مأرب معلما

بقلم / ابراهيم الحكيم

مأرب الحرة الشماء، تلقن ثلة الأدعياء وحثالة الأعداء في تحالف الإثم والعدوان السعودي على اليمن، دروسا صارمة في الإباء وعزة وأنفة اليمنيين الشرفاء، وتسجل مواقف قاصمة لمآربه الوقحة، وتسخر من لافتاته الضحلة، وتعف أمواله العفنة، وتقدم النبأ اليقين في معنى ومبنى الوطنية وانفصامهما المطلق عن العمالة.

مأرب تعلم تحالف الإثم والعدوان الجبناء، وأعوانه العملاء ومرتزقته اللقطاء، دروسا في شرف الانتماء وصدق الولاء ومروءة النبلاء ونخوة الأصلاء، وتجلٍّ بلا أي شبهة مراء الفارق الشاسع بين مقاومة عدوان على الوطن وحثالته ومقاولة تدمير الوطن ومقدراته وبين النبالة والنخاسة، والشجاعة والنذالة.

مأرب أشقيت ببث فتن نزعات تنازع حاضرها وأنهكت بثارات صراعات، صرع ماضيها ومستقبلها، وظلمت كغيرها – وربما أكثر- بجناية بعض أبنائها المتكلمين باسمها، المتاجرين بآلامها والمرابحين بآمالها، ولعلها حرمت الكثير من احتياجاتها، لكنها تفرق بين الاختلاف مع إدارة وطن والخلاف مع الوطن.

مأرب بموقفها الصريح من تحالف الإثم والعدوان السعودي ومن قوات مرتزقته الغازية، تعيد الاعتبار لاسم وصفة “المقاومة” في زمن جائحة الزيف والافتراء وعاصفة فسخ القيم ومسخ الذمم، وإعصار التحوير والتغرير بزعم التنوير والتغيير، وفيضان التثوير والتدمير بزعم التطوير والتعمير!.

مأرب التي تصنف “أمية” وتنعت “بدائية” وتوصف “قبلية”، تتفوق على أجداد “الثقافة” وأولاد “الحداثة” وأحفاد “المدنية” وأحرار “الثورة والتغيير” ودعاة “الهبة والتحرير” وأدعياء “فقه الضرورات” ومنظري “سنن الأولويات” ونافخي “كير النعرات” الجهوية والمناطقية والمذهبية، وعرتهم كافة!.

تداعي مشايخ وأبناء مأرب بداعي الشرف لا التلف، ودعوتهم الجميع بلا استثناء إلى صلح يمني عام وعهد وطني تام بحماية محافظتهم، ورفض تحويلها مسرحا لمليشيا “مقاولة” السلاح والمال وجسرا لقوات مرتزقة الغزو والاحتلال.. فعل ذلك وأصاب مآرب تحالف الإثم والعدوان السعودي وأعوانه بمقتل.

مأرب.. “المظلومة” و”المحرومة”، “المنسية” و”المقصية”، تؤكد أنها مع ذلك يمنية أولا وأسمى وأنقى، وأوعى وأدرى، بأن الرشد بين والغي أبين، والحق ساطع وبيانه ناصع ليستضيه الحليم والعديم ويتعظ به اللئيم والذميم، ولسان حالها: الباطل لجلج والحق أبلج.. وهكذا هم الكبار يظلون كبارا، والصغار يظلون صغارا.