العلاقة الصادمة بين بعض العرب وأمريكا .. بقلم/ جمال كامل
يمانيون | كتابات
لا يمكن وصف العلاقة بين بعض الدول العربية وبين امريكا، بأقل من صادمة، وتكثفت هذه الصفة بشكل ملفت منذ دخول سمسار العقارات الامريكي وبطل تلفزيون الواقع ومتعهد مسابقات ملكات الجمال، دونالد ترامب الى البيت الابيض.
هوى ترامب بعلاقات امريكا وبعض الدول العربية الى مستوى ادنى من السمسرة ، فلا مكان في هذه العلاقة للاحترام المتبادل والسيادة والكرامة والاخلاق والقيم ، فلا يوجد الا طرف آمر وطرف آخر ينفذ دون ادنى اعتراض ولا حتى نقاش.
الملفت ايضا ان ترامب العربيد لا يكلف نفسه ان يراعي حتى الظاهر عندما يخاطب بعض زعماء البلدان العربية ، فهو يخاطبهم بلغة مذلة ومشينة الى درجة لا تحتمل ، والملفت ايضا ان هؤلاء الزعماء لا يلوذون للصمت ازاء كل هذا الكم الهائل من الاهانات ، بل يظهرون مباشرة بعد كل اهانة ليقولوا انهم يتقبلون اهانات ترامب لأنها ليس سوى نقد من صديق.
انه من الصعب فهم كيف يمكن ان تفتح دول خزائنها لينهب منها ترامب ما يشاء وبذرائع شتى ، ولكن يمكن ان نضع هذا الموقف في اطار من يسوق له ترامب من هذه الأموال ليست منة من هذه الدول على امريكا بل هي بدل حماية! ، ولكن ان يصل تبجح ترامب الى حد سلب هذه الدول حتى سيادتها واستقلالها وامتلاك قرارها.
يوما بعد يوم يتبين وبشكل فظيع ان علاقة هذه الدول ، بدول العالم الأخرى وازاء مختلف القضايا الاقليمية والعالمية ، يتم رسمها في واشنطن ، دون أن تكون لهذه الدول ارادة على الرفض وحتى الاعتراض ، فالعالم اجمع شهد الاندفاعة الخليجية نحو اعادة العلاقات مع سوريا بعد هزيمة المشروع الصهيو -امريكي التكفيري الرجعي هناك ، فقد فتحت الإمارات والبحرين سفارتيهما في دمشق ،وكانت السعودية على وشك ان تلحقهما ، وفجأة توقف كل شيء ، واخذ بعض مسؤولي هذه الدول بالحديث عن ضرورة التريث والصبر حتى تضع الحرب اوزارها في سوريا.
حقيقة القرار الخليجي المفاجئ كشفت عنه صحيفة “واشنطن بوست” الأمريكية، قبل ايام عندما اكدت ان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب وجه تهديدات خطيرة لملوك وامراء ومشايخ الدول الخليجية ، فيما يخص إعادة فتح سفارتها بدمشق، ونقلت الصحيفة عن دبلوماسيين أمريكيين قولهم إن جهود الدول العربية لإعادة الاندماج مع الحكومة السورية، توقفت بصورة كبيرة، كما تراجعت هذه الدول عن مواقفها من اعادة اعمار سوريا .
الصادم أن مسؤولي بعض الدول الخليجية اعتبروا في البداية ، ان عودتهم الى دمشق تصب في صالح دولهم والمنطقة ، ولكن “حليفهم” ترامب لا يعير اي اهمية لمصالح هذه الدول ، بل هو لا يرى سوى مصلحة واحدة في افقه ، وهي مصلحة “اسرائيل” ، حيث اكدت صحيفة “واشنطن بوست” نقلا عن دبلوماسيين امريكيين ، على ان سبب ضغط ترامب على الدول الخليجية للانسحاب من سوريا ، جاء من اجل ممارسة الضغط على الحكومة السورية لإخراج المقاتلين التابعين لمحور المقاومة من سوريا ، لانهم ببساطة يعرضون “امن اسرائيل” للخطر في حال بقائهم في سوريا.
مسلسل الصدمات لا يتوقف، في اطار العلاقة بين امريكا وبعض العرب الى هذا الحد، فالصدمة الكبرى جاءت هذه المرة من العاصمة الاردنية عمان ، عندما دعا رؤساء بعض البرلمانات العربية في المؤتمر الذي جمعهم هناك قبل ايام ، الى مراجعة صياغة البند الثالث عشر للمؤتمر، المتعلق برفض التطبيع مع “إسرائيل” !! .
الصادم ايضا أن المؤتمر التاسع والعشرين للاتحاد البرلماني العربي الذي عقد في الأردن ، رغم انه حمل عنوان “القدس العاصمة الأبدية لدولة فلسطين” ، الا انه لم يكن هناك من ينتظر اي اشادة من المؤتمرين بالمقاومة والمقاومين ضد “اسرائيل” ، ولا ادانة للركض العربي نحو التطبيع مع “اسرائيل” ، ولا اشارة لطرد سفراء “اسرائيل” من العواصم العربية ، ولكن ان يرفض بعض المؤتمرين العرب دعوات رفض التطبيع مع “اسرائيل”!! ، فعلى حال الحرب يجب أن تبكي البواكي.