المنافسة غير المشروعة .. وحماية المستهلك
محمد عبدالمؤمن الشامي
حرية التجارة تقضي بوجود حرية للمنافسة داخل السوق بين عدة تجار يتنافسون فيما بينهم , ولا بد من أن تمارس تلك المنافسة بوسائل سليمة وشريفة وجائزة تسمح بها العادات والأعراف التجارية , ولا شك بأنه متى وجدت تلك المنافسة الشريفة , وجدت فائدة كبيرة على الاقتصاد الوطني ومن قبله المستهلك ، وعلى التجار أنفسهم لتحسين خدماتهم ومنتجاتهم , الأمر الذي يعود بالفائدة بشكل اكبر على الاقتصاد الوطني .
ولكن حرية المنافسة تحتاج إلى تنظيم يحميها من الممارسات الخاطئة التي يتبعها بعض التجار في إطار المنافسة , والمنافسة الحرة المشروعة حتى تحقق أهدافها لا بد أن ترتكز على حماية شطري مبدأ حرية التجارة المتمثلين في حرية العرض وحرية الطلب , فمن جانب حرية العرض يحق لكل شخص الاشتغال بالتجارة ومنافسة غيره والانتقال من قطاع إلى قطاع , ومن جانب حرية الطلب فإنه يحق للعميل الارتكاز على مبدأ حرية التعاقد , وعليه فإن الوظيفة القانونية للمنافسة المشروعة تستهدف الحد من غلواء تطبيق مبدأ حرية التجارة.
فالأخذ بمبدأ حرية المنافسة يشكل توجهاً عاماً لاقتصاد الدولة، ويرتب آثاراً على المستهلكين والتجار والاقتصاد الوطني بشكل عام. لذا يجب أن لا يقتصر دور المشرع في هذا الصدد على حماية مصلحة التجار من المنافسة غير المشروعة، بل يتعدى ذلك إلى حماية المستهلك والاقتصاد الوطني.
وتطبيقاً للقرار الجمهوري بالقانون رقم ( 19 ) لسنة 1999م بشأن تشجيع المنافسة ومنع الاحتكار والغش التجاري، وكذلك اللائحة التنفيذية لقانون تشجيع المنافسة ومنع الاحتكار والغش التجاري بقرار رئيس مجلس الوزراء رقم ( 128)لسنة 2007م وقانون رقم ( 5 ) لسنة 2007م بشأن التجارة الداخلية ومن اجل العمل على ضمان ممارسة منافسة فعلية في السوق الداخلية، ومراقبة السوق لكشف الممارسات المخلة بالمنافسة والمضرة بالاقتصاد للحد منها والحيلولة دونها فإن دور وزارة الصناعة والتجارة ومن خلال قطاع التجارة الداخلية ومن خلال الإدارة العامة للحماية المستهلك بموجب المادة ( 10 ) من قانون تشجيع المنافسة ومنع الاحتكار الصادر عام 1999م ، اللائحة التنفيذية للقانون سنة 2007م، تم تشكيل جهاز حماية المنافسة ومنع الاحتكار ليكون الجهة المسؤولة عن تطبيق أحكام القانون ومراقبة الأسواق للكشف عن الحالات والممارسات المخلة بالمنافسة واتخاذ الإجراءات القانونية المناسبة إزاءها، ويتولى هذا الجهاز الاعمال المهام التالية وهي متابعة السوق للكشف عن حالات الاحتكار والتكامل الرأسي والتركيز الأفقي ومواجهة الممارسات والتصرفات المخلة بالمنافسة واتخاذ الإجراءات القانونية المناسبة حيالها والمساهمة في إعداد الخطة العامة للمنافسة والتشريعات الخاصة بها وتلقي الشكاوى والبلاغات حول الممارسات المخلة بالمنافسة وإجراء التحقيقات فيها للوصول إلى رؤية واضحة واتخاذ الإجراءات المناسبة وإصدار الآراء التوضيحية وتقديم المشورات في المسائل المتعلقة بالمنافسة وتأهيل كوادر ومنتسبي الجهاز وغيرهم من كوادر الجهات ذات العلاقة تأهيلاً عالياً في مجال المنافسة. فالمادة ( 14 ) من القانون تقول : ( يتولى الجهاز فحص ما يقدم إليه من بلاغات ، وله دون الحاجة لتقديم بلاغ اتخاذ إجراءات التقصي والبحث وجمع الاستدلالات ، وله اتخاذ الإجراءات القانونية المناسبة في حالات الاتفاق والتصرفات الضارة بالمنافسة ).
من الواضح أن الهدف الذي تسعى وزارة الصناعة والتجارة إلى تحقيقه, هو حماية المستهلك , إلى جانب حماية التجار من بعضهم البعض , وبالتالي حماية السوق من الممارسات الخاطئة , والتي من شأنها إلحاق الضرر بالاقتصاد الوطني بصورة عامة.