الأجهزة الأمنية!
#مصباح_الهمداني
في البلاد العربية ومنها وطني الحبيب؛ تعتبر الأجهزة الأمنية؛ مصدرًا للرعب والخوف، ولي معها قصص عجيبة وغريبة؛ تدمي القلب وتوجع الفؤاد، لن أذكرها هنا فليس هذا مكانها ولا وقتها..لكن الثورات تقلب المشهد رأسًا على عقب، ويكون الانقلاب إلى الأسوأ أو الأفضل..
وحين جاءت ثورة الواحد والعشرين من سبتمبر؛ تحسس كبار الضباط واللصوص رقابهم، وراقبوا أملاكهم بعيون باكية..لكن ما حدث حيَّرَ العالَم، وأربكَ العدو قبل الصديق..فما إن استقرت الأمواج الثائرة، وامتلأت بهم الشوارع والدوائر؛ حتى أرسلوا نداء المسامحة، وصوت العفو…
وكأنَّ صدى صوت النبي محمد صلى الله عليه وآله وسلم، يتردد من جديد حين قال( ما تظنون أني فاعلٌ بكم؟) فيتبادلون النظرات، وقد أدركوا أنَّ سيوفهم تكسرت، وجيوشهم انهارت، وقوتهم خارت، وهزيمتهم جرفت مساكنهم، ووصلت إلى عقر دارهم.. فقالوا ورؤوسهم منكسة وقلوبهم مرتعبه، وأنفسهم خاسئة وذليلة:
أخٌ كريم وابن أخٍ كريم…فيأتيهم الخُلق المحمدي، والسمو النبوي بصوت الطاهر الزكي(اذهبوا فأنتم الطلقاء)..
فيتبادلون نظرات الفرحة الممزوجة بالذل، وكل منهم يتحسس رقبته ، فيصيحون بصوت واحد(أسلمنا..أسلمنا)..وأسلموا ولكن إسلامهم المزيف ظهرت حقيقته بعد موت النبي؛ سيوفًا على الإسلام الطاهر النقي…
تردد نفس الصوت في صنعاء وشعلة الثورة ما تزال حمراء…
ردد العفو حفيد محمد كما ردده جده يوم الفتح، وكنت شخصيًا أحد المقهورين المتألمين لذلك العفو، وكنت أقول لبعض الأصدقاء:
-كيف يعفو القائد عمن علَّق المجاهدين في السجون؟
-كيف يعفو القائد عمَّن أهانوا الأمهات والأخوات على أبواب المعتقلات؟
-كيف يعفو القائد عمَّن أهلكوا الحرث والنسل، ونبشوا البيوت ونهبوا المليارات وبنوا أفخم العمارات وهربوا المليارات.
ويأتي الجواب من كل كبار الثوار:
لكم في فتح مكة درسٌ وعبرة.
واستقر الأمر وسرى الأمن، وأمريكا ونعالها تراقب بهلع، وجُن جنونهم؛ حين رفض القائد عروضهم السخية بأن يكون ملكًا أو رئيسًا لليمن..حينها جاءت الحرب الكونية على الفئة المؤمنة الصغيرة، وما تزال الحرب، ونستقبل العام الخامس، ولم يحقق العالم البذيء إلا الخزي والعار والهزيمة…
وتوهج المارد اليمني بتفوقٍ يعانق الفرقدين في ظل حربٍ كونية؛ ليخرج بصناعة حربية مذهلة ورجال لم يسجل التاريخ مثلهم إلا في مواطن قليلة…
استقر من استقر من جبابرة العهد البائد وهرب من هرب، لكنَّ الثورة لم تُحرق للمستقر بيتًا ولا للهاربِ مزرعةً، ولا للسياحي تجارةً..بل حققت الأمن بدرجةٍ كبيرة، ووصلت إلى الحد الذي أصبحَ كبار المرتزقة يقذفون بعائلاتهم إلى صنعاء، ويعتبرون المناطق(المحرحرة) مناطق خطرة..
لقد تغيرت المنظومة الأمنية تمامًا، وتحولت من مصدر للخوف والرعب قبل الثورة إلى مصدر للأمن والسكينة والاطمئنان، وأصبحت الجرائم التي يغذيها العدوان في سجل الأجهزة قبل وقوع الجريمة، وإن فلتت جريمة من الرصد فإن الجاني يقع في القبضة الأمنية بعد ساعات، وكم هي الحالات التي حقق فيها رجال الأمن السرعة القصوى في القبض على الجناة والشواهد كثيرة جدًا..
هذا التفوق والإخلاص والوفاء؛ أزعج دول الغزو وأربكهم، وخاصة وهم يرون تفوقًا لليمنيين الأحرار في الجبهات والحشد والإمداد والتكافل والصمود والصبر..حينها قذفوا بآخر ما في جرابهم من سوء وسموم، ورصدوا الملايين لتجنيد عشرات العملاء للرذيلة وإسقاط أبناء وبنات كبار الأسر المجاهدة في حبال الرذيلة والابتزاز.. وقد كتبت عن هذا منذ أشهر تقريبًا، وكنت أظن أن الأجهزة لم تأخذ الأمر بعين الاعتبار..
لكن الأجهزة الواعية برجالها العظماء؛ كانوا لا يغلقون عينًا إلا ويفتحون أخرى، حتى أسقطوا كل الشبكات، وأمسكوا بكل أرباب الموبقات، وتسلسل الخيط المتصل، حتى وصل نباح المتضررين إلى عمَّان والقاهرة والرياض.
لقد كانت آخر خطة في مخطط مدن الرقص والدعارة..وكانت الأجهزة بعظمائها الشباب الثوار تلف حبال اليقظة على آمال الحثالة الخائبة.
وختامًا؛ سنسجل حبنا وإعجابنا وتقديرنا وامتناننا لأجهزتنا الأمنية المتفوقة، وسنقدم النصح لبعض التصرفات الفردية النادرة، ولن ننسى سهرهم وجهدهم وتفانيهم وتضحيتهم وشجاعتهم ومهنيتهم وإخلاصهم في حب الوطن والمواطن وتحقيق الأمن والأمان بنسبة تتفوق على بلاد الغرب في كل المحافظات الحُرة.
فلا تنسوا حين تمروا من نقاطهم الأمنية أن تشكروهم وتعبروا لهم عن حبكم وامتنانكم فهم العين الساهرة لحماية الداخل..
ولا يقلون منزلةً؛ عن رجال البطش بعملاء الخارج؛ في الجبهات.