الحريةُ مبدأٌ أساسيٌّ من مبادئ الدين الإسلامي الحنيف.. حين بعث اللهُ تعالى النبيَّ الأكرمَ محمداً “صلى الله عليه وآله وسلم” بعثه في عصرٍ سادته العبودية والرِّقُ.. يُباع ويُشترى في الصبية والفتيات.. في الرجال والنساء.. تسبى النساء ويباع أطفالهن.
لقد سادت ثقافةُ العبودية في عصر ما قبل البعثة النبوية حتى أرسل اللهُ “سبحانه وتعالى” خاتمَ أنبيائه وأعاد للإنسان كرامتَه وجعلهم سواسيةً، لا فرق بين أصفر وأحمر ولا فضل لأحدهما إلا بالتقوى..
وسادت هذه المبادئُ وغيرُها التي أسّسها محمدٌ بن عبدالله صلى الله عليه وآله وسلم حتى وفاته.. حين أكمل الرسالةُ وأدى الأمانة كما أمره الخالق عز وجل.
تمُــرُّ الأيامُ بعد وفاة الرسول محمد صلى الله عليه وآله وسلم وتُحاكُ المؤامراتُ ضد المسلمين من قبل أعداء الإسلام وفي مقدمتهم العدوُّ الأبرزُ والمتمثّلُ في “اليهود” الذين دأبوا منذ بداية عصر الإسلام على حياكة المؤامرات والخطط المشوهة للإسلام والمسلمين عبر التوغُّل في صفوف المسلمين واستخدام الإغراءات والخدع والكذب والعُمَلاء.. حتى تمكنوا من تفكيك صفوف المسلمين ودَسّ الدسائس بينهم، فظهرت حركاتٌ كثيرةٌ منها حركة المرتدين والمتمردين والخوارج والمارقين والقاصدين والناكثين وغيرها.. حتى وصل الحالُ إلى قتل ابن بنت رسول الله الحسين بن علي بن أبي طالب “عليهم سلام الله” في “جريمة كربلاء” والتي تعتبر امتداداً لبقايا الفكر العُبودي لعصر ما قبل البعثة النبوية.
لقد خرج الحسينُ “عليه السلام” ضد مبدأ العبودية متحمِّلاً على كاهليه مصيرَ الأمة الإسلامية التي كانت على وشك الانهيار والعَودة إلى جاهلية ما قبل الإسلام.
أدرك الحسينُ “عليه السلام” بعد اغتيال شقيقه الحسَن “عليه السلام” أنه أمامَ “مُلك عَضُوضٍ” ينتهجُ الأفكارَ الإسلامية بهدف تشويه الإسلام.. كما ينتهجه التكفيريون في عصرنا هذا من أعمال إجرامية باسم الدين والإسلام.
لم يكن الفكرُ التكفيري وليدَ هذا العصر.. بل كان منذ عصر الإمام علي “عليه السلام”، فجميعُ الحركات التي ظهرت ضد الإمام علي “عليه السلام” كانت باسم الدين.. رغم معرفتهم بشخصية الإمام ومَن هو.
كذلك استشهد الإمام الحسينُ “عليه السلام” باسم الدين أيضاً.. قتلوه بحُجَّة خروجه على الحاكم الظالم المجاهر بظلمه.. وما نعيشُه الآن في اليمن من جرائمَ تُرتكَبُ في الشعب اليمني بحُجَّةِ الدفاع عن الشرعية لمَن لا شرعية له.
التأريخُ يُعيدُ نفسَه.. فمظلومية الحسين “عليه السلام” في كربلاء كانت سبباً في قيام الثورات التصحيحية ودحْر المتكبّرين والظالمين.. وكذلك ستكونُ ثورةُ الشعب اليمني سبباً في سقوط المتكبرين والظالمين من النظام السعودي الذي يرتكب أبشعَ الجرائم والانتهاكات اللاإنسانية في حق أطفال ونساء وشيوخ الشعب اليمني وبُنيته التحتية واقتصاده الوطني بالعدوان الغاشم والحصار الجائر.
الإمامُ الحسينُ “عليه السلام” أسَّسَ مبدأَ الثورات ضد الطغاة والمستكبرين.. أسَّسَ مبدأَ عدمِ الرضوخ والخنوع للحاكم الظالم.. أسَّسَ مبدأ الحرية والعدالة.. وما نعيشُه من ثورات ضد المستكبرين هو امتدادٌ لثورة الحسين “عليه السلام”.. واستشهادُه في كربلاء مع ثُلَّةٍ من أهل بيته وأنصاره مثّلَ معنى الصمود والإباء في أعلى مستوياته.. وما صمودُنا نحن الشعبَ اليمني أمامَ العدوان الغاشم إلا من ذلك الصمود الذي هدف لتأسيس عدم الرضوخ للطغاة والظالمين.. ومهما قدّمنا من أرواح ومهما عانينا.. سيكون النصرُ حليفَ المستضعفين في الأرض.. كما كان النصرُ للإمام الحسين “عليه السلام”.