دونالد ترامب… سياسة الصفر أرباح
كتب/ ابراهيم شير
الرئيس الأميركي دونالد ترامب، منذ بداية عهده وهو يحاول أن يقول أنه “سيد العالم” وأنه من سيعيد للولايات المتحدة مكانتها التي كانت تتمتع فيها بالسابق بعد إنهيار الأتحاد السوفيتي، وكال الأتهامات لسلفه باراك أوباما، ولفريقه الرئاسي معتبراً أنه من ساهم بتراجع مكانة واشنطن وتنازل عنها لروسيا وأنه من أوجد “داعش” وسمح للصين بغزو العالم إقتصادياً والنيل من إقتصاد بلاده، وتوقيع الاتفاق النووي مع إيران الذي يعتبره خسارة لواشنطن.
واتهمه لأوباما بأنه لم يتصرف بحزم مع كوريا الشمالية، إضافة إلى إنتقاده له بشأن علاقته مع جيرانه كندا والمكسيك والدول اللاتنية ناهيك عن إنتقاد الأتحاد الأوروبي وحلف شمال الأطلسي “الناتو”، إضافة إلى انتقاد سياساته الداخلية.. لنأخذ الملفات كلاً على حدة ونرى هل فعلاً نجح ترامب بما فشل فيه أوباما؟
الولايات المتحدة والإرهاب
ترامب منذ بداية عهده وعد بإجتثاث الارهاب ومحاربته حتى الرمق الأخير وأنه يمتلك سياسة فعالة لهذه الحرب.. ولكن تبين أن سياسة ترامب هي التحاور مع الجماعات الإرهابية وعلى راسها “داعش”، وبعد أن أعلن الأنتصار عليها خرج زعيمها أبو بكر البغدادي ليقول أن جماعته لاتزال تحارب وأنها توسعت في إفريقيا، على عكس ما قاله ترامب الذي يقود تحالف جرار دمر الرقة وما حولها ولم يستطيع القبض على البغدادي أو الحلقة الضيقة حوله، وبحسب تحليلات المخابرات الأميركية، فأن البغدادي يعيش في شرق الحسكة أو في جبال سنجار وذلك بعد تحرير الفيديو الأخير له، أي بمناطق سيطرة القوات الأميركية وحلفائها، فلماذا لم تقبض عليه؟ إما هو فشل ذريع لسياسة ترامب أو تحالف بين واشنطن والبغدادي لأنهاء دولته المزعومة في سورية والعراق وتمديدها في باقي الدول، وفي الحالتين هو فشل لترامب الذي وعد وأخلف.. رئيس البيت الأبيض، قال أنه سينهي ملف أفغانستان بالأنتصار الكامل، وهاهو الآن يهرول إلى قطر من أجل الحوار مع طالبان لتوجد له إنسحاباً آمناً من أفغانستان، وهي ستكون بالسلطة، أي أنه تحاور معها بعد أن وعد بالقضاء عليها.
الولايات المتحدة والصين
الرئيس الأميركي بعد أن وصل للحكم بدأ بسياسات إقتصادية ضد الصين، ولكن هذه السياسات أستهدفت أكبر المؤسسات التقنية والمالية والصناعية في بلاده لأنها تمتلك مصانعاً في الصين وتصدر لبلادها، إضافة إلى أن فرض الضرائب على بكين التي وجدت بها فرصة لتفرض هي الأخرة الضرائب على واشنطن إضافة إلى أن هذا الأمر فتح لها أسواقاً لم تكن تتصورها وأفكاراً إقتصادية جديدة وإحياء الماضي، مثل طريق الحرير الذي يضرب الأقتصاد الأميركي والأوروبي على حدٍ سواء ويمثل نجاحاً صينياً و آسياوياً رائعاً.
الولايات المتحدة وإيران
ترامب لم يخفي منذ اللحظة الأولى له عدائه لطهران وهو ما ترجمه بخروج من الاتفاق النووي، الذي أثبت بأن واشنطن لا تحترم الأتفاقات ولا المعاهدات، وبالمقابل أثبتت إيران بأنها تمتلك سياسة عقلانية وأنها تحترم الأتفاقات الدولية. إضافة إلى أن طهران عرّت الولايات المتحدة في العالم، حيث أثبتت بأنها عاجزة عن الشعور بالسيادة وحقوق كاملة في منطقة الشرق الأوسط وذلك بحسب رأي وزارة الخارجية الروسية.
الولايات المتحدة وكوريا الشمالية
رئيس البيت الأبيض بعد أن هاجم وحاصر وتحضر للحرب، تبخر كل ذلك وطلب الحوار مع الزعيم الكوري كم جونغ أون، وبعد لقاءات وحوارات مطولة أثبت فيها الأخير حنكته السياسية، خرج ترامب بلا شيء وبصفر مكاسب أما الزعيم الكوري فأثبت للعالم بأنه شخص سياسي محنّك وأنه منفتح على العالم بعكس ما كانت تروج له آلة الإعلام الغربية.
الولايات المتحدة والجيران
ترامب أثبت للعالم بأنه جار سيء جداً للجميع سواءً في الشمال بإنسحابه من المعاهدات وهي سياسته المعهودة، أو في الجنوب حيث أثبت أنه شخص عنصري في المكسيك وفاشل سياسياً وعسكرياً في فنزويلا، التي سهّل لروسيا أن تتواجد فيها وقدمها لها على طبق من ذهب بسبب فشله وتسرعه.
الولايات المتحدة والحلفاء
زعيم واشنطن لم يهدأ له بال حتى أثبت لحلفائه بأنه شخص أرعن متسرع أحمق، خصوصاً في الناتو والأتحاد الأوروبي، الذي بدأ يستفزهم سواء بالتصريحات أو بالقرارت ضدهم خصوصاً ألمانيا وفرنسا، أما عربياً فحال السعودية ليس أفضل منهم الذي لا يكل أو يمل عن تذكير حكامها بالحماية الأميركية.
الولايات المتحدة وروسيا
ترامب وبعد مرور عامين ونصف ولا يزال توجّه له إتهامات داخلية بأنه تلقى الدعم من قبل موسكو ليصل للحكم، فكيف كان ينتقد أوباما بأنه تنازل عن حصة واشنطن لموسكو وهو متهم بأن الأخيرة من أوصلته للحكم؟ إضافة إلى فشله بالعديد من الملفات السياسية لصالح روسيا وعلى رأسها الملف السوري، إضافة إلى أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، أظهر نفسه على أنه يحترم حلفائه وصادق معهم على عكس زعيم البيت الأبيض. وباتت موسكو الحضن الدافئ الذي يلتجئ إليه كل الكارهين لترامب وسياساته سواء من حلفائه أو أعدائه.
الولايات المتحدة داخلياً
جميع ما سبق من أزمات واختناقات انعكست على الداخل الأميركي حيث باتت سياسات ترامب أكثر حدة داخلياً وهو ما جعل المستثمرين متخوفين من قراراته الانفعالية والمتسرعة.
ترامب لم يستطيع أن يكسب شيء حتى الآن بل أنه خسر كل شيء حتى المخزون الاستراتيجي لبلاده من الحلفاء يبدو أنه في طريقه للزوال.
– كاتب واعلامي سوري