الوطن العربي وأهمّيته الاستراتيجية…!!
عبدالرحمن الشبعاني
اليمن بوابة الدخول إلى الشرق الأوسط الجديد وبسط النفوذ الكامل على العالم العربي، والتحكم في ملاحة التجارة العالمية.
مَـن يعتقد أن الحرب الكونية التي تديرها أمريكا وبريطانيا وإسرائيل، ويقودها تحالف قرن الشيطان المتمثل في النظام السعوصهيوني والإمارات، ليس الهدف من ورائها احتلال الشرق الأوسط والعالم العربي بشكل كامل، وتجزئته أكثر مما هو مجزّأ حاليًا، وبسط النفوذ الغربي عليه كلّـيّاً، واستعباد الإنسان العربي وإذلاله أكثر مما هو عليه، وإرغامه بالتطبيع الكامل الشامل مع الكيان الصهيوني الغاصب ”إسرائيل“؛ فهو وَاهِمٌ برأيي، وقصير النظر..
بريطانيا وأمريكا تعلمان أن السيطرة الجغرافية هي الأقوى أثرًا، والأسهل طريقة، للسيطرة الشاملة وبسط النفوذ على دول الشرق الأوسط والعالم العربي والإسلامي؛ سياسيا، وتجاريا، وعسكريا.. طالما وقد وَجَدَتْ لها عميلا قويا في المنطقة، وأصبح لها قرن تنطح به تَمّتْ تربيته منذ مائة عام،
مهّد لها الطريق، وتم بواسطته تنفيذ المرحلة الأولى من المخطط الاستعماري الجهنمي بنجاح على مدى العقود الماضية من هذا القرن، والذي تمثل في استهداف العقل العربي، بنشر الفكر الوهابي الصهيوني اليهودي الخبيث، فمسخه ثقافيا وعقائديا وسياسيا وفكريا وأخلاقيا..
اليوم أمريكا وبريطانيا والصهاينة بصدد تنفيذ المرحلة الثانية من مراحل مخططهم الاستعماري..
ولعلكم نسيتم أن الغرب يخططون لمئات السنين، ويعملون لمئات السنين لتنفيذ مخططاتهم.
أو أنكم تجهلون أن اليهود نظرتهم بعيدة، وليسوا سطحيين كمثلنا العرب المسلمين.
ارجعوا إلى التأريخ قليلا تجدوا أن الاحتلال الحبشي بقيادة أبرهة كانت طريقه للسيطرة على الجزيرة العربية من اليمن.
راجعوا تأريخ ذلك اليهودي صاحب الأخدود المسمّى “ذو نواس” الذي ذُكرَ نظامه ودولته في القرآن الكريم بأصحاب الأخدود، استطاع بسط نفوذه وسيطرته على الجزيرة العربية من اليمن.
اليهود والغرب يفهمون هذا أكثر منّا كعرب مسلمين.
لعلكم اطّلعتم أو سمعتم بكتاب لأحد المفكرين الإسرائيليين تم تأليفه قريبا بعنوان «الطريق إلى مكة»، والذي طرح فيه مخططا للصهاينة في كيفية السيطرة المباشرة على الحرمين الشريفين مكة والمدينة، وتشكيل ما أسماه بالشرق الأوسط الجديد بشكل آمن، وأن الطريق إلى ذلك هو احتلال اليمن والسيطرة الكاملة على سواحله وموانئه وفي مقدمة ذلك السيطرة المباشرة على مضيق باب المندب.
لعلكم نسيتم تصريحات أنور عشقي، وإطلاق تسمية مشروعه “مدينة النور وجسر النور” الرابط بين شبه الجزيرة العربية والقارّة الأفريقية؛ كمرحلة أُولى في سبيل البناء الكامل للصهيونية العالمية في الوطن العربي، والتطبيع مع إسرائيل.
كل هذا وغيره من المعطيات مؤشر كافٍ ودلائل واضحة تؤكد ما أقوله هنا بأن الغرب يسعون لوضع النقطة السوداء على حرف العين وتسكين الراء في كلمة «عَرَب» وطمسها من الوجود تماما وتحويلها إلى كلمة «غَرْب».
مَـنْ يعتقد من العرب أنه في مَنأَى مما يجري في اليمن فهو فاقد الإحساس وأعمى البصر والبصيرة.
ولا أريد أن أذكركم بتصريحات وزير الحرب الإسرائيلي والتي من ضمنها قوله : “نتائج الحرب في اليمن يتحدد عليه مصير المنطقة بكلها”.
كفاكم سطحية أيّـها العرب، فالمعركة معركتكم جميعا، وليست معركة الشعب اليمني فحسب..
إذا فقدتم اليمن واستطاع الصهاينة والغرب اختطافها من الحضن العربي لا سمح الله، فاقرأوا على أرواحكم وبلدانكم ومقدّساتكم وإسلامكم وعروبتكم ووجودكم كعرب ومسلمين الفاتحة..
هذا إن استطعتم قرائتها وأسعفكم الوقت حينها..!!
وفيما يلي دعوني أذكركم بأهمية وطنكم العربي الاستراتيجية من الناحية الجغرافية بشكل سريع ومختصر، والنظر فيه بعمق كما ينظر إليه الغرب عسى ولعل نفهم وندرك ما لنا وما علينا..
الدراسات الجغرافية تؤكد أن اليمن تشغل الموقع الأهم في شبه الجزيرة العربية.
فاليمن بهذا تُعَدّ بوابة الدخول الرئيسية للشرق الأوسط والعالم العربي في القارتين الآسيوية والأفريقية.
دَعْـكَ من تلك المبررات المُضللة، والعناوين الزائفة المُعْلَنة التي جعلها قادة العدوان على اليمن سببًا في عدوانه العسكري، والتي لا يقبلها عقل أي إنسان بسيط سليم الفطرة، ناهيك عن أن يقبلها أويستسيغها من له أدنى باعٍ في السياسة.
من حيث المساحة: يعتبر الوطن العربي أكبر من الولايات المتحدة الأمريكية، بل وأكبر من أوروبّا نفسها.
إذ تُقَدّر مساحة الوطن العربي بـ حوالي ١٤،٢ مليون كم٢ .
بينما تُقدّر مساحة الولايات المتحدة الأمريكية ٩،٨٣٤،٠٠٠ كم٢ . وتُعَد في المركز الثالث من حيث المساحة.
كما تُقَدّر مساحة القارة الأوروبية بـ ١٠،٤٥٨،٠٠٠ كم٢.
أهمية الموقع: يشغل الوطن العربي موقعًا جغرافيًا فريدًا من نوعه على خارطة العالم.. إذ يحتل مركز القلب من العالم القديم..
الجسر الأرضي العظيم الذي يربط القارات الثلاث الكبرى -آسيا،أفريقيا، وأوروبّا- ويشرف ويسيطر على أهم ثلاثة بحار من وجهة نظر الملاحة البحرية والتجارة الدولية..
هذه البحار الثلاثة هي: البحر الأبيض المتوسط، والبحر الأحمر، والبحر العربي المتصل بالخليج العربي، ويتحكم الموقع في أهم أربع مضايق تمر عبرها طرق التجارة البحرية والبرية.
هذه المضايق الأربع هي: مضيق جبل طارق، ومضيق قناة السويس، ومضيق هرمز، ومضيق باب المندب.. مما أكسبه أهمية استراتيجية، كونه يمثل ممرًّا بين الشرق والغرب، وانتشار الموانئ على شواطئه ساعد في ازدهار التجارة عبر العصور المختلفة.
كما لا ننسى أن الوطن العربي يُعَدُّ مهدًا للحضارات القديمة، والديانات السماوية، بالإضافة إلى موقعه..
الأمر الذي جعله يمثل منطقة تفاعل بين الحضارات على اختلافها، ومراحل تطورها التاريخي.
غني بالثروات
عَظُمَتْ أهمية الوطن العربي أكثر وازداد شأنه، بعد ظهور النفط في أرضه مؤخرًا وتدفّقه بغزارة في كثيرٍ من أرجائه الآسيوية والأفريقية، والذي كان سببًا في ازدهار وتقدم الغرب.
وبكل هذه المميزات التي يتمتع بها الوطن العربي أصبح عُرْضَةً للأطماع الاستعمارية، وميدانًا للتنافس والصراع بين دول الاستعمار الكبرى.. على رأسها بريطانيا المأسونية، وأمريكا الصهيونية الإمبريالية.