ينبع والفجيرة والرياض.. رسائل ودروس لحلفاء واشنطن
يمانيون – قبل ايام كثر الكلام عن عملية استهدفت ميناء ينبع غربي السعودية، عملية احاط بها تعتيم اعلامي ورافقها انكار سعودي. بعدها بقليل اتت العملية ضد اربع سفن تجارية قبالة ميناء الفجيرة الاماراتي والذي اعترفت به الامارات بعد تردد وتجنب للتصريحات لساعات عديدة. وامس جاءت العملية النوعية للقوات اليمنية في عمق الاراضي السعودية واستهدفت خط انابيب نفطية يعتبر الاهم في المملكة حيث ينقل النفط من الشرق (منطقة راس التنورة) الى الغرب (ميناء ينبع).
ويمكن من هذه الحوادث الثلاثة الخروج بنقاط يمكن القول انها رسائل ودروس مباشرة وغير مباشرة ومقصودة او غير مقصودة للدولتين الحليفتين للولايات المتحدة.
وبما ان حادثة ينبع لم ترق الى المستوى الاعلامي بحيث يمكن الحديث عنها، رغم اهميتها فانه بالامكان الحديث عن حادثة الفجيرة في البداية.
اولا / الملفت في الحادث كان التردد والتوتر الاماراتي في التعاطي معه. فلم نشاهد اي تعامل على اساس مؤسساتي واضح من قبل الحكومة الاماراتية. فلا وزير الامن خرج بتصريح ولا مسؤول امني خرج ليطمئن الاماراتيين على واحد من اهم موانئهم والاهم على البحر الاحمر. بينما كانت تصريحات وزير الدولة للشؤون الخارجية “انور قرقاش” رتيبة بشكل واضح في وقت غاب وزير الخارجية (الاهم) “عبد الله بن زايد”
عن المشهد.
ثانيا / بعد الاعتراف الاماراتي باستهداف السفن، كان ملفتا غياب اية معلومات تقنية حول الحادث فهو وصف فقط بالعمل التخريبي. ما يثير تساؤلات حول قدرة الامارات على التعامل مع هكذا حوادث و السيطرة عليها وتجنبها.
وهذا يظهر رسالة مهمة (غير مقصودة ربما) وهي ان الامن في تلك الدولة خاصة بالنسبة لمرافقها الاقتصادية المحورية في حياة البلاد غير امنة خاصة اذا ما تذكرنا قضية ارسال طائرة يمنية بدون طيار الى مطار ابو ظبي قبل اشهر حيث وصلت المطار وعادت دون ان يتم رصدها.
ثالثا / الحديث عن تاثير لاطراف خارجية وبعضها ليست دولا على حكومة ابو ظبي (والحديث هنا عن شركة بلاك ووتر ورئيسها السابق (اريك برنس) حيث ضغطت هذه الاطراف على الامارات لتاجيل الاعتراف بالتعرض للهجوم حتى معرفة كيفية استغلاله بطريقة تخدم مصالح هذه الاطراف. فكان خروج مصادر اميركية للتلويح بان ايران “قد” تقف وراء الحادث هي أو “قوات موالية لها”. وهو ما يثير تساؤلات وتهكمات مشروعة من هذا التلويح الذي يخدم مصالح واشنطن وتصعيدها المتواصل ضد طهران.
الحادث الثاني كان استهداف انابيب النفط في السعودية
اولا / الحادث ياتي في اطار الرد اليمني على العدوان السعودي على اليمن وقتل اليمنيين والحصار عليهم من قبل تحالف دول العدوان. والعملية النوعية اليمنية لا تخرج من سياق الرد اليمني الذي لوحت به القوات اليمنية وقيادة حركة انصار الله وصولا الى قائدها السيد عبد الملك الحوثي الذي هدد (وقبل التوتر والتصعيد الاميركي ضد ايران) بضرب منشآت اقتصادية حيوية لدول العدوان اذا واصلت جرائمها ضد اليمنيين.
ثانيا / يكشف الحادث هشاشة واضحة وعجزا اوضح عن تعقب ومجاراة التطور النوعي والسريع للقدرات اليمنية في الارض والبحر والان في الجو. فأن تطلق سبع طائرات مسيرة مئات الكيلومترات وتصل الى قلب السعودية وقرب العاصمة الرياض وان تستهدف هذه الطائرات اهم خط انابيب نفط يصل بين الشرق والغرب فهذا بحد ذاته انجاز من المفترض ان يثير مخاوف كبيرة ويعطي دروسا مباشرة لدول العدوان ويكشف عن رسائل غير مباشرة ايضا
ففي الدروس.. بات يعلم السعوديون انهم ليسوا بمأمن داخل اراضيهم وليس فقط في اليمن او على الحدود. فلا الاسلحة الاميركية والاحداثيات التي يتلقونها من واشنطن ولا السلاح الاوروبي منع عملية الطائرات المسيرة اليمنية. وبالتالي يدرك السعودي انه امام تطور سريع في القدرات وفي نوعية الرد اليمني على عدوانه. وهذا الرد مبني على قدرات تكنولوجية الى جانب القدرات البشرية في الميدان يضاف له العناية في اختيار الاهداف، فلا يختلف اثنان على ان ضخ النفط السعودي تاثر بشكل كبير بفعل العملية.
وهنا ياتي الحديث عن الرسائل غير المباشرة وهي متعلقة بايران، والرسالة الاولى هي ان سلاح النفط الذي تحارب فيه الولايات المتحدة ومعها السعودية والامارات طهران بات سلاحا عكسيا. فالامر احتاج فقط لسبع طائرات مسيرة يمنية الصنع لوقف ضخ ثلاثة ملايين برميل نفط في السعودية وقبل ذلك في الفجيرة حيث سيهز اي حادث ثان هناك ثقة اية شركة عالمية بالاماراتيين. والرياض وابو ظبي يعتمدان بشكل كبير جدا على النفط.
الرسالة الثانية هي ان مساعي واشنطن لطمانة العالم بان النفط الايراني الخاضع لاجراءات حظر ظالمة يمكن تعويضه بالنفط السعودي والاماراتي. فبعد ما حصل بات الامر في خبر كان وفشلت خطة دونالد ترامب.
اما الرسالة الثالثة “الاهم” فهي مختصرة ومفيدة.. اذا كانت السعودية غير قادرة على مواجهة ومجاراة رد يمني تم تحضيره في ظل ظروف كارثية في اليمن نتيجة العدوان، واذا كانت الامارات غير قادرة على حماية موانئها من عمل تخريبي محدود، فهل تدرك الرياض وابو ظبي طبيعة وسياق الامور فيما يخص اي رد من ايران التي لا توفر السعودية والامارات اي جهد للتحريض ضدها ولدفع ترامب باتجاه حرب معروفة النتائج معها؟ وهل يفهم اللبيب من اشارات الرد اليمني وما يحصل في الايام الاخيرة؟؟
العالم / حسين موسوي