هل سيكون إتفاق الحديدة الجديد مفتاحاً للحل في اليمن..؟!
يمانيون../
الحرب العبثية التي تشنها السعودية وحلفاؤها على اليمن بالوكالة عن الولايات المتحدة وحلفائها، لا تزال مستمرة، واستمرارها يعني أن هذه الحرب ليست لها نهاية قريبة لأن المطلوب هو تدمير اليمن والسيطرة عليه، فهو يشكل صلة الوصل بين آسيا وإفريقيا وأوروبا، ومن هنا يكتسب هذه الأهمية، إضافة إلى ذلك، ترتبط هذه الحرب ارتباطاً عضوياً بما يجري في المنطقة وفق المخططات القريبة لها.
إن القصف المستمر على اليمن من قبل وكلاء الدول الاستعمارية وعلى رأسهم السعودية لا يزال ينشر القتل والخراب والموت لأبناء اليمن ويدمر المدن.
وبين الحين والآخر، تلوح مبادرات أممية تسعى إلى وقف هذه الحرب، لكنها لم تأخذ طريقها إلى النجاح، ولعل آخر هذه المبادرات المفاوضات التي جرت قبل أيام بشأن ميناء الحديدة الذي يعد الشريان الرئيس لليمن ومفتاح حل أزمتها.
وأعلن المتحدث باسم الأمم المتحدة أنه تم الاتفاق على تفعيل آلية وتدابير جديدة من أجل تعزيز وقف إطلاق النار والتهدئة في أقرب وقت ممكن بمراقبة من البعثة الأممية للتوصل إلى اتفاق الحديدة.
جرى هذا الاتفاق على متن سفينة تابعة للأمم المتحدة كانت ترسو قبالة الحديدة.
وخلال الاجتماع المشترك لبعض الأطراف المتحاربة قام أعضاء لجنة تنسيق إعادة الانتشار بتناول الاتفاقيات السابقة حول إعادة انتشار القوات وفقاً لما نص عليه اتفاق الحديدة السابق، وقالت الأمم المتحدة في بيان لها: إنه وبعد تزايد انتهاكات وقف إطلاق النار في الفترة الأخيرة، أبدت بعض الأطراف المتنازعة حرصها على إيجاد سبل للحد من التصعيد.
وأفاد البيان بأن لجنة تنسيق إعادة الانتشار أنهت أعمالها التقنية وهي في انتظار قرار القيادات السياسية المعنية للمباشرة بالتنفيذ، مشيرة إلى أن التفاهم على قوات الأمن المحلية والسلطة المحلية والموارد المالية هو من المسائل المعلقة التي تجب معالجتها على المستوى السياسي.
يذكر أن الاتفاق بشأن مدينة الحديدة، يتضمن وقفاً كاملاً لإطلاق النار وانسحاباً عسكرياً لجميع القوات من المدينة والميناء، وأن الأمم المتحدة ستتولى دور «مراقبة الميناء»، بينما ستشرف قوى محلية على حفظ النظام في المدينة.
ونص الاتفاق أيضاً على تشكيل لجنة للإشراف على إعادة انتشار القوات اليمنية في الحديدة بإشراف من الأمم المتحدة على أن تتولى السلطات المحلية الإشراف والمراقبة، هذا إلى جانب عملية إزالة الألغام من الحديدة ومينائها.
وفي كانون الأول الماضي كان قد تم التوصل إلى اتفاق السويد برعاية الأمم المتحدة لمعالجة ملفات عديدة بينها محافظة الحديدة وموانئها، غير أنه تم تبادل الاتهامات بالالتفاف عليه.
ترى، هل سينجح اتفاق عرض البحر الذي رعته مؤخراً الأمم المتحدة؟ علماً بأنه ينص وبشكل صريح على وقف القتال في مدينة الحديدة الساحلية وسحب جميع القوات منها.
إن التحدي يكمن في تأمين انسحاب منتظم للقوات من الحديدة وذلك لن يتم لانعدام الثقة بين الأطراف المتحاربة، علماً أن تلك المدينة وميناءها يعدان شريان الحياة لملايين اليمنيين الذين يواجهون بالفعل خطر المجاعة.
إن الرغبة الدولية في إنهاء المأساة في اليمن غير متوافرة حالياً، إذ إنه لم يتم تحضير المناخ لمناقشات مهمة تستهدف التوصل لهدنة أوسع نطاقاً، ولم يتم وضع إطار عمل لإجراء مفاوضات سياسية من أجل إنهاء الحرب على اليمن، فإذا ما أخذنا في الحسبان مكانة الحديدة بالنسبة لليمن نكتشف بأنها الميناء الرئيس المستخدم في دخول أغلب إمدادات الغذاء لسكان اليمن البالغ عددهم أكثر من 30 مليون نسمة، وهي المنطقة التي تركزت فيها المعارك هذا العام، ما أثار مخاوف عالمية من أن هجوماً شاملاً على الحديدة من أحد الأطراف المتحاربة قد يتسبب في قطع خطوط الإمداد المعيشية لليمنيين، ما يؤدي إلى مجاعة، في الوقت الذي يعاني فيه نحو 15.9 مليون نسمة في اليمن من جوع حاد بسبب الحرب والانهيار الاقتصادي الذي نجم عنها.
إن «التحالف» السعودي الذي يعاني من حالة جمود عسكري في الميدان يريد السيطرة على الساحل المطل على البحر الأحمر، وهو أحد أهم طرق التجارة في العالم لناقلات النفط.
لقد سيطر «التحالف» على ميناء عدن جنوب البلاد في عام 2015، إضافة إلى سلسلة من الموانىء الصغيرة على الساحل الغربي، لكنّ «أنصار الله» يسيطرون على أغلب المدن والبلدات اليمنية المأهولة بالكثير من السكان بما يشمل ميناء الحديدة وصنعاء.
يقول محللون: إن تنفيذ اتفاق الحديدة مهم، لأن أي تباطؤ في الزخم الحالي قد يستغله التحالف ذريعة لاستئناف الهجوم على الحديدة.
والسؤال الأهم: إلى أين وصلت الأمور الآن؟
قال المبعوث الدولي الخاص باليمن مارتن غريفث وقت إعلان الاتفاق: إن الوحدات العسكرية ستبدأ في الانسحاب من الميناء خلال أيام، ثم من المدينة في وقت لاحق، وسيجري نشر مراقبين دوليين وستنهي الوحدات المسلحة انسحابها الكامل خلال 21 يوماً.
وطلب غريفث من مجلس الأمن الدولي الإسراع في إصدار قرار يؤيد نشر بعثة مراقبة قوية يرأسها الهولندي المتقاعد باتريك كامييرت، وأعلن المبعوث أيضاً أنه يعمل على تنفيذ خطوات أخرى لبناء الثقة من خلال حل القضايا التي لا تزال عالقة من الجولة الماضية من محادثات السلام ومنها إعادة فتح مطار صنعاء.
ويبدو أن الأزمة اليمنية مرتبطة بشكل وثيق مع سواها من الأزمات المتفجرة في المنطقة والتي تعمل القوى الغربية على إطالة أمدها بغية السيطرة عليها بشكل أو بآخر.
إن اتفاق الحديدة الجديد إذا ما تم تنفيذ بنوده يعني أن هناك متغيرات في السياسات الغربية في المنطقة العربية كلها.
(مركز الدراسات الاستراتيجية العالمي)