هاآرتس الإسرائيلية: “صفقة القرن” قد تعيش أو تموت فى القاهرة
يمانيون../
قال الكاتب الإسرائيلي “تسفي برئيل”، إنه على النقيض من السعوديين، تصر مصر على أن تكون “القدس الشرقية” هي عاصمة فلسطين، مما يجعل من الواضح أن هناك “خطة اقتصادية” لغزة، ليست بديلة عن “خطة دبلوماسية” يقبلها الفلسطنينون.
وأضاف الكاتب أنَّ “صائب عريقات”، كبير المفاوضين الفلسطينيين، ليس لديه أدنى شك حول الهدف الأمريكي وراء تنفيذ “صفقة القرن”. ووفقًا لتصريحات عريقات للصحف نهاية الأسبوع فإنَّ “هدف صفقة القرن إسقاط القيادة الفلسطينية واستبدال محمود عباس”.
وذكر الكاتب الإسرائيلي أن عريقات على يقين أنَّ الأمريكيين يخططون لتجاوز وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين “الأونروا”، بحيث تذهب الأموال المخصَّصة للآجئين مباشرة إلى الدول التي تستضيفهم، وشيئًا فشيئًا يُسحَب البساط من تحت أقدام “أزمة اللاجئين الفلسطينيين”، التي تعدّ واحدة من أصعب القضايا فى الصراع الفلسطيني-الإسرائيلي.
ولفت الكاتب إلى أنَّه وفقًا لتصريحات مسؤول كبير فى السلطة الفلسطينية لـ”صحيفة هاآرتس”، فإنَّ “السلطة الفلسطينية تخشى مما يصفه المسؤولون الفلسطينيون بالمؤامرة الإسرائيلية الأمريكية السعودية المصرية، والتي تهدف لشطر غزة عن الضفة الغربية، وتقديم حل اقتصادي لغزة مع تقوية حماس، وبالتالي تجنب المفاوضات الدبلوماسية حول مستقبل الوطن.
وأوضح الكاتب أنه يبدو أنَّ هذا الخوف من قِبل مسؤولي السلطة الفلسطينية له ما يُبرِّره؛ فاستنادًا إلى تقارير وسائل إعلام مصرية، اعتمدت على دبلوماسيين غربيين، فإنَّ الخظة الأمريكية تسعى لإنشاء “منطقة تجارة حرة بين قطاع غزة والعريش فى سيناء؛ حيث سيتم إنشاء خمسة مشاريع صناعية كبيرى”.
وتابع الكاتب أنّه “ووفقًا للطلب الإسرائيلي، سيتم إنشاء هذه المشاريع فى مصر، والتي ستشرف على العمليات ومرور العمال من غزة إلى سيناء، وسيأتي ثلثا العمال من غزة والثلث الباقي من سيناء. وفي وقت لاحق، سيتمّ بناء محطة مشتركة للطاقة بين مصر وفلسطين، ومحطة للطاقة الشمسية، وإذا سارت الأمور كما هو مخطط سيتم بناء مطار.
كما تقضي الخطة الأمريكية أيضًا، وفقا للكاتب الإسرائيلي، ببقاء الحكومة فى غزة تحت سيطرة حماس، ولكن بتنسيق كامل مع مصر، التي أجرت محادثات مكثفة مع حماس حول إجراءات السيطرة على المعابر الحدودية. موضحًا أن مصر، التي فتحت معبر رفح فى منتصف شهر مايو بالتزامن مع شهر رمضان، ستفتح المعابر لمدة شهرين إضافيين حتى عطلة عيد الأضحى، بقصد تركها مفتوحة إلى أجلٍ غير مسمى.
وأكَّد الكاتب أنَّ معبر رفع مفتوح الآن ليس فقط للأشخاص، ولكن للبضائع ومواد البناء، ضد رغبة إسرائيل، وهكذا، فإنَّ ذلك يعدّ رسالة من القاهرة إلى تل أبيب أن سياسة “الإغلاق” على غزة، قد تنهار، إذا لم توافق إسرائيل على جعل الأمور أكثر سهولةً بالنسبة لسكان غزة.
قليل من المصالحة
وبيَّن الكاتب أن فتح المعابر كان رسالة واضحة أيضًا للسلطة الفلسطينية، مفادها أنه إذا استمرَّ الرئيس عباس فى عرقلة المصالحة بين حماس وفتح، فسوف يتم فصل غزة عن الضفة الغربية؛ وسيؤدّي هذا إلى إنهاء عملية توحيد المُكوِّنَيْن الفلسطينييْن؛ الضفة والقطاع.
وتابع الكاتب في مقال بصحيفة “هاآرتس” ترجمته موقع “العدسة” أنه يبدو أنَّ الرسالة المصرية قد سُمِعت؛ فوفقًا لمسؤول كبير فى فتح بالضفة الغربية، يحيى رباح، ستبدأ السلطة الفلسطينية فى دفع رواتب موظفي غزة التي كانت قد علّقتها، وأيضًا بالتنسيق مع مصر، سوف تستأنف محادثات المصالحة بين فتح وحماس؛ بهدف إحياء حكومة الوحدة الوطنية فى غزة.
وفى غضون ذلك، فإنَّ مصر- التي تشغر بشكل خاص بالقلق إزاء التطورات فى غزة- لا تقبل بالمبادرة الأمريكية، حسبما قال الكاتب الإسرائيلي فى مقاله.
ولفت الكاتب إلى أنَّ الرئاسة المصرية أعلنت على لسان المتحدث الرسمي بسام راضي- عقب اجتماع بين الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، ووزير الخارجية سامح شكري ورئيس المخابرات عباس كامل المسؤول عن ملف القضية الفلسطينية جرى يوم الخميس الماضي- أنَّ مصر تدعم جميع الجهود والمبادرات الرامية إلى التوصل إلى اتفاق شامل، يستند إلى القرارات الدولية التي صدرت فى الماضي، ووفقًا لمبدأ دولتين لشعبين فى حدود 1967، مع القدس الشرقية عاصمة للشعب الفلسطيني.
ووفقًا للكاتب فإنَّ بيان الرئاسة المصرية يوضِّح أن القاهرة لا تدعم الفكرة السعودية التي تقترح اختيار قرية “أبو ديس” عاصمة للدولة الفلسطينية، كما توضِّح أيضًا أن خطة اقتصادية لغزة لن تكون بديلًا عن خطة دبلوماسية يقبلها الفلسطينيون.
وأضاف الكاتب أنه وفقًا لتلك المعطيات تقسم مصر العملية إلى قسمين: المساعدة إلى غزة وتطوير اقتصادها كجزء من تعزيز الحدود بينها وبين القطاع، ومفاوضات دبلوماسية شاملة مستقلة عن اقتصاد غزة .
قلق أردني
ولفت الكاتب أن الملك عبدالله العاهل الأردني، والذي التقي أيضًا المبعوثين الأمريكيين “جاريد كوشنر” و”جيسون جرينبلات”، يشعر بقلق كبير، من صفقة القرن، وتحديدًا فيما يتعلق بالنِّيَّة السعودية برفع إشراف الأردن على الأماكن المقدسة في القدس، والتي وُعِدت بها فى اتفاقية السلام الإسرائيلية الأردنية.
وأضاف أن الأردن يشعر أيضًا بالقلق من السيطرة الإسرائيلية على “وادي الأردن” كجزء من اتفاقية سلام، وعلى المدى القصير لا يعارض الأردن تنمية اقتصاد غزة بشكل منفصل، لكنَّه يؤيد الموقف العربي التقليدي بأنَّ غزة والضفة ليستا كيانين منفصلين.
وأكّد الكاتب الإسرائيلي أنَّه، وفقًا لمصادر عربية مطلعة، يبدو أنَّ الملك السعودي سلمان وابنه ولي العهد الأمير محمد، بدورهما يختلفان حول مسألة الفصل؛ ففي حين، يعدّ ولي العهد من المؤيدين المتحمسين للخطة الأمريكية والفصل بين غزة
والضفة، فإنَّ والده يشعر بالقلق من الانتقاد المتوقع إذا تخلّى عن مبادئ مبادرة السلام السعودية عام 2002، بانشطار المشكلة الفلسطينية إلى قسمين والتخلّي عن الموقف المطالب بأنَّ القدس الشرقية عاصمة للفلسطينيين.
قطر وإيران
وقال الكاتب، إنه يبدو أنه صفقة القرن ليست هي فقط مصدرًا للخلاف بين الزعماء العرب، ولكن تصريح الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أنه سيطلب من السعودية والإمارات وقطر تمويل مشاريع جديدة فى غزة، واجهت معارضة شديدة من قبل السعودية والإمارات، وكلاهما أوضح اعتراضه للولايات المتحدة.
وتعتبر كل من الإمارات والسعودية أنَّ مشاركة قطر فى تمويل مشروعات غزة تعني أنَّ إيران ستدخل القطاع من الباب الخلفي، وأبدتا إمكانية للتعامل مع مسألة التمويل بشكل مختلف، عن طريق تقديم كل منهما مليار دولار، بمفردهم إذا وافقت مصر وإسرائيل.
وقد أعلنت الإمارات العام الماضي أنها ترغب فى تخصيص 40 مليون دولار لإنشاء محطة كهرباء، وأنها ستساهم بنحو 15 مليون دولار لتمويل الإدارة فى غزة.
وخلص الكاتب أنَّه فى حين أنَّ الخلاف العربي الأمريكي حول الحل النهائي للقضية الفلسطينية، سوف يجعل إسرائيل تهدي فرصةً بدون قصد، حيث سيتوجب عليها حسم أمرها بشأن غزة، كما أنَّ التركيز على حلٍّ فى غزة عبر المشاريع الاقتصادية سيُحوِّلها إلى قضية إنسانية وليست دبلوماسية، فضلًا أن الجدل السياسي فى إسرائيل قد ينسف هذه الخطوة (حسم الأمر من غزة ) بطريقة تضع إسرائيل فى مواجهة عسكرية مع غزة، بينما تضع إسرائيل فى مواجهة مع واشنطن.