الحرب الناعمة .. وسياستها الهدامة ومفهوم أمريكا الجديد لغزو الشعوب
تقرير | وائل شاري
الحرب الناعمة ليست وليدة اليوم او اللحظة وانما تنتهجها الإدارة الامريكية في كافة حروبها ضد الشعوب والاخص منها المسلمة، وما يحدث في اليمن احد ابرز الأمثلة على الحرب الناعمة والخفية التي تدار من قبل متخصصين من قبل دول العدوان، وهنا طرح بسيط عن الحرب الناعمة وامثلة حية لها مارستها دول العدوان.
فقد انتهجت الادارة الامريكية اسلوبا ونمطا في استراتيجيتها جديده في غزو الدول والسيطرة على شعوبها من خلال بدائل اخرى عن الجيوش المجهزة بأحدث العتاد والتقنيات الالكترونية المتقدمة وتقوم على احتلال العقول والافكار وشغل النفوس بالبحث عن الشهوات لحلحلتها دينيا وعقائديا للوصول الى مجتمع بلا هوية دينية ليسهل استعباده، وتعتبر القوة او الحرب الناعمة هي القوة السحرية التي يتمكن من خلالها الاعداء من تحقيق مخططاتهم بدون جهد او عناء من خلال تسخير الادب والاعلام والاعلانات والمواقع الالكترونية والبرامج الساخرة الترفيهية على قنوات الاعلام العربي والتي تسعى الى نشر المفاهيم الغربية الهدامة التي تدعو الى الاختلاط وحرية اختيار الدين، وتقوم الحرب الناعمة على سلوك الافراد وتغريبهم للوصول الغايات والاهداف عن طريق الجاذبية وليس بالفرض والاكراه وذلك لفرض سيطرتها على الآخرين والترويج للنمط السلوكي الامريكي عن طريق اخضاع الاخرين والسيطرة على عقولهم والقدرة على تغيير رغباتهم وافكارهم وتوجهاتهم.
وفي كتاب القوة الناعمة لمساعد وزير الحرب الامريكي السابق جوزيف ناي الذي اعتبر هدف الحرب الناعمة إشغال العالم بإنتاج مصطلحات تعمل على ترويجها النخب الثقافية والاعلامية والسياسية حيث يعتمد وبشكل اساسي على مقومات الثقافة والقيم السياسية الخارجية باستخدام عناصر الجذب والاستقطاب والتأثير غير المباشر للوصول الى الاقتناع الذاتي والاندماج الكامل بالمقولات والقيم المراد ترويجها.
وتدار الحرب الناعمة من خلال غرف تفكير استراتيجية ذكية يقودها رجال الاستخبارات الامريكيين والغربيين وعبر استخدام قنوات الإعلام العربي الموالي لأمريكا و الإعلام الغربي الناطق بالعربية وكذلك وسائل الاتصال الاجتماعي فيسبوك وتويتر وانستجرام وتلغرام والكثير من المواقع التي تعني بتسهيل التواصل التي تستهدف المسلمين والعرب لتبث سموما وافكارا هدامة وزرع متناقضات في داخل الفرد المسلم وتشكيكه في دينه والعمل على خلق عجز نفسي داخلي بان المسلمين عاجزون عن مواكبة التطور الغربي وانهم لا قيمة لوجودهم بدون الالتحاق بركب الحداثة والتطور الغربي في نمط طرق الحياة وتعاملاتها بين الرجل والمرأة تحت مسميات الانفتاح.
تؤثر الحرب الناعمة على سلوكيات المجتمع والافراد من خلال الانبهار الذي يؤدي الى الضياع والابتعاد عن الهوية الحقيقية للمجتمع والاقتناع بالمبادئ والاسس والمعتقدات التي تروج لها امريكا ورفض الهوية الذاتية بكل معانيها والاندماج مع الثقافة الغربية، وتعمل الحرب الناعمة على الانهزام النفسي والمعنوي من خلال فقدان الثقة بالقدرات والامكانيات الذاتية للأفراد والمجتمعات، ويعتبر الترويج للباطل من سمات الحرب الناعمة حيث يعمد على الانحراف عن القيم الحقيقية والمعتقدات السليمة من خلال الترويج للحرية والديمقراطية وحقوق الانسان وغيرها من المسميات التي هي صحيحة في الظاهر وباطلة في خافيها وباطنها والهدف هو سلب الشعوب عزتها وكرامتها والاستيلاء على خيراتها.
يقوم الوكلاء المحليين لأمريكا بالمهام نيابة عنها ليس لكونهم غير قادرين عن الترويج لما يريدونه بأنفسهم ولكن من اجل تضليل المجتمعات المستهدفة لإخفاء حقيقة اهدافهم معتمدين على شخصيات ومشاهير ومنظمات وجمعيات يتبنون الافكار لتضفي عليها طابعا محليا، حيث اعتبر جوزيف ناي مؤلف كتاب القوة الناعمة ” إن أفضل الناطقين باسم الأفكار والأهداف الأميركية هم غير الأميركيين، وهم الوكلاء المحليون، حيث ان هناك مثال ممتاز على هذا الامر وهو ما يحصل بين لوس انجلس وطهران حيث يذيع المهاجرون الإيرانيون برنامجاً تلفزيونيا موجها الى الرأي العام الايراني لأجل الإصلاح السياسي وفي قضايا الشرق الأوسط يجب تفعيل علاقات أميركا مع قناتي الجزيرة والعربية “.
وهنا يمكن وصف الإذاعات التي تبثها دول العدوان في مناطق الصراع من الحرب الناعمة التي تمارس ضد المواطنين القاطنين بالقرب من مناطق القتال، وكذا ما تمارسه قنوات اعلامهم تضليل اعلامي وترويج لفكر هدام للهوية اليمنية ومثال على ذلك التبريرات التي قامت بها قنوات المرتزقة لجلوس وزير خارجية المرتزقة خالد اليماني بجوار رئيس وزراء الكيان الصهيوني في مؤتمر وارسوا.
ويتبنى الوكلاء المحليين خطابا وطنيا حماسيا يلهب مشاعر المواطنين دون اثارة شبهات ضدة ليروج متبنيا بشكل شخصي الافكار التي وضعها ممرًّا الرسائل بطريقة غير مباشرة دون معرفة الجماهير بذلك حيث ان الوكيل يتبنى موقفا معاديا امامهم للإدارة الامريكية او اعداء معينون لتلك الدولة متبعين بذلك طريقة المكر والخداع التي تتصف بها طريقة الحرب الناعمة وتكون مواجهة الوكلاء المحليين بكشف القناع الذي يتخفون خلفة واظهار حقيقة ارتباطهم بأمريكا لشعوبهم اللذين زيفت لهم الحقائق وانبهروا شعارات وافكار هدامة تخدم العدو.
وفي هذه الحالة يمكن وصف ما حدث من قبل زعيم مليشيا الانقلاب والفتنة عفاش ما قبل احداث ديسمبر عندما مارس خطابا جهويا ضد دول العدوان حتى يصل الى قلوب الشعب ويكسب ودهم لينفذ مخططات الاستخبارات الامريكية والاماراتية في تفتيت الجبهة الداخلية المقاومة للعدوان، وعندما ضاق الخناق عليه خرج بخطابه الأخير الذي توسل دول العدوان ان تنقذه، ويعتبر النموذج هذا من اخطر ما واجهته اليمن من حرب ناعمة من قبل دول العدوان.
ومن بعض مشاهد الحرب الناعمة المسلسلات الاجنبية المدبلجة التي تلاقي رواجا كبيرا في اوساط المجتمعات المسلمة وخصوصا الجيل الشاب المتعلم حيث تبث السموم الشيطانية من خلالها حيث تدعو وتروج الى العلاقات المحرمة بين الرجل والمرأة كأنها صداقة عادية ولا حرج في ذلك كونها علاقة عاطفية عابرة، وكذا الترويج الى الزواج المدني الذي يكون بعيدا عن الدين ولا حرج من زواج المسلم بيهودية او تتزوج المسلمة يهودي، وكثيرا من الاشياء التي تعمل على تغيير طبيعة النفس وزكائها وتدخلها في اتون الرذيلة ومنها تهميش الدين حيث يمارس شرب الخمر من شخص متدين والترويج لعمليات الاجهاض للنساء كونه حرية شخصية وليس معصية تغضب المولى عز وجل سعيا الى تغريب المرأة وابعادها عن حيائها وعفتها وطهارتها وتركز هذه المسلسلات الهدامة على الترويج لفكرة المساواة بين الرجل والمرأة والتبرير لممارسة القمار كانه هواية شخصية وكثيرا من الاشياء التي تهدم وتخلخل الاسرة المسلمة.
في الآونة الأخيرة كشف الاعلام الأمني عن القبض على عدد من شبكات الدعارة المرتبطة بمنظمات خارجية هدفت الى خلخلة المجتمع اليمني، ما تم الكشف عنه مثل صدمة للمجتمع اليمني، ارتباط شبكات الدعرة والمنظمات مع دول العدوان الأمريكي السعودي مباشرا حيث بعد ان فشلت في كل حروبها العسكرية والنفسية من كسر هيبة اليمنيين عمدت الى الأساليب القذرة في كسر نفسياتهم وتدجينها لتسلبها الكرامة والعزة لتصل الى ما ترمو اليه من مخططات وتنفذها بكل سهولة في ظل التدجين الممنهج.