا نركع.
جمعتكم مباركة وعاشق النبي يصلي عليه وآله.