بن سلمان بين “مطايا البرلمان، والشرعية المزعومة خارج الأسوار”
تحليل خاص / فؤاد الجنيد
في الوقت الذي تقيم قيادات العدوان السعودي والإماراتي في المحافظات الجنوبية بشكل دائم، وتحت حراسة كبيرة مشددة، يقيم الفار هادي وحكومته بشكل دائم في العاصمة السعودية الرياض، بما في ذلك المحافظين والوزراء الجدد الذين تم تعينهم بقرارات رئاسية جديدة.
وفي الوقت الذي نرى المقرات التابعة لدولتي السعودية والإمارات في هذه المحافظات ثابتة ودائمة، ويتناوب على التواجد فيها ضباط إماراتيين وسعوديين كقيادات لقوى تحالف العدوان، لم نجد حتى اللحظة مقرات ثابتة ودائمة لهادي وأعضاء حكومته، فضلا عن منعه من مجرد الزيارة، ليبات رهين محبسي أبو ظبي والرياض في زنزانة الإقامة الجبرية، وباتت هذه القيادات بشهادات ووقائع ووثائق تتحكم بالقضايا الإدارية، ومن خلالها تجري التعيينات للدوائر العسكرية والأمنية باعتبارها من يدير العمليات العسكرية.
ثمرة الإرتزاق
بعد تدخل قوى العدوان لغزو واحتلال اليمن، ومغادرة الجيش اليمني ولجانه الشعبية من عدن، ظن أبناء الجنوب أنهم تنفسوا الصعداء وسيبدأ الغازي في بناء ما دمرته الحرب، وستكون عدن عاصمة مؤقتة لجميع أبناء اليمن، لكن شيء من ذلك لم يحدث، حيث شرعت دولة الإمارات في تشكيل قوات موازية للجيش والأمن، وتمثل ذلك في قوات الحزام الأمني، والنخبة الحضرمية والشبوانية.
وبإيعاز إماراتي لإرباك المشهد اليمني على الجنوبيين قامت قوات الحزام المدعوم إماراتيا بطرد أبناء الشمال من محافظة عدن وبعض المناطق الأخرى، مما زاد من الانقسام ووسع الهوة بين ابناء البلد الواحد وعمق الجراح ونشر العنصرية والمناطقية والطائفية المقيتة.
مخططات الإمارات وأهدافها
أصبحت مخططات الإمارات في جنوب اليمن مكشوفة، ولا يحتاج المتابع لعدسات مكبرة حتى تتضح له الصورة أكثر، وجميع اليمنيين بما فيهم من تدعمهم الإمارات، يؤمنون بضلوع الإمارات وراء أغلب المشاكل والصراعات في محافظات الجنوب لتحقيق أهدافها ومصالحها على حساب دماء اليمنيين وارضهم وعرضهم، ومن أبرز هذه الأهداف، أهداف إقتصادية واضحة، حيث تسعى الإمارات أن يكون لها موطئ قدم في ميناء عدن وباب المندب وبعض الجزر اليمنية في بحر العرب والبحر الأحمر، وأصبح مخططها لإنفصال جنوب اليمن عن شماله، كي يحلوا لها التمدد في الجزر والموانئ اليمنية من أجل مواجهة خطة باكستان المستقبلية في توسعة ميناء غوادر.
أهداف الرياض
ظلت مملكة الشر طوال الفترة الماضية غير مكترثة لما تقوم به الإمارات في جنوب اليمن، وتسعى فقط لتأمين حدها الجنوبي، ولا يهمها من يحكم الشمال اليمني بقدر ما يهمها سلامة حدودها الجنوبية التي باتت مسرحا للصواريخ اليمنية والقوات البرية.. أما بالنسبة لجنوب اليمن فالسعودية تملك حدود شاسعة مع إقليم حضرموت الذي يمثل ثلث مساحة اليمن، ويوجد بهذا الإقليم ثروة نفطية وسمكية كبيرة.
كما أن أبناء هذا الاقليم ساعدوا ولا زالوا في بناء الاقتصاد السعودي، وهناك الكثير من رجال المال والأعمال الذين يملكون شركات ومؤسسات ومصانع في السعودية وأصولهم حضرمية، ناهيك عن الإنبوب النفطي الذي تخطط الرياض لمده عبر الأراضي اليمنية، ولذلك لن تتخلى السعودية عن هذا الإقليم لصالح الإمارات، وبتنا نرى تطورات كبيرة وخطيرة في المشهد الجنوبي بين الدولتين، فالرياض لن تسمح للإمارات بتعدي الخطوط الحمراء، وما نشر السعودية لقوات مدعومة منها في محافظة المهرة إلا دليل واضح على إستراتيجية هذا المشهد، واليوم باتت مدينة سيئون ثكنة عسكرية تعج بالجنود السعوديين وآلياتهم ومدرعاتهم، فضلا عن منظومات الباتريوت التي تؤكد أن الإقامة السعودية في المدينة لن تكون قصيرة.
مطايا البرلمان
تسعى السعودية من خلال محاولتها جمع اعضاء البرلمان إلى إعادة روح هذه المؤسسة التشريعية وتفعيل دورها، ولم يكن سعيها هذا لمصلحة المجلس أو مصلحة الشعب، إنما لتمرير مصالحها وتنفيذ أهدافها، فاليمنيين لا يرون في الرياض إلا عدو غازي ومحتل بما في ذلك أبناء الجنوب الخاضعين لسيطرة قوى العدوان، وفي هذا الأمر ترى السعودية أن أهدافها ومخططاتها تقف على رمال متحركة فاقدة للشرعية والقانونية، وكان لا بد من إيجاد هذا الطابع التشريعي ليمرر أجندتها ويوافق على أهدافها ومخططاتها، فكان اعضاء البرلمان الفاقدين للآهلية والفارين في فنادقها هم ضالتها وقبلتها، فجعلت منهم مطايا جدد لتنفيذ هذا المشروع ترغيبا وترهيبا.