اليمنيون وفضيلة السبق في خطاب السيد عبدالملك
كتب/ عبدالفتاح حيدرة
منحنا السيد عبدالملك بدر الدين الحوثي في كلمته بمناسبة جمعة رجب مصطلحا جديداً وفضيلة الفضائل وهي فضيلة السبق لمعرفة الحق وأهله، السبق لقبول ومعرفة الله ودينه وهديه وكانت أولى قبيليتين حازتا فضيلة السبق في الإسلام هما الأوس والخزرج اليمنيتان ، واللتان أسميتا بالأنصار وهي تسمية ربانية من رب العالمين.
الجمعة الأولى من شهر رجب هي مفتاح دخول اليمنيين أفواجا في دين الله الإسلام ، على يد الإمام علي بن أبي طالب عليه السلام ، بعد أن أرسله رسول الله صلوات الله وسلامه عليه وعلى آله ، إلى صنعاء فكان أن دخل اليمنيون كافة إلى دين الله على يديه ، وكان أهم قرار شعبي واجتماعي لليمنيين ، جعل الرسول صلوت الله عليه وعلى آله يسجد شكرا لله.
هذا القبول اليمني ودخولهم الجماعي في الإسلام هو فضيلة السبق اليمني في معرفة الدين والهداية ، حاز بها شعبنا اليمني على أعظم النعم وهي نعمة الهداية ، ورسخ بها هوية إيمانية يمانية شهد بها النبي الكريم حينما قال «السلام على همدان ، ثلاثا ، الإيمان يمان والحكمة يمانية» ، تلك الهوية التي رسخها اليمنيون وجذروها في مبادئهم وقيمهم وأخلاقهم وأعرافهم وثقافاتهم ، هي التي نبني عليها مشروعنا وتوجهنا ومواقفنا ومبادئنا اليوم ، وهي أشرف هوية إذا تمسكنا بهذه الهوية نكون الفائزين ، أما إذا تخلينا عنها فسنكون جاحدين لنعم الله وأفضاله.
حتى أن القران الكريم قدم في مواصفات الهوية اليمانية ، ونماذج منها الجانب الروحي خلدها رسول الله صلوات الله عليه وعلى آله ، حينما وصف اليمنيين بأنهم أرق قلوبا وألين أفئدة ، في مقابل من هم قساة القلوب وغلاظ الطباع ، المشاعر الرقيقة تتفاعل مع هدي الله وهيأت مشاعر اليمنيين لتقبل دينه وهديه ، فالقلوب اللينة والأرق مهيأة للارتباط بالله والإيمان بهديه ، بعكس القلوب القاسية التي انعكست في تعاطي الجاهليين من نجد وقريش مع الإسلام منذ أول وهلة.
إن ما يهدد الهوية الإيمانية اليوم هو التحريف لمضمون الدين بشكليه العقائدي والتربوي ، وأبرز من يهددها هم التكفيريون الذين يربون الأجيال من خلال تصرفاتهم ووحشيتهم وممارساتهم البشاعة والإجرام والكراهية والشرور ، فيصبح الناس أكثر قسوة وأكثر إجراما وهذا يعني إلغاء لين القلوب ورقة الأفئدة ، يعملون على محاربة كل المناسبات التي لها صلة بالجوانب الروحية لإبعاد القلوب عن هدي الله ودينه.
كم اليمنيون اليوم بحاجة ماسة وأكثر من أي وقت مضى لبناء وعي يمني جماعي وشعب واحد للتمسك بقيم وأخلاق يمنية واحدة متجذرة ، وبناء مشروع يمني واحد من خلال تمسكهم بهويتهم الإيمانية ووعيهم بهدى الله ، وتمسكهم بالقيم والأخلاق المنطلقة من مناسبة جمعة رجب ، وأحداثها ، والتصميم على بناء مشروعهم اليمني الذي يرتكز على ذلك الوعي وتلك المعرفة السباقة الى استقبال وتقبل هدي الله ، وعلى العلماء والمثقفين أن يقوموا بدورهم في إعادة ربط الشعب والمجتمع اليمني كله بجذوره الإيمانية العميقة.
على مجتمعنا وشعبنا أن يتصدى ويتحصن ويرفض المنحرفين والمحرفين ، وعلى المعنيين أن يقوموا بدورهم في ما يزيل عن اليمنيين ما علق بوعيهم من شوائب ، والتوجه بمسيرتنا نحو الحضارة والتقدم ، توجه حضاري ينطلق من التمسك بالأصالة اليمنية وقيم الاستقلال والحرية والكرامة ، ونبذ التقدم من خلال الانحراف والفساد والانحلال والخلاعة ، فالتحريف والانحراف وسيليتان لهدم القيم وهدم المجتمعات وجعلها تابعة ومرتهنة ومتغربة.
إن الإيمان والوعي بهدى الله هو أساس النصر والثبات والصمود ومواجهة المخاطر والتحديات ، وهو الأساس في تمسك الناس جميعا بقيم وأخلاق يمانية شهد لها وبها رسول الرحمة والهداية ، ومن خلالها نبني مشروعاً يمنياً حراً ومستقل يمنح كل يمني الشرف والكرامة والعزة والانتصار بإذن الله.