قراءةُ المشهد في اليمن ما بعد أربعة أعوام من الصمود
محمد أمين الحميري
لكوننا على مقرُبَةٍ من الذكرى الرابعة للعدوان على اليمن يقابلُها أربعةُ أعوام من الصمود، فمن منطلقِ الوعي التأريخي والسياسيّ من الأهميّة أن نبدأَ كيمنيين بمختلف توجّهاتنا بقراءة المشهد في اليمن على ذلك الأساس والتعامل مع الواقع كما هو عليه من خلال منطلقات صحيحة؛ وإسهاماً في تعزيز وعي المجتمع، أستحضِرُ اليومُ هنا بعضاً مما ينبغي إدراكُه واستيعابُه كمدخل مهمٍّ لما نتطلعُ له من عمل ونضال، ومن ذلك:
أوّلاً- لا بد من إدراكِ أن السعوديّةَ ومن معها حينما يقفون في وجه المشروع التحرّري الذي يقودُه اليوم أنصارُ الله باليمن؛ ليس لأن قيادتَه زيديةٌ -إنْ صح التعبير- ولهم موقفٌ منهم كما يتصوّرُ السُّذَّج، ولكن لكونه في الأصل مشروعاً يقومُ على أساس مقاوَمة المتسلطين في الأرض والحرص على تعبيد الناس لله وحدَه لا شريك له والاستقلالية التامة في استنهاض المجتمع نحو مشروع بناء دولة قوية، بَعيداً عن الوصاية الخارجية التي كان لها الأثرُ السلبيُّ على استقلال القرار؛ وبسببها انتهكت سيادة البلد..
ثانياً: مسألةُ إلصاق التهمة بأنصار الله بتحالفهم مع إيران وإيران هي العدوّ الحقيقي للأُمَّــة -حسب تصورهم ومن دار في فلكهم- هو لكون إيران دولةً مستقلّة متحرّرة، أكثر من كونها تهمةً؛ بسببِ الاختلاف المذهبي، وهم يدركون أن تشكُّلَ أي فكر مقاوِم في المنطقة يعتزُّ بإيران كدولة قوية ولو في جوانبَ معينةٍ، ويسعى لامتلاك القُــوَّة على غرار ما سلكته إيران وهي لا شيء في البداية، يشكّل خطراً عليهم؛ لهذا لا سبيل لضرب مثل هكذا مشروع سوى بالتأجيج الطائفي الذي سبق وتمت تهيئة أرضيته طيلة عقود ماضية.
ثالثاً: تأكيداً لما سبق: أجزمُ لو تحَــرّك الإصلاحُ أَو السلفيون وفق رؤية واضحة وقيادة مشروع تحرّري نهضوي، لَكانت السعوديّة أولَ مَن يتصدّى لهم، وحينها سيدركُ الأغبياءُ أن ذريعةَ سُنة وشيعة ما هي إلا شماعةٌ مستهلكة هدفُها الإبقاءُ على نفوذ السعوديّة في بلادنا والإبقاءُ على الفكر الوهّابي الذي يتيحُ لها التمدّدَ والتحكمَ باليمن كما تريد.
رابعاً: أنصارُ الله ليسوا وحوشاً حتى يتحدثُ البعضُ عن انقضاضهم على كُــلِّ من يقترب منهم، ولنا تجربةٌ معهم عن قُرب، والأمورُ ليست بتلك الصورة المشوّهة، نحن نأخذُ معهم ونعطي، نقبَلُ ونرد، ولكلِّ حريتُه، ربما مَن ينقضون عليه هم الخَوَنة هم الناكثون للعهود والانقضاض هذا هو بدافع المسؤولية؛ كونهم في قيادة الدولة ويتحملون مسؤولية أمن واستقرار البلاد، كما أن هذه الدولةَ هي خليطٌ من كُــلّ المكونات، لماذا تستبقون الأحداث وتتوقعون الأسوأَ الذي تدركون أنه لن يلحقَ إلا بكل مَن ينقلب على المواثيق والعهود، ألا يعني هذا أنكم بحق بحاجةٍ أن تفهموا أن مدَّ اليد للتصالح يتطلبُ وفاءً من الجميع لا لَفًّا ودوراناً وطعناً بالظهر من الخلف.
خامساً: إلى أين يتجهُ العدوانُ؟، وفي ذات الوقت إلى أين تتجهُ القوى الوطنية الحرة، وحسب متابعتي، فعاجلاً أَو آجلاً سيصلُ تحالُفُ العدوان إلى قناعة أنه يخوضُ معركةً خاسرة مع اليمن كدولة لها وجودُها في الخارطة الجغرافية والساحة السياسيّة، وليس مع مَن يسميهم الحوثيين، وإنْ كان لأنصار الله بالفعل شرفُ الصدارة في المشروع الوطني اليوم، تحالُفُ العدوان وخَاصَّــةً الجارة السعوديّة تدركُ أن المرتزِقَ سيظلُّ مرتزِقاً وبالتالي ليس أمامهم إلا مدُّ اليد للتصالح معنا كدولة على النحو الذي تتطلعُ له القيادةُ الثورية والسياسيّة، وفيه الصالحُ العام للشعب، وليس كما يريدون هم، ومَن لا يزال يسخَرُ مِن هذا المنطق، نقولُ له: الأَيَّامُ القادمةُ بإذن الله ستضعُكم أمامَ الكثير.