ولايات أمريكية تشحن أسلحة للسعودية والإمارات بالمليارات
يمانيون../
نشر موقع الصحافة الاستقصائية “بيلنغكات” تقريرا للباحث والأكاديمي أريك وودس، يقول فيه إن ولايات أمريكية، مثل بنسلفانيا وماساشوستس وأريزونا وغيرها، قامت بتصدير أسلحة قيمتها مئات ملايين الدولارات للسعودية والإمارات منذ بداية الحرب في اليمن.
ويشير التقرير، إلى أنه بحسب المعلومات المتوفرة للعامة من الحكومة الأميركية، فإن هناك 11 ولاية بالإضافة إلى منطقة كولومبيا، قامت كل منها بتصدير ما قيمته أكثر من 100 مليون من الأسلحة للسعودية والإمارات، وكلها مجتمعة حوالي 6.8 مليار من القنابل وقاذفات الصواريخ والمدافع الرشاشة وغيرها من الأسلحة.
ويفيد وودس بأن أكبر الولايات المصدرة لهذه المواد هي شمال كارولاينا وأريزونا وألاباما وبنسلفانيا وآركنساس، وتكملها نيو مكسيكو وماريلاند وفلوريدا وماساشوستس وفيرجينيا ونيوهامبشير.
ويقول الموقع إنه يمكن ربط بعض هذه الصادرات مع جرائم حرب مفترضة، وبناء على تقارير (بيلنغكات)، فإن هناك علامات على وجود قنابل أمريكية استخدمت في قصف باص ضحيان، التي ذهب ضحيتها ما لا يقل عن 40 طفلا و11 بالغا، تكشف عن كونها منتجة في بنسلفانيا، خامس أكبر مصدر للأسلحة للسعودية والإمارات، مشيرة إلى أن الأجزاء التي وجدت في مكان الحادث تقود إلى مصانع في تكساس، وهو ما يظهر أنه حتى المصدرين الصغار قد يؤدون دورا أكبر من حجمهم في انتهاك حقوق الإنسان.
ويلفت التقرير إلى أن مكتب الإحصاء ينظم رمزا عالميا من 6 خانات للمنتجات كلها، يسمى نظام الترميز المتوافق لوصف السلع (HS) ويغطي هذا النظام السلع كلها، من السلع الزراعية إلى قطع غيار الأسلحة، وباستخدام هذه الرموز تم حذف السلع الأخرى المصدرة للسعودية والإمارات منذ 2015 إلى آذار/ مارس 2019، مشيرا إلى أنه يمكن مشاهدة المعلومات من مصدر الإنتاج أو مصدر التصدير، كما تحتوي المعلومات على الموانئ التي تم تصدير السلع منها.
وينوه الباحث إلى أنه استثني من المعلومات المسدسات والبنادق لكثرة انتشارها بصفتها ملكية خاصة في السعودية، مشيرا إلى أن الصادرات تضمنت ما قيمته 48222682 من القنابل والألغام والصواريخ الموجهة، التي تشير لها الإحصائيات على أنها مجهولة المصدر.
ويقول الموقع إنه قد استخدمت الرموز الستة الآتية:
930110= أسلحة مدفعية عسكرية (هاون، هويتزر).
930111= أسلحة مدفعية ذاتية الدفع.
930120= قاذفات صواريخ، وقاذفات قنابل، أنابيب طوربيد وقاذفات لهب.
930190 = مدافع رشاشة وبنادق عسكرية وخراطيش عسكرية.
930591= قطع غيار لأسلحة عسكرية.
930690= قنابل، وقنابل موجهة، وقنابل يدوية، ألغام وذخيرة.
ويستدرك التقرير بأنه “لا بد من الملاحظة أن المعلومات الواردة في هذه الإحصائيات ليست إحصائيات مكتملة لمبيعات الأسلحة الأمريكية، فمثلا الرمز 9301111 (أسلحة مدفعية ذاتية الدفع) لا تظهر مبيعات لأسلحة من نظام م-142-هيمارز للإمارات، لكن المعلومات الواردة من معهد أبحاث السلام الدولي في ستوكهولم يظهر أنه تم بيع ما قيمته 143 مليون دولار من هذه الأسلحة للإمارات في الفترة التي تغطيها الإحصائية، وشوهدت هذه الأسلحة مستخدمة من التحالف الذي تقوده السعودية في اليمن”.
كبار اللاعبين
ويبين وودس أن ولاية شمال كارولاينا تعد أكبر المصدرين، فمن 2015 وحتى آذار/ مارس 2019، صدرت شمال كارولاينا ما قيمته 1.9 مليار دولار بشكل رئيسي للسعودية، وذهب فقط ما قيمته 15 مليون من شمال كارولاينا للإمارات.
ويكشف الموقع أن أكبر كمية من السلع التي يتم إنتاجها وتصديرها من ولاية شمال كاليفورنيا هي التي تحمل رمز 930690 – وهو رمز يشمل مجموعة أنواع من القنابل والقنابل الموجهة والقنابل اليدوية والألغام، مشيرا إلى أنه مع أن أمريكا ليست شريكا في اتفاقية منع أتاوا لمنع الألغام، إلا أنها التزمت عام 2014 بتدمير الألغام المخزنة لديها، التي لا يراد إرسالها لكوريا الجنوبية.
ويستدرك التقرير بأنه بالرغم من أن الألغام تقع تحت الرمز 930690، إلا أن الاحتمال الأكبر هو أن معظم السلع المصدرة من شمال كارولاينا هي في الواقع منتوجات ثمينة لاستخدام سلاح الجو، مشيرا إلى أنه كون شمال كارولاينا تستضيف أكبر قاعدة عسكرية أميركية في العالم، فهي مركز قوي للصناعات العسكرية، ويدعم هذا حملة علاقة عام تقوم بها الولاية لتعلن عن نفسها بصفتها خيارا رخيصا للصناعات الحربية الجوية.
ويشير الكاتب إلى أن المعلومات المتعلقة بالموانئ تظهر أن معظم الشحنات للسعودية تمت من ميناء ويلمينغتون من شمال كارولاينا، وهو ما يجعله أكبر نقطة شحن للسلع العسكرية للسعودية من أمريكا، لافتا إلى أن ممثل لسلطة الموانئ في شمال كارولاينا رفض الرد على أسئلة حول ما إذا كان ذلك الميناء يسهل بيع الأسلحة للسعودية.
ويقول الموقع إن أريزونا، وهي ثاني أكبر مصدر للأسلحة للسعودية والإمارات، صدرت لهما ما قيمته 1.2 مليار دولار منذ عام 2015، وفي عام 2017 فقط صدرت أريزونا ما قيمته 328 مليون من القنابل والقنابل الموجهة وما يتعلق فيها للإمارات فقط، وما قيمته 478 مليون دولار للسعودية.
وبحسب التقرير، فإن هذه الأرقام الضخمة يمكن أن تعزى إلى وجود الصناعات الجوية في توسون، حيث تعد أنظمة قنابل ريثيون في توكسون التجارة الأكثر دخلا لتصنيع الصواريخ الموجهة في أمريكا الشمالية، لافتا إلى أن ذراع ريثيون في توكسون ينتج قنبلة بافواي 2 الموجهة بالتعاون مع لوكهيد مارتينز في بنسلفانيا، وهو ما يستخدم في معظم عمليات القصف البارزة في اليمن، بالإضافة إلى أن ريثيون تعد أكبر جهة موظفة في أريزونا، حيث يوجد لديها 12 ألف موظف، أقل بقليل من عدد الموظفين لدى ماكدونالدز في أريزونا.
ويفيد وودس بأن صادرات أريزونا ليست محدودة بتقنيات السلع الجوية العالية، حيث تم تصدير ما قيمته أكثر من 41 مليون دولا من المدافع، و27 مليون دولار من المدافع الرشاشة، وغير ذلك من الأسلحة النارية للسعودية منذ بدأت تدخلها في اليمن، مشيرا إلى أنه على عكس شمال كارولاينا، فإن معلومات الموانئ تظهر بأن هذه السلع تصنع في أريزونا، وترسل جوا من أمريكا عبر توكسون، بدلا من الموانئ البحرية في كاليفورنيا.
ويلفت الموقع إلى أن ألاباما تحتل المرتبة الثالثة بمبلغ 789 مليون دولار، منها 719 مليون دولار ثمن قنابل وقنابل موجهة وما يتعلق بها للإمارات، مشيرا إلى أن ألاباما تصدر سلعا للإمارات أكثر من أي مكان آخر عدا منطقة كولومبيا، فهناك حضور كبير لكل من شركة لوكهيد وريثون وبي إيه إي سيستمز وبوينغ في ألاباما.
الحزام الشمالي للبنادق
وينوه التقرير إلى أن ماساشوستس تعد أكبر مصدر للمدافع الرشاشة والبنادق العسكرية للسعودية والإمارات، حيث بلغت قيمتها 55 مليون دولار، فيما تأتي بنسلفانيا في المرتبة الثانية بمبلغ 45 مليون دولار، ونيفادا في المرتبة الثالثة بمبلغ 35 ألف دولار منذ بدء الحرب في اليمن، مشيرا إلى أن هذا يمثل تقديرا متحفظا للبنادق الأمريكية المبيعة لهاتين الدولتين، بعد استبعاد المسدسات وغيرها والأسلحة النارية التي يحتمل أن تكون للسوق المدنية في السعودية.
ويقول الباحث إن نيو هامبشير كانت هي أكبر مصدر لقاذفات الصواريخ، حيث تقدر الصادرات بـ61 مليون دولار، وجاءت ماساشوستس في المرتبة الثانية بمبلغ 49 مليون دولار، وبنسلفانيا في المرتبة الثالثة بمبلغ 45 مليون دولار، مشيرا إلى أن بعض هذه السلع تم تصديرها عن طريق ميناء بيلتمور، كما ذكرت ذلك ابتداء إذاعة نيو هامبشير.
التكلفة البشرية
ويقول الموقع إن “أحد أهم الأسئلة التي تطرح نفسها حول مبيعات الأسلحة الأمريكية هذه للسعودية والإمارات هو: ماذا تعني هذه الأرقام؟ وهل يمكن ربط الأسلحة المصنعة في ولايات محددة بالوفيات بين المدنيين، أو حتى بجرائم حرب محتملة في اليمن؟ والجواب هو نعم”.
ويشير التقرير إلى أن قصف الباص في ضحيان وقع صباح 9 آب/ أغسطس 2018، وتسبب بمقتل العديد من الأطفال وجرج الكثير، لافتا إلى أن موقع “بيلينغكات” تتبع سابقا شظايا طقم قنبلة بافواي 2 إلى لوكهيد مارتين، ويعمل طقم بافواي 2 للقنابل على تحويل القنبلة العادية إلى قنبلة موجهة بالليزر.
ويجد وودس أن تفحص الرقم على شظايا بافواي 2 من خلال قاعدة المعلومات المتوفرة للعامة، يشير إلى مصنع لوكهيد مارتين في بنسلفانيا، حيث يتم إنتاج هذه المجموعة، لافتا إلى أن بنسلفانيا هي رابع أكبر مصدر للأسلحة للسعودية والإمارات، وفي عام 2016 قامت لوكهيد مارتين بزيادة إنتاجها من مجموعة بافواي 2 إلى أربعة أضعاف إنتاجها السابق.
ويذكر الموقع أن الأرقام الأخرى تشير إلى شركة جنرال داينامكس، فرع تكساس، حيث يتم إنتاج قشرة القنبلة MK82، وهي التي تستخدم مع طقم بافواي 2، وتعد تكساس الولاية في المرتبة 19 من حيث تصدير القنابل، وهو ما يعكس أنه حتى المصدرين الصغار يؤدون دورا أكبر من حجمهم في انتهاكات حقوق الإنسان المحتملة.
الخلاصة
ويلفت التقرير إلى أن استخدام مصادر الإحصاء الحكومية ساعد في تسليط الضوء على مبيعات الأسلحة الأمريكية، فيتم كل عام إنتاج ما قيمته مليارات الدولارات من المساعدات العسكرية الأجنبية ومبيعات الأسلحة إلى بلدان غير مسماة، و”ما هذه البيانات إلا لمحة سريعة عن مبيعات الأسلحة”.
ويقول الكاتب إنه يتوقع أن تزيد تلك المبيعات، فإدارة ترامب جعلت عام 2019 سنة لافتة للتراجع عن تدابير الحد من الأسلحة، أولها الضغط للتوقف عن تصنيف البنادق نصف الآلية وبنادق القناصة على أنها ليست أسلحة، والثاني هو انسحاب أمريكا من اتفاقية تجارة الأسلحة، والثالث هو استخدام ثغرة في القانون للمضي قدما في مبيعات الأسلحة للسعودية والإمارات دون موافقة الكونغرس.
وينوه الموقع إلى أن الطائرات السعودية والإماراتية قامت منذ التدخل في اليمن عام 2015 بشن 18500 غارة ودمرت مئات المدارس والمزارع والمستشفيات والأسواق، ومع حلول آذار/ مارس 2018 نفذت القوات السعودية والإماراتية 161 غارة ضد مخازن أسلحة، و221 ضد مدارس.
ويختم “بيلنغكات” تقريره بالإشارة إلى أن الإحصائيات المتحفظة تشير إلى مقتل 85 ألف طفل بسبب المجاعة التي تسببت بها الحرب، لافتا إلى أن القوات السعودية والإماراتية استمرت بالقصف، بالرغم من قول الأمم المتحدة بأن ذلك سيقود إلى “أسوأ مجاعة يشهدها العالم منذ مئة عام”.