وإذا الجحيمُ سُعّرت
كتبت / فاطمة حسين
في الساعة الخامسة تقريباً صباح يوم الحادي عشر من رمضان كانت الأجواء هادئةً وساكنة بعد أداء صلاة الفجر , الكلُ هناك خلد إلى النوم , وما إن وضعت رؤوسهم على الفراش وتسلل النعاس إلى أعينهم حتى حُشرت الوحوش البشرية بطائراتها لتُحيل ذلك الهدوء إلى أصوات صرخاتٍ واستغاثات ..
هناك بحي الرقاص كانت الأجواء مخالفةً لما كانت عليه من قبل , أصوات سيارات الإسعاف تعج بالمكان , وأصوات نداء المسعفين وصرخات واستنجاد الضحايا من تحت الأنقاض , هلعٌ وخوفٌ ساد في ذلك الحي , أطفال قد وئدوا بين ركام منازلهم , وأمٌ قد أسعفت لمداواة جراحها وهي تستغيث الله بأن يحفظ أبناءها الأربعة وهي لا تعلم بأنهم قد رحلوا من هذه الدنيا وتركوها , وطفلةٌ هناك لا تتجاوز العامين بقيت وحيدةً بعد أن التهم ذلك الوحشُ عائلتها بأكملها , وهي لا تعلم ماذا يحدثُ من حولها , وكلُ هؤلاء لم يكن ذنبهم إلا أنّهم يمنيون وعلى الأرض اليمنية …
تلك الأرض اليمنية التي لم تعتدي على أحدٍ دون وجه حق , كان ذنبها الوحيد أنّها أرادت التحرر من هيمنة الطاغوت , لكن كان ذلك محرمٌ عليها , وأصبح حلالٌ لأشرار الأرض قتلها وقتل كل دابةٍ فيها , ولكن ورغم ذلك لم يخضع اليمنييون لطاغوت الشر بل أبوا إلا مقاومة ذلك الطاغوت , ورفضوا الخضوع إلا لله , لخمس سنواتٍ ومازالوا بذلك العنفوان والصبر , وفي كل مرةٍ يزدادون قوةً أكثر من ذي قبل , بل خلقوا من ذلك الحصار أعظم الصناعات وأحدثها لمواجهة ذلك العدو المتغطرس , صواريخٌ بالستية تصل إلى عمق دار العدو وطائراتٌ مسيّرة تجوب أراضيه , لتلقنه درساً في فنون القتال والحرب ..
طائراتٌ مسيّرة لم تقتل مثقال ذرةٍ من مواطنيهم , وإنما تستهدف منشآتٍ قد تمّ تحذيرهم من قبل أن تمادوا فسيكون الرد حاضر , وعندما حقّقت طائراتنا السبع في التاسع من رمضان إنجازاً كبيراً في عمقهم , أتوا بطائراتهم لينتقموا من الأبرياء العزل , وهكذا وفي كل مرة عندما نحقق الإنجازات والانتصارات يأتوا للإنتقام من الأبرياء علهم بذلك يخففوا من خيبتهم وهزيمتهم ,
ولكنّهم لا يعلمون أنّهم بتماديهم هذا قد زادوا جحيم اليمن استعاراً وتوقداً وستلتهم نيرانها كل الأعداء..
وإذا جحيم اليمن سُعّرت فويلٌ لكم من عذاب رجالها وشعبها, فهنا جحيم اليمن قريباً ستلتهم كل من شارك في دمارها قبل أن تلتهمهم جحيم الآخرة , وسيذوق العدو وبال أمره , وإنّ غداً لناظره قريب ..