الثائرة الأولى والقدوة الأسمى
كتبت / سعاد الشامي
عبر التاريخ ومن خلال سلم الأحداث المتدرج والمتعرج ،، تنطلق ثائرة المشاعر المتدفقة بالقيم الإيمانية ومن شعاع القلب المزدهر بالطهر الذي لايرتفع إلى مستواه بقية البشر،، من هنا أتقدت جذوة الثورة الفاطمية ،، وتفجرت ينابيع الإنتصار للحق والاندفاع في سبيله والتي لايعارضها ضعف أو تردد ،، مادام انها أستمدت سلطتها من السماء ،، وكانت قائدتها هي الزكية النقية ،، زهراء النبوة وبتول الولاية وهالة النور المشعة ومثال العصمة،، والتي كتبت أهدافها بمداد الخلود على صفحات النضال الثوري الذي يهز العواطف ويهيمن على القلوب .
لقد كانت السيدة الطاهرة الزهراء عليها السلام الثائرة الأولى في وجه الإنحراف الديني والتآمر السياسي الذي سيطر على الحكم ومقدرات الأمة ،، فلم تكن القضية كما يروج لها الكثير مقتصرة على ملك أو ميراث أو سلطة بل كانت قضية إسلام محمدي اصيل وإسلام آخر جديد مشوه وإيمان نقي وبذور نفاق تجد طريقها الى القلوب وحق بيّن وباطل يستبين سبيله ليظهر جليا ،، وكيف لمن نشئت في منبت النبوة ،، وأكتسبت مبادئها من أنفاس الزكاء المحمدي ،، وترعرعت تحت ظلال الوحي ،، وتزودت من معين السماء ،،أن تصمت وتغض الطرف او أن تتحاور مشاعرها مع لغة المقاييس المادية ،، كيف لها ان تجد طريقا سوى الثورة ؟ فثارت … ثارت لترسخ قواعد دين ابيها الذي يصون الكرامة الإنسانية ويحافظ على حقوق العباد وكانت خطبتها على منبر ابيها بعد التحاقه بالرفيق الأعلى بمثابة البيان الأول للثورة التصحيحية للعودة الى مسار النبوة وكان أفضل سلاح تتسلح به امرأة في ظروف كظروف الزهراء عليها السلام.
إن مسؤولية الدفاع عن دين الله ونصرة الحق وأقامة العدل لاتقتصر على الرجال وحسب ولكنها مسؤولية جماعية تخص الرجال والنساء على حد سواء وإن تعددت الادوار وتنوعت المهام وإلا لما كان الله عز وجل قائلا في محكم كتابه( والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر ويقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة ويطيعون الله ورسوله أولئك سيرحمهم الله أن الله عزيز حكيم ) ،، ولما كانت سيدة نساء الجنة ،، المتبلتة إلى ربها وأم أبيها هي اولى الثائرات في مواجهة تحديات الواقع الإيماني والديني ،، بعد أن أكتسبت حكمة مقارعة الظلم والجبروت من خلال معاصرتها لتلك الظروف العصية في مشوار جهادها مع أبيها وزوجها بكل مالاقوه من لب المعانات مع قوى الشرك والأجرام في سبيل نشر هدي الله وإبلاغ رسالة السماء ،، فماهان عليها وهي بنت محمد وقد أجتمعت لها امكانيات الثورة ومؤهلات المعارضة أن تقف عاجزة دون السعي لحماية دينها وأقامة دورة الحياة الإنسانية على مقايس العدل الألهي .
لقد ضربت الزهراء عليها السلام اروع الأمثلة في رفض الجور وتثبيت دعائم الدين ومنع الخروج عن احكام الله ،، ولم يكن حبا في حطام الدنيا بل جهادا وتجسيدا للتمسك بنهج القرآن ومبادئ الفرقان وأحكام الرحمن وفضحا لمن ينسب الى النبي صلى الله عليه وعلى آله ما ليس منه ،، وجعلت من موقفها قدوة حسنة لكل نساء الأمة في مواجهة كل التحديات ،،ليقتدين بها ويدركن مسؤوليتهن العظيمة ودورهن الكبير في الجهاد والدفاع عن سلامة هذا الدين.
هذا الموقف الثوري لقدوة النساء المؤمنات الزهراء عليها السلام ،، هو ما جسدته المرأة اليمنية وخلدته بمواقفها العظيمة خلال اربعة اعوام من العدوان الاجرامي على شعبنا ووطننا ،، ولذلك فلا غرابة أن نرى المرأة اليمنية تصنع مواقف عظيمة لم ير العالم مثيلا لها في مواجهة الظلم والطغيان ضد جبابرة الشر والعدوان في هذا الزمان ،، وهي متجلدة بالصبر والثبات ،، ومتسلحة بالايمان والصمود ،، ومضحية بفلذة الاكباد ومهجة الفؤاد ،، وباذلة الغالي والنفيس في سبيل نصرة دينها وعدالة قضيتها ومظلومية شعبها ،، بعد ان نسجت من سيرة الزهراء شعاع الإقتداء النوراني الذي يضيء لها طريقها في الدنيا ويصلها إلى مجاورة البتول في الجنة ،، فسلام الله على الزهراء وعلى نهجها وثورتها وعلى السائرات في دروبها.