تصعيد متجدّد في الحديدة: قصف مكثّف وتعزيزات عسكرية
يمانيون – جريدة الأخبار اللبنانية
في الوقت الذي باتت فيه موانئ محافظة الحديدة الثلاثة (الحديدة، الصليف ورأس عيسى) خالية من أي وجود عسكري لقوات الجيش اليمني واللجان الشعبية، وفق تأكيد رئيس «لجنة تنسيق إعادة الانتشار»، مايكل لوليسجارد، الأسبوع الماضي، وفيما تواصل حكومة الرئيس المنتهية ولايته، عبد ربه منصور هادي، التشكيك في سلامة ذلك الانسحاب، أطلق «التحالف» والقوات الموالية له موجة تصعيدية جديدة ضد المحافظة، تمثلت في تحركات برية في محيط مدينة الحديدة، وسلسلة غارات جوية استهدفت جنوبها. تصعيدٌ تزامن أيضاً مع عودة الحديث عن نقل فريق التفتيش التابع للأمم المتحدة من جيبوتي إلى ميناء الحديدة، لتسهيل تدفق الشحنات التجارية والإغاثية من دون عراقيل، وذلك بعد تأكيد لوليسجارد أن عمليات إعادة الانتشار الأولية حوّلت موانئ المحافظة الثلاثة إلى «حيّز مدني» يخضع لمراقبة المنظمة الدولية. لكن حكومة هادي، التي سبق أن رفضت نقل الفريق الأممي إلى ميناء المدينة، بدأت خلال اليومين الماضيين حملة تحريض واسعة ضد هذا الإجراء، بدعوى أن الميناء شكّل «قاعدة انطلاق لصاروخ كروز المجنّح على السعودية»، في حين ادعى «التحالف» تدمير زوارق حربية مفخخة انطلقت من الميناء نفسه.
هاجمت الميليشيات الموالية لـ«التحالف» مدينة الدريهمي المحاصَرة منذ تسعة أشهر
إزاء ذلك، رأى الناطق باسم «أنصار الله»، رئيس وفدها التفاوضي، محمد عبد السلام، أن «العدوان يتعمّد المماطلة في تنفيذ الخطوة التالية من اتفاق السويد». وقال عبد السلام، في تصريح صحافي أمس، إن «خطوة إعادة الانتشار من طرف واحد وضعت العدو أمام اختبار حقيقي، إلا أنه عاد مجدداً ليماطل في الشروع في تنفيذ الخطوة التالية المتوجبة عليه»، لافتاً إلى أن «التحالف» عمد أخيراً إلى «تصعيد اعتداءاته وخروقاته على محافظة الحديدة، بما فيها الغارات الجوية والاستطلاعية والقصف من الأرض بشكل مستمر»، مُحمّلاً إياه «كامل المسؤولية عن ذلك، وما سينتج منه إن استمرّ في هذا المسلك الخاطئ والخطير». وجدد عبد السلام «تأكيد التزام صنعاء باتفاق السويد ومساراته العملية، مع احتفاظنا بحقّ الرد»، مطالباً الأمم المتحدة بأن «تقوم بدورها، وتستمر في نشاطها المطلوب بجدية».
ميدانياً، صعّدت الميليشيات الموالية للإمارات عمليات استهداف المناطق المحيطة بمدينة الحديدة خلال الأيام الماضية، وبوتيرة أشدّ مما شهدته الأشهر السابقة. إذ هاجمت تلك الميليشيات منازل المواطنين في مدينة الدريهمي المحاصَرة منذ تسعة أشهر بالمدفعية، وألحقت أضراراً بالغة بممتلكات المدنيين. كما استهدفت منازل المواطنين وممتلكاتهم في قرى الشجن والكوعي والخباتية الواقعة على مشارف مدينة الدريهمي جنوبي الحديدة. تزامن ذلك مع وصول تعزيزات عسكرية كبيرة لقوات «التحالف» إلى محيط المدينة. ووفق معلومات «الأخبار»، فإن «الإمارات دعمت ميليشياتها في الساحل الغربي بأكثر من 200 آلية عسكرية الأسبوع الماضي، في حين وصل 1000 جندي سوداني جديد إلى الساحل الغربي». وترافق الدفع بتلك التعزيزات مع تكثيف الطيران التجسّسي التحليق في أجواء الحديدة خلال الأسبوع الماضي، ليكشف عن استمرار الدور الأميركي في المعركة، من خلال تمكن الدفاعات الجوية من إسقاط طائرة أميركية بدون طيار من نوع «MQ9» في سماء محافظة الحديدة، وهو ما اعترفت به واشنطن، واعتبرته «تطوراً» في قدرات الجيش واللجان.
كذلك، نفذت الميليشيات الموالية للإمارات، خلال الأيام الماضية، عمليات عسكرية في عدد من مناطق الساحل الغربي، كالتحيتا وحيس والجبلية والمتينة، محاوِلة بهذا استفزاز قوات الجيش واللجان. وخلال الساعات الـ 48 الماضية، دفعت بقوات جديدة إلى محيط مدينة الحديدة لتباشر القصف المدفعي العنيف على أحياء المدينة، بعدما كانت قد استهدفت عدداً منها كـ«جولة موبايل» بقذائف الـ«آر بي جي»، وشنّت هجوماً بالأسلحة الرشاشة على قرية الزعفران في منطقة كيلو 16. وكان «التحالف» قد شنّ، مساء الخميس الماضي، غارات مكثفة على منطقة الضحى الواقعة في إطار مدينة الحديدة، كما استهدف بغارات أخرى مناطق واقعة على خطوط التماس من دون أن تتسبّب بوقوع إصابات؛ كون هذه المناطق أصبحت خالية من السكان منذ قرابة عام.