نازحو صعدة.. مُعاناة لا تنتهي وأعباء جمَّة لا تتوقف
يمانيون:
على مدى أكثر من خمسة شهور مضت منذ بداية العدوان الخارجي على بلادنا ونازحو صعدة في العاصمة صنعاء وعدد من المحافظات يعانون أشد المعاناة بعد أن أجبرهم العدوان والقصف الجوي المكثف الذي أحال محافظة صعدة إلى أطلال وخرائب على مغادرة منازلهم وقراهم ومدنهم والنزوح بأسرهم وعائلاتهم مئات الكيلو مترات جنوباً وغرباً بحثاً عن الأمان وهرباً من الموت المحتوم بالصواريخ والقنابل ومع استقرارهم المؤقت في العاصمة وبعض المدن التهامية والوسطى فوجئوا بأن المنظمات الدولية والمحلية والجهات الخيرية لم تبادر لتقديم أي مساعدة كانت للتخفيف من معاناتهم ومصابهم الفادح وحتمت عليهم البحث عن المأوى وتحمل تكاليف إيجارات المساكن وتكاليف المعيشة وتكاليف الرعاية الصحية التي أثقلت كاهلهم وخلقت حالات من العوز لدى غالبية الأسر النازحة وأبرزت معاناة إنسانية واضحة في ظل تجاهل الجميع وعدم التفاف المنظمات الإنسانية المختلفة لواقعهم الصعب والمعقد وظروفهم القاهرة.
وخلال نزول ميداني لـ”الثورة” لعدد من مراكز وتجمعات النازحين في بعض أحياء العاصمة انتهزت الفرصة للتعرف على واقع وظروف النازحين من محافظة صعدة وحجم الأضرار التي لحقت بهم جراء العدوان الذي اجتمعت فيه قوى البغي والظلم الحاقدة على اليمن والتي استهدفت محافظة صعدة بوجه خاص قرية قرية ومدينة مدينة ومديرية مديرية على مدى أكثر من خمسة شهور مضت لتجعل من محافظة صعدة محافظة منكوبة وتحتم نزوح أبنائها إلى عدة محافظات مجاورة… حصيلة اللقاءات في الأسطر التالية:
العلامة يحيى صلاح الهاشمي مدينة صعدة تحدث بقوله: في البداية نحمد الله تعالى على كل حال ونرضى بما قدره وأمضاه ونسأله اللطف والعون وأن يعين الجميع على تحمل هذه الظروف الصعبة التي نعيشها اليوم والتي هي نتاج العدوان الهمجي السافر على بلادنا الهادف لتركيع اليمن وتجويع أبنائه وتدمير مقدراته وممتلكاته والواقع أن هذا العدوان استهدف اليمن كله من أقصاه إلى أدناه من صعدة إلى عدن ومن الحديدة إلى حضرموت بفعل الهيمنة والغطرسة والاستقواء على الآخرين ودمرت مراعاة لحقوق الجوار والإخاء والعقيدة والدم وكان لمحافظة صعدة نصيب كبير من العدوان والقصف الهمجي ونصيب أكبر من الدمار والخراب في الممتلكات الخاصة والعامة ومشاريع الخدمات في محاولة للقضاء على الحرث والنسل وتدمير مقومات الحياة هذه هي إرادتهم لكن الله لا يرضى بهذا والله سبحانه وتعالى يفعل ما يشاء وهو القاهر فوق عباده والظلم عواقبه وخيمه.
معاناة وأضرار
ويستأنف العلامة الهاشمي حديثه قائلاً: أوضاع صعدة مأساوية والدمار والخراب طال كل منطقة وقرية ومدينة وآلاف العائلات دمرت جزئياً أو كلياً ونزحت إلى خارج المحافظة تاركة أرضها وأموالها وممتلكاتها ومصالحها بحثا عن أماكن آمنة تلوذ بها، ونحن في مدينة رحبان القريبة من مدينة صعدة طالتنا أعمال القصف الهمجي ودمرت كثيرا من المنازل والدور حيث دمرت ستة منازل لآل الهاشمي وأربعة منازل لآل المتميز وأربعة منازل لآل الحشحوش وغير ذلك وأغلبية الناس نزحوا إلى مناطق مختلفة منها العاصمة صنعاء وغالبية النازحين توقفت مصادر الدخل لديهم وتركوا كل مصالحهم وأعمالهم خلفهم ولم يتح لهم نقل أمتعتهم واحتياجاتهم بحيث إن الغالبية لم يحملوا معهم سوى الملابس وواجهتهم منذ نزوحهم مشاكل وأعباء البحث عن السكن وتكاليف رعاية الأسر وإعالتها وشراء المتطلبات والأثاث واحتياجات كثيرة، وهناك أسر تمكنت بعض الشيء من تجاوز الأزمة بصعوبة واستيعاب الاحتياجات الضرورية لكنَّ هناك أسراً أكبر وأكثر تضرراً بصورة واضحة تركت ما معها وراء ظهرها في صعدة ولم تتمكن من مواجهة المتطلبات الكثيرة وتكاليف المعيشة كون ظروفها صعبة أصلاً أو محدودة في الوقت الذي لم يقدم أحد يد العون والمساعدة والرعاية لهؤلاء النازحين بما في ذلك المنظمات الإنسانية والخيرية باستثناء مساعدات طفيفة وبسيطة حصلت عليها بعض الأسر النازحة من خلال جمعية المسيرة الخيرية اعتماداً على ما قدمته بعض الجهات وفاعلى الخير من مساعدات، ونناشد كل الجهات والمنظمات الإنسانية والخيرية المبادرة لتقديم الممكن من المساعدة والعون لنازحي صعدة “وما تقدموا لأنفسكم من خير تجدوه عند الله خيراً وأعظم أجراً” والله الموفق.
استهداف الطرق
الأخ إسماعيل عوض ضيف -من مدينة النظير رازح- تحدث بقوله: منذ بداية العدوان ومدينة النظير الآهلة بالسكان هدف للقصف الجوي والضرب المدفعي ومختلف أسلحة الدمار نظراً لموقعها المتماس مع الحدود وخلال الفترة الأولى من العدوان تم إطلاق قرابة 35 صاروخا على النظير وتم قصف الطرق الرئيسية بين رازح وصعدة ورازح وحرض واستهداف الشاحنات والسيارات المحملة بالمواد الغذائية ومن ثم قطع هذه الطرق ووصلت تكلفة الركوب للشخص الواحد على السيارة إلى حرض المجاورة إلى 2000 ريال خلال شهر رمضان المنصرم، وأضحت الظروف صعبة جداً ولا يحصل الناس على المواد الغذائية والوقود بينما استمر القصف والذي حتم على كثير من الأسر النزوح إلى العاصمة وحرض وشفر وعمران ولم يتمكنوا من أخذ سوى الملابس وبعض الاحتياجات البسيطة والأثاث وتركوا وراءهم المزارع والمحلات ومصادر الدخل المعتادة وحاولوا الاستقرار في المناطق التي نزحوا إليها وإيجاد المساكن لهم اعتمادا على بعض المدخرات ولكن للأسف الغالبية يواجهون مصاعب وحالة عوز شديدة وظروفا صعبة وقاهرة تمنعهم من توفير وتلبية أبسط الاحتياجات والمتطلبات الضرورية، والمؤسف أكثر الدور السلبي للمنظمات الإنسانية المعنية بالإغاثة وشئون النازحين والتي لم تقدم لنازحي صعدة أي شيء من الإغاثة والرعاية وكأن الأمر لا يعنيها، ونشكر تلك الجهات وفاعلي الخير الذين قدموا بعض المساعدات الطفيفة والتي وزعت عبر جمعية المسيرة الخيرية الاجتماعية وعبر الثورة نناشد المنظمات الإنسانية والإدارة الفنية للنازحين العمل على ما من شأنه تقديم المساعدة والرعاية لنازحي صعدة خاصة ونحن على أبواب فصل الشتاء.
نزوح جماعي
ومن جانبه تحدث الأخ عارف حسين الخباط رحبان قائلاً: الأضرار التي لحقت بغالبية أبناء محافظة صعدة جراء العدوان الهمجي غير محدودة، فالقصف الجوي للطائرات المعادية دمر الأحياء والتجمعات السكانية وطال المنازل والبيوت والأسواق ومشاريع الخدمات بما فيها خدمات الماء والكهرباء والغاز والمحلات التجارية وتوقفت مقومات الحياة ومصادر الدخل للناس وهذا ما حدا بغالبية أرباب الأسر النزوح بعائلاتهم وأسرهم خارج حدود المحافظة ولم يتمكنوا من أخذ أي أثاث أو أدوات مطبخ أو فرش واحتياجات أخرى وهي حالة هروب جماعية لم تتمكن الأسر سوى من حمل الملابس والأمتعة الشخصية والذي بدوره عزز من حجم المأساة والمعاناة، حيث بدأت هذه الأسر بعد نزوحها مشوارا صعبا من أجل تلبية الاحتياجات وتكاليف المعيشة وأجور السكن بمنأى عن أي دعم أو رعاية من الجهات الخيرية والمنظمات الإنسانية في الوقت الذي بلغت النفوس الحناجر لدى غالبية العائلات والأسر لكثرة الاحتياجات وضيق ذات اليد.
مأساة إنسانية
الأخ عبدالإله السقطي مدينة صعدة تحدث بدوره بالقول: إن الأسر والعائلات النازحة من صعدة على مدى الشهور الخمسة الماضية إلى العاصمة صنعاء وبعض المحافظات المجاورة لم يتمكن مطلقاً من نقل الأثاث والأمتعة وموجودات المنازل سواء الذين نزحوا في بداية العدوان أو خلال رمضان أو بعده نظراً لاستمرار القصف على غالبية مدن ومديريات محافظة صعدة ونظراً للدمار في خطوط الطرق وتدمير الجسور والمخاطر في الطريق وهذا كلف النازحين مبالغ كبيرة في توفير الأثاث والاحتياجات اللازمة، ومن جهة أخرى خلق قلقا لديهم على ممتلكات المنازل في صعدة وبالذات المتضررة والسليمة منها وغير المدمرة حتى الآن.
وحقيقة أن العدوان الهمجي الحاقد على صعدة خلق مأساة إنسانية كبيرة لدى الجميع وتضرر الكل بدون استثناء حتى الذين لم تتعرض منازلهم ومحلاتهم للدمار فإنهم أضحوا نازحين ومشردين تعطلت مصالحهم وأعمالهم وتوقفت مصادر الدخل لديهم ويعانون الأمرين في توفير متطلبات وتكاليف المعيشة والسكن والرعاية الصحية.. والذي خلق حالة إحباط لدى الجميع وعزز ذلك تجاهل الجميع لمعاناتهم ومأساتهم بما في ذلك المنظمات الإنسانية والخيرية التي تتجاهل ظروف هؤلاء النازحين، ولا يسعنا إلا أن نقول “حسبنا الله ونعم الوكيل ولا حول ولا قوة إلا بالله العظيم”.
قصف مستمر
ومن نازحي مديرية رازح تحدث الأخ طيب سلمان قائلاً: المناطق والمديريات الحدودية في محافظة صعدة تعرضت لقصف شديد ومستمر طال فيه الأبرياء من المواطنين وفي النظير ضرب أحد المنازل ولقي “15” شخصاً حتفهم وهناك عدة حالات مماثلة وهذا ما حتم نزوحنا إلى العاصمة والبعض نزحوا إلى عمران وظروف النازحين صعبة للغاية لا عناية طبية أو مساعدات غذائية تقدم لهم وظروفهم قاهرة ومعاناتهم ليس لها حد، إذ لا مساعدات للنازحين والمنظمات الخاصة بالإغاثة والرعاية الصحية لا تقدم شيئا.. وليس بوسعنا إلا أن نقول حسبنا الله ونعم الوكيل.
دور منظمات
الأخ علي محمد الجعواني -منطقة مران مديرية حيدان- تحدث بقوله: المناطق المحاذية للحدود خاصة القاطع الغربي من محافظة صعدة تعرضت لقصف عنيف وعدوان متواصل طوال الشهور الماضية وحجم الأضرار والدمار كبير جداً، خصوصاً في مناطق مران وحيدان ورازح وبالتالي حجم النزوح كبير جداً وغالبية النازحين دمرت منازلهم ومشاريع الخدمات حيث استهدفت المدارس ومشاريع المياه ومحطات الكهرباء وخطوط الطرق وواجه النازحون مشاكل وصعوبات ومعاناة في الخروج من مناطقهم مع أسرهم بسبب قلة وسائل النقل والدمار الذي لحق بالطرقات ومخاوف الطريق، والمؤسف أن النازحين لم يحظوا بأي رعاية أو دعم إنساني لتخفيف حجم المعاناة والأعباء التي تواجههم من أي جهات خيرية أو منظمات إنسانية إذ ليس هناك أي مواد إغاثية أو خدمات للرعاية الصحية واللافت للنظر الدور المفقود لمنظمات الإغاثة والرعاية الصحية والمهتمة بشئون النازحين حيث ما يزال دور هذه المنظمات غائب ولا تقدم أي دعم للأسر النازحة من محافظة صعدة وليس لها حضور مطلقاً، ونناشد هذه الجهات والمنظمات القيام بدورها وواجبها الإنساني حيال النازحين الذين يعانون جراء الظروف الصعبة التي فرضتها عليهم الأحداث والتطورات والعدوان الخارجي على البلاد.