من وعي سلسلة محاضرات السيد القائد (رمضان عبادة وعمل).. المحاضرة (3)
كتب / عبدالفتاح حيدرة
محاضرة السيد القائد عبدالملك بدرالدين الحوثي الرمضانية الثالثة ومن منطلق عناوينها (رمضان عبادة وعمل) جعلتني اليوم أقوم بعملية تقييم لنفسي وأنا أستمع ، وكانت النتيجة مرعبة ومخيفة وسوف اشرح لكم ذلك في المقالة لاحقا، لكن أولا فقد تحدث السيد في هذه المحاضرة عن واقع تفاعل البشر مع الخطاب والنداء، الذي قد يكون أحيانا مصدره ما وصل إليهم من جهة دنيوية يقدسها أو تحكمه ، وتلامس واقعه على مستوى تقديم الخدمات أو دفع المخاطر عنه..
هذا وهو مصدر نداء وخطاب دنيوي أو بشري، فما بالنا إذا كان الخطاب إلهياً وربانياً، الذي يدعونا من خلال صفتين مهمتين جدا هما (المؤمنين والمتقين)، وبالتالي فإن الإيمان والتقوى (شرطان) لعلاقتنا بالله، وهما محددان لمسيرة حياتنا هي مسيرة إيمانية يتقي فيها الإنسان ربه بالطاعة لتوجيهاته وتعليماته، وهذا ما اكسبنا (الانتماء) الذي يمنحنا نوعية العلاقة بالله..
ما أرعبني وأحب ان اتحدث عنه في هذه المقالة هو حديث السيد بعدها عن مخاطر مسيرة حياة الانسان التي ينسى فيها الله، إنه ذلك الإنسان المصاب بالتكبر والطغيان نتيجة عدم التفاته لتوجيهات الله ، واخطر حالات النسيان لله هي في مقام العمل والمسؤوليات وتوجيهات وهداية في واقع حياتنا ومواقفنا وولائنا ، والخطر يكمن هنا في انطلاق الكثير منا في عمله ومسؤولياته وتوجهاته وهدايته ومواقفه وولائه لحسابات أخرى غير حسابات الله..
من واقع الدور والمسؤولية والواجب والمهنة وما اجيده كصحفي ومثقف يمني بسيط وعلى قد حالي ، ومن خارج حركة انصار الله ثقافيا وسياسيا وحتى اجتماعيا.. كان حديث السيد عبدالملك في هذه المحاضرة مرعبا ومخيفا لي ، لأن المفكر أو المثقف أو الصحفي السوي الذي يسمع هذا الكلام ولا يقوم بعملية تقييم لنفسه، وعمله ومسؤولياته وتوجهاته ومواقفه، ولا يخاف، فإنه دخل حيز نسيان الله، هذا اخافني جدا وارعبني جدا، فكيف بالذي هو ملتزم ومسؤول ويمثل حركة انصار الله والمسيرة القرآنية ووعيها وقيمها ومشروعها..
يا سادتي وأصدقائي وزملائي الصحفيين والكتاب والمفسبكين، وبما أننا في حالة حرب، فإن سر انتصارنا كيمنيين الأول هو الوعي بهدى الله، فإذا كان إنقاذ أسير الحرب صعبا، فإن إنقاذ أسير الفكر أصعب، فيا إعلاميو وثقافيو أنصار الله، انقذوا الشعب اليمني وأنشروا لهم الوعي بـ ( هدى الله)، واسرع طريقة لذلك هي (تعيين مسؤولين وقائمين على الناس ومخاطبين ومتحدثين لهم يملكون الوعي بهدى الله، ويتعاملون ويتصرفون مع الناس وفقا لقيم كتاب الله، وكل عملهم هو ان ينفذوا مشروع بناء دولة الناس المتوافقة مع سنن الله في التغيير) ..
لو سألنا أنفسنا ماذا فعل المثقفون والصحفيون والكتاب والمسؤولون للناس في جانب إعادة نشر الوعي بهدى الله ، التي في ملازم السيد الشهيد حسين بدرالدين الحوثي، أو في محاضرات السيد القائد عبدالملك بدرالدين الحوثي، حتى لا ينسى الناس الله فينساهم، سؤال يطرحه الكثيرون، وفي الغالب طرحه يحمل الإجابة في طياته، وهي أن المثقفين والثقافيين والصحفيين والمسؤولين منعزلون عن الجماهير، ولا يؤدون دورهم في توعية الشعب..
لكن بداية، هل سألنا أنفسنا : ما دور المثقف والصحفي من داخل أو من خارج انصار الله، وهل توعية الجماهير بشكل مباشر، أي من خلال عمل التحامي معهم، مسؤوليتهم ودورهم وواجبهم.. ؟!! أم أن الأمر على خلاف ذلك؟!! وهل المثقف بوعي هدى الله نوع واحد .. ؟!! بمعنى هل المثقف وناشر الوعي غير المنتمي لكيان معين دوره يتساوى مع دور المثقف المنتمي لذلك الكيان ؟!! هل العمل الكتابي التكميلي التوعوي بهدى الله مثلا في ظل ثورة الاتصالات لا يترك أثرا.. ؟!!
بطريقة أخرى، سوف اسأل: هل المثقفون والكتّاب الكبار على مدار التاريخ الثقافي كانوا يلتحمون بالجماهير من أجل توعية مباشرة.. ؟!! أم أنهم كتبوا وتحدثوا وقرأ آخرون وحدث الفارق مع الوقت.. ؟!! وهل الفارق الذي يحدث سوف يتم بشكل آلي أم أنه بحاجة لنظام سياسي يتبنى الرؤية الجديدة لصناعة الوعي ويصنع من خلالها الفارق.. ؟!!
وبما اننا في حالة حرب، وسلاحنا الوحيد هو وعينا بعلاقتنا بالله وبهدى الله، وننتظر أن يؤدي الدور عنا ويتحمل المسؤولية شخص واحد ، ولا نعينه لنشر وبث ذلك الوعي، فهل نحن أمام توجه لشيطنة المثقف والصحفي اليمني حتى يتم تعطيل دوره تماما، وذلك من خلال تحميله مسؤولية الغياب عن دائرة ليست دائرته من الأساس؟!! بهدف قتل دوره وترك المواطن في النهاية لقمة سائغة في فم تضليل واباطيل العدو، بعد أن عزله لخمسة عشر عاما عن نخبة وعي وقيم ومشروع مسيرته القرآنية..؟!!
وقبل أن يبادر أحد باتهام الصحفيين والثقافيين كمطبلين أو مزمرين ، يجب أن نفرق بين النخبة الثقافية والنخبة السياسية، فهناك دوائر كثيرة للأمور، فليس من المطلوب أن نضع البيض كله في سلة واحدة ثم نصدر حكما بالإعدام ونستكين لراحة بليدة ، عموما هذه مجرد تساؤلات طرأت على رأسي بسبب عملية تقييم صغيرة جعلتني ممتلئاً بالخوف والرعب من الله، ومن اهمالي ونسياني لله، وانا استمع للمحاضرة الرمضانية الثالثة لسيد الوعي والقيم والمشروع، وكيف ان الحسابات الأخرى تجعل المثقف يغيب عن دوره في توعية الجماهير.