مصدّر أول للنفط وشعبه يطلب اللجوء!!
يمانيون//
أعلنت منظمة العفو الدولية مؤخرا أن أعداد السعوديين المتقدمين بطلبات لجوء على مستوى العالم آخذة في الزيادة، معتبرة ذلك مؤشرا على تدهور الحريات في السعودية فانضمام دولة مثل السعودية إلى قوائم الدول التي يهرب منها مواطنوها خصوصاً في السنوات الخمس الماضية، يطرح العديد من علامات الاستفهام حول ما يجرى في البلد الذي يعد من أثرى دول العالم والمصدر الأول للنفط.
وقال متحدث باسم منظمة العفو الدولية لوكالة الأنباء الألمانية إن عدد هؤلاء السعوديين تضاعف ثلاث مرات في عام 2017، مشيرا إلى “أن العدد المتنامي لطالبي اللجوء السعوديين وقمع ناشطين ومنتقدين للحكومة، يعد علامة تحذيرية لوضع حرية الرأي في المملكة”.
كما اشارت قناة “سي.أن.أن” الأميركية إن طلب اللجوء في الخارج صار غاية منشودة لكثير من السعوديين بسبب حملة ولي العهد محمد بن سلمان لقمع المعارضة في المملكة، وفقا لما نقلته عن ناشطين ومحللين.
واقتبست الشبكة -من أحدث بيانات منشورة لمفوضية الأمم المتحدة العليا لشؤون اللاجئين- أن عدد اللاجئين وطالبي اللجوء السعوديين عام 2017 بلغ 2392 شخصا، بعدما ظلت الأرقام تتذبذب ارتفاعا وانخفاضا منذ عام 1993 الذي كانت حصيلته سبعة أشخاص فقط.
وتظهر البيانات أن خمسة بلدان استضافت غالبية اللاجئين وطالبي اللجوء السعوديين عام 2017، وهي الولايات المتحدة (1143 شخصا) وكندا (453) وأستراليا (191) والمملكة المتحدة (184) وألمانيا (147).
وأشارت “سي.أن.أن” إلى أن أشد ارتفاع بعدد اللاجئين وطالبي اللجوء السعوديين حدث بعد 2015 وهي السنة التي برز فيها بن سلمان في المشهد السياسي بالمملكة.
وقال آدم كوغل الباحث بمنظمة هيومن رايتس ووتش المختص بالشرق الأوسط “هناك أشخاص يفرون من القمع السياسي، وهذا يمكن ربطه بسهولة شديدة بمحمد بن سلمان وما فعله. وأعتقد أن الرقم الذي تراه هنا (عدد اللاجئين) يعكس ذلك”.
وقبل نحو شهر، قالت مجلة إيكونوميست البريطانية إن طلبات اللجوء التي تسجلها المفوضية لا تعكس الحقيقة كاملة، إذ إن طلب اللجوء خطوة لا يجرؤ على اتخاذها الكثير من السعوديين غير الراضين عن أوضاعهم أو الأوضاع داخل المملكة.
وتستدل المجلة على ما ذكرته بحالة الصحفي السعودي جمال خاشقجي، فهو لم يطلب اللجوء لأنه لم يكن يرى نفسه معارضا للنظام السعودي، ولكنه هرب إلى الولايات المتحدة خوفا على نفسه من الأذى بسبب كتاباته المنتقدة لبعض سياسات بلده، ومع ذلك فقد تمت تصفيته بطريقة وحشية في قنصلية بلاده بإسطنبول في أكتوبر/تشرين الثاني 2018.
وتعتبر هروب الفتاة السعودية رهف محمد القنون (20 عاماً) من بلادها إلى تايلاند، الأبرز بين القضايا التي تفضح التسلط في المملكة، وانتشرت مؤخراً، بدأت بهروبها من أسرتها التي كانت في زيارة إلى دولة الكويت، وتوجهها إلى أستراليا عبر رحلة جوية كانت أولى محطاتها في مطار بانكوك الدولي الذي وصلت إليه في (6 يناير)، قبل أن تمنحها كندا حق اللجوء.
وما يجعل قضية رهف القنون حالة غير استثنائية، هو إقدام طالبات سعوديات ناشطات في مواقع التواصل الاجتماعي على إطلاق وسم عبر منصة “تويتر” حمل عنوان “#اسقطو_الولايه_ولا_كلنا_بنهاجر”.
ومن خلال الوسم الذي تصدر قائمة أكثر الوسوم انتشاراً؛ مسجلاً أكثر من عشرة آلاف تغريدة، عبرن عن المعاناة التي تمر بها المرأة السعودية.
وعلى خطى رهف فرت سعوديتان جديدتان لهونغ كونغ في سبتمبر/أيلول الماضي خلال عطلة عائلية في سريلانكا “بسبب ممارسة والدهما وأشقائهما عنفاً جسدياً عليهما”. وكانتا تخططان للسفر إلى أستراليا، لكنهما قالتا إن مسؤولين سعوديين حاولوا اعتراضهما في هونغ كونغ، وصادروا جوازي سفرهما وحاولوا إصعادهما على متن إحدى الطائرات المتجهة إلى السعودية.
وقال مركز العدالة بهونغ كونغ إن جمعية تعنى بالدفاع عن حقوق المهاجرين تقدم المساعدة لريم وروان، وإن الشقيقتين هربتا من “عنف مرتكب على أساس الجنس”.
كما كشف تقرير أعدته قناة “DW” الألمانية ونشرته الثلاثاء (19 فبراير 2019)، عن أن اللاجئات السعوديات اللواتي يتعرضن لتهديد مستمر من أهاليهن يعتقدن أن السفارة السعودية وراء ذلك التهديد.
وبحسب بيانات وزارة الداخلية الألمانية، تم في بداية فبراير 2019 تسجيل 146 لاجئاً من السعودية في ولاية “سكسونيا أنهالت”، منهم 97 لاجئاً حصلوا على حق الإقامة، ولكن لا يمكنهم تغيير أماكن إقامتهم.
فئة الشباب السعودي هي الأخرى تمر بظروف اجتماعية حرجة؛ تجلى ذلك بوضوح في أغسطس من العام الماضي، حين أعلن 20 طالباً سعودياً يدرسون في كندا عن رغبتهم في اللجوء السياسي.
إعلان الشباب جاء على إثر خلاف سياسي بين الرياض وأوتاوا؛ بعد إعلان الأخيرة عن قلقها إزاء اعتقالات نشطاء المجتمع المدني وحقوق المرأة في السعودية؛ وهو ما دفع السعودية إلى مطالبة رعاياها بمغادرة الأراضي الكندية، لكن الطلاب العشرين فضلوا التمرد على أوامر قيادتهم، وإن كان ثمن ذلك النفي الاختياري عن الوطن والبعد عن الأهل.
وكثفت السلطات السعودية، في ظل ولي العهد محمد بن سلمان، حملة قمع منسقة ضد المعارضين والناشطين ورجال الدين المستقلين. في 2018، امتد هذا القمع إلى المدافعات والمدافعين البارزين عن حقوق المرأة في البلاد ممن دعوا إلى إنهاء نظام ولاية الرجل. في 15 مايو/أيار، قبل أسابيع من رفع السلطات السعودية الحظر المفروض على قيادة النساء في 24 يونيو/حزيران، بدأت السلطات باعتقال ناشطات حقوق المرأة البارزات، واتهمت العديد منهن بجرائم خطيرة مثل الخيانة التي يبدو أنها مرتبطة مباشرة بنشاطهن.
بحلول نوفمبر/تشرين الثاني، كانت لا تزال 10 نساء على الأقل محتجزات دون تهمة، رغم أن بعض التهم المنتظرة قد تشمل أحكاما بالسجن حتى 20 عاما. بدأت منظمات حقوق الإنسان في نوفمبر/تشرين الثاني بالإبلاغ أن المحققين السعوديين عذبوا 4 من النساء على الأقل، بما شمل الصعق بالصدمات الكهربائية، الجلد على الفخذين، والتحرش بهن والاعتداء عليهن جنسيا.
واستهجنت المنظمات الحقوقية والدولية ممارسات القمع التي اتخذت باسم “الإصلاحات” في السعودية الأمر الذي ولّد حالة احتقان وترقب داخل المجتمع، حتى أمراء الأسرة الحاكمة لم يسلموا منها، وبات العديد منهم يفضلون العيش خارج بلادهم؛ خشية على حريتهم بعدى اعتقال أقران لهم في فندق الريتز كارلتون.
وقالت الكاتبة السعودية ريم سليمان التي هربت الى هولندا للجزيرة أن “معاقبة الناشطات السعوديات في الفترة نفسها التي تشهد فيها السعودية انفتاحا غير مسبوق حيث سمح بالاختلاط وإقامة الحفلات والمهرجانات وأشياء من هذا القبيل؛ وهو انفتاح لما يريده بن سلمان بدليل أن القضايا التي تتعلق بحقوق المرأة وحقوق الإنسان تتجه نحو الأسوأ، وتعيش المملكة حاليا حقبة قمع لم تشهدها منذ تأسيسها”.
ولعل الصحفي السعودي جمال خاشقجي، الذي قتل في قنصلية بلاده في أكتوبر 2018، على يد فريق استخباري متخصص مرتبط بمكتب ولي العهد، بحسب اعتراف الرياض، كان أكثر الأشخاص جرأة وقدرة على التعبير عن أوضاع المملكة، وكيف تحولت إلى مملكة للخوف.
ويرى مراقبون أن إقدام السلطات السعودية على اغتيال خاشقجي كان كاشفاً للأوضاع والتحولات التي يمر بها المجتمع، ولم تكن رهف القنون لتجرؤ على ما أقدمت عليه قبل تلك الحادثة؛ فهي وظفت السخط الدولي ضد المملكة في تحقيق غايتها، ولم يكلفها الأمر سوى بضع تغريدات عبر “تويتر” كانت كفيلة بتوفير الحماية الدولية لها.
ان سياسة التسلط وتكميم الأفواه، التي يتبناها محمد بن سلمان في إدارة الحكم، تسببت بظهور معارضة باتت تزداد قوتها يوماً بعد آخر وهذا ما يوضحه ظهور بعض المعارضين في القنوات الفضائية ووسائل الإعلام المختلفة، معلنين معارضتهم لحكومة بلادهم دون خوف من العواقب.